أثار برنامج عُرض على قناة خاصة في الجزائر جدلاً كبيراً في البلاد بشأن شخصية الأمير عبد القادر الجزائري، الذي قاوم الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، وأنهى حياته في منفاه بالعاصمة السورية دمشق.
وقررت السلطات الجزائرية وقف بث قناة "الحياة" مؤقتاً، على خلفية بثها مقابلة مع سياسي معارض، قال فيها إن التاريخ يحكم على الأمير عبد القادر، وزعيم الحركة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي مصالي الحاج، بـ"الخيانة"؛ فيما وصف الرئيس الراحل هواري بومدين بـ"الخبيث"، وبأنه "استولى على السلطة رغم أنه لم يقاتل الاستعمار الفرنسي".
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً كبيراً بشأن تصريحات نور الدين آيت حمودة، نجل العقيد عميروش آيت حمودة، أحد كبار قادة حرب الاستقلال عن فرنسا.
من جهتها، لوّحت وزارة المجاهدين (قدامى المحاربين)، في بيان، برفع دعاوى قضائية ضد "كل من يتجرأ على رموز التاريخ الجزائري".
وفي ظل هذا الجدل، قال مقدّم البرنامج ومدير تلفزيون "الحياة"، هابت حناشي، إن تصريحات آيت حمودة لا تمثل وجهة نظر المؤسسة.
واستند قرار سلطة ضبط السمعي البصري إلى أن "ضيف البرنامج لا يملك الكفاءة اللازمة التي تسمح له بالفصل في حقائق تاريخية، ما جعله يقع في أخطاء وتناقضات مسّت بذاكرة الأمة، في وقت يتهيأ فيه كل الجزائريين للاحتفال بالذكرى الـ59 للاستقلال".
الأمير عبد القادر وفرنسا
آيت حمودة الذي كان نائباً سابقاً في البرلمان، قال في مقابلته إن الأمير عبد القادر (1808-1883)، وبتوقيعه على معاهدة التافنة (التي أنهت القتال مع الجيش الفرنسي) "باع الجزائر لفرنسا"، وأضاف: "بعدما قاتل فرنسا بكل بسالة لنحو 20 عاماً، أصبح فيما بعد صديقها المقرّب، ومدافعاً عنها".
ويعتبر الأمير عبد القادر المولود في عام 1808 مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، إذ حاول توحيد المناطق الجزائرية تحت حكم واحد لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وتمكن من هزم الجيوش الفرنسية، وأُجبرت على توقيع اتفاقيات هدنة أشهرها "معاهدة دي ميشال" و"معاهدة التافنة".
وبعد حرب دامت نحو 20 عاماً، وقع الأمير عبد القادر على معاهدة "التافنة" منهياً الحرب، وسلّم سلاحه عام 1847 في مدينة الغزوات، غرب الجزائر، بعدما خاض 116 معركة، واجه فيها 120 جنرالاً وخمسة ملوك فرنسيين.
وبعد انتقاله إلى منفاه الاختياري في دمشق، نال الأمير عبد القادر شهرة كبيرة، خصوصاً لدى الغرب، بعدما أوقف الاقتتال الطائفي بين الموارنة والدروز، وحمايته لآلاف المسيحيين في منطقة باب تومة بدمشق عام 1860.
وحظي الأمير عبد القادر بإشادة من قادة الولايات المتحدة وملوك فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا، واعتبر من أبرز الشخصيات العالمية دفاعاً عن حقوق الإنسان.