اتخذت الجزائر خطوة جديدة للتخلي التدريجي عن اللغة الفرنسية في التعليم لصالح اللغة الإنجليزية، بعدما أصدرت وزارة التعليم العالي تعليمات إلى الجامعات باتخاذ الترتيبات اللازمة لتعميم الإنجليزية في جميع التخصصات بداية من العام الدراسي المقبل.
وحثت وزارة التعليم العالي عمداء الجامعات والمراكز الجامعية على تشجيع تدريس اللغة الإنجليزية، ووضع خطة تقضي بتدعيمها، والاستمرار في تأهيل الأساتذة للتدريس بها.
وأوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، في تصريحات صحافية، أن الاهتمام بتدريس العلوم باللغة الإنجليزية يهدف إلى "تمكين جميع الطلبة من الاندماج بسهولة في سوق العمل، والمساهمة في النهضة الاقتصادية والاجتماعية للجزائر".
وأضاف أن "الجامعة الجزائرية تسعى لتكون رافداً أساسياً للاقتصاد المبتكر، من خلال البحث العلمي وتطوير الحلول الابتكارية، لتصبح الجزائر بلداً منافساً على المستوى الدولي".
"الوقت المناسب لاستخدام الإنجليزية"
وقال رئيس قسم تعليم اللغة الإنجليزية بجامعة الجزائر كريم بلقاسم لـ"الشرق"، إن "هذا القسم يهدف إلى تحسين استخدام اللغة الإنجليزية بطرق مختلفة في البحث الأكاديمي وفي التعليم، خاصة الجامعات وكلياتها، وبالطبع أعضاء هيئة التدريس".
وأضاف: "هذا هو الوقت المناسب لبدء البحث باللغة الإنجليزية كلغة عالمية، وبالتالي نحن نركز على منح الطلبة في جامعتنا فرصة دراسة جميع المواد باللغة الإنجليزية".
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قررت في عام 2021 اعتماد اللغة الإنجليزية في التدريس ببعض الكليات بداية من الموسم الجامعي 2022-2023، بعد ما تم إطلاق برامج لتأهيل الأساتذة.
وتزامن القرار حينها مع أزمة دبلوماسية حادة بلغت حد التوتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، ما جعل البعض يفسرها بأنها جاءت في سياق التخلي بشكل تدريجي عن الاعتماد على اللغة الفرنسية في التدريس بالجامعات.
ونشبت من وقت إلى آخر خلافات بين الجزائر وفرنسا لأسباب متعددة، تتعلق في معظمها بفترة الاستعمار، حيث تتمسك الجزائر باعتراف فرنسا رسمياً بجرائمها خلال فترة الاحتلال (1830 – 1962)، وتقديم الاعتذار عنها، الأمر الذي يرفضه الفرنسيون.
وأكد طلاب في تخصصات جامعية مختلفة أنهم استفادوا كثيراً من تلقي دروسهم باللغة الإنجليزية، مشيرين إلى أن ذلك ساعدهم في الاطلاع على المراجع العلمية الأصلية دون حاجة إلى البحث عن النسخ المترجمة.
وقال عبد العزيز رشاد، الطالب في كلية الطب، لـ"الشرق": "تجربتي هنا كطالب في السنة الأولى رائعة؛ لأنني لم أكن أعلم بوجود قسم خاص للدراسة باللغة الإنجليزية، وأنا في السنة الدراسية الثانية للتدريس باللغة الإنجليزية، وهي فرصة جيدة بالنسبة لي لتحسين لغتي الإنجليزية والتعلم وفقاً للمصادر الأصلية التي نبحث فيها، بدلاً من ترجمتها إلى لغة ثانية".
وذكرت أوراس لينا، الطالبة في كلية الفيزياء، أنه "كان للمعلمين الأوائل في هذا القسم دور كبير في تعليمنا، ورسالتهم هي مساعدتنا كثيراً على فهم الدروس؛ لأننا نعلم أن اللغة الإنجليزية جديدة علينا في التعلم".
خطة للتأهيل
وفي عام 2022 تبنت وزارة التعليم العالي خطة لتأهيل ورفع مستوى 58 ألف أستاذ في اللغة الإنجليزية، تمهيداً لبدء الدراسة بها في مختلف الكليات والمراكز الجامعية.
وخصصت الوزارة ثلاثة برامج لتأهيل الأساتذة الجامعيين، منها إتاحة الفرصة للأساتذة للتسجيل في ليسانس اللغة الإنجليزية في الجامعات التي تضم هذا التخصص، أو التسجيل في مراكز التعليم المكثف للغات، أو التسجيل في منصة التعليم عن بعد التي أطلقتها الوزارة.
وقال أحمد بودة، المدير بوزارة التعليم العالي لـ"الشرق"، إن "إجادة وإتقان اللغة الإنجليزية اليوم قرار لا رجعة فيه إذا أردنا الوصول إلى المستوى المطلوب لجامعاتنا، وهذه السنة تم اتخاذ إجراءات معينة من أجل ضمان التحول إلى اللغة الإنجليزية، وسنعمل كل ما بوسعنا وما يتوجب علينا للوصول إلى نتيجة جيدة في هذا التحول، لأنها ستكون هي مستقبل الجامعة الجزائرية".
وحددت وزارة التعليم العالي الجزائرية في مشروعها الخاص بتعزيز اللغة الإنجليزية عدة أهداف ومؤشرات، منها تأهيل 80% من الأساتذة في مجال العلوم والتكنولوجيا، والوصول إلى 100% بالنسبة للأساتذة في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الطبية.
وفي عام 2021، بدأت هيئات حكومية بالجزائر تعريب مراسلاتها ووثائقها الداخلية، من أجل تقليل الاعتماد على اللغة الفرنسية.