كشفت دراسة أن ضحايا إطلاق النار من قِبَل أفراد الشرطة في الولايات المتحدة يتعرضون لإصابات نارية أكثر بكثير مقارنة بضحايا حالات القتل على يد مدنيين.
ووجد البحث المنشور في المجلة الأميركية للطب الوقائي (American Journal of Preventive Medicine) أن الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و44 عاماً، والأميركيين من أصل إفريقي، وأولئك الذين يعيشون خارج منطقة الشمال الشرقي للولايات المتحدة، يتعرضون بشكل غير متناسب للقتل برصاص الشرطة، كما يتعرضون لعدد أكبر من الإصابات النارية.
وحلّل الباحثون بيانات من النظام الوطني للإبلاغ عن الوفيات العنيفة الأميركي (NVDRS)، والتي أظهرت أن أفراد الشرطة في الولايات المتحدة يطلقون أعيرة نارية أكثر من المدنيين في حالات القتل.
وأظهرت النتائج أن نحو 6% من ضحايا الأسلحة النارية في الولايات المتحدة قتلوا برصاص الشرطة، مع تعرُّض 80% من هؤلاء الضحايا لإصابات نارية متعددة، إذ أن في المتوسط يتعرض ضحايا الشرطة لست إصابات نارية، ومتوسط أربع إصابات بالرصاص، مقارنة بمتوسط أربع إصابات ومتوسط إصابتين لضحايا حالات القتل على يد مدنيين.
اختلافات جوهرية
تشير هذه الفروق إلى اختلافات جوهرية في أنماط استخدام القوة المميتة بين الشرطة والمدنيين، ما يثير أسئلة مهمة بشأن الممارسات الشرطية وتدابير استخدام القوة.
ومن حيث التوزيع الديموغرافي، كشفت الدراسة أن معدلات القتل برصاص الشرطة كانت الأعلى بين الفئة العمرية 25-34 عاماً، إذ وصلت إلى 5.89 حالة قتل لكل مليون شخص، والأدنى بين الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً بمعدل 1.03 حالة قتل لكل مليون.
كما أظهرت النتائج تفاوتات كبيرة حسب الجنس، حيث كان معدل القتل برصاص الشرطة أعلى بـ26 مرة للذكور مقارنة بالإناث بمعدل 4.91 مقابل 0.19 لكل مليون على التوالي.
ومن حيث العِرق، كان الأميركيون من أصل إفريقي واللاتينيون والسكان الأصليون أكثر عُرضة للقتل برصاص الشرطة بمرتين مقارنة بالبيض.
وعلى المستوى الجغرافي، كانت التفاوتات أكثر وضوحاً، حيث كان سكان الغرب أكثر عُرضة بأربع مرات للقتل برصاص الشرطة مقارنة بسكان الشمال الشرقي بمعدل 4.65 حالة قتل مقابل 1.15 لكل مليون.
وتشير هذه الاختلافات الإقليمية الكبيرة إلى وجود تباين في الممارسات الشرطية والسياسات المحلية لاستخدام القوة عبر مختلف مناطق الولايات المتحدة.
وقال الباحثون إن أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في الدراسة هو تحليل استخدام الأسلحة من قبل الضحايا، فبينما استخدم 76% من الضحايا سلاحاً أثناء الحادث، كانت هذه النسبة أقل بشكل ملحوظ بين الضحايا من أصل إفريقي بنسبة 69.3% مقارنة بالبيض بنسبة 78.0%.
وأشار الباحثون إلى أن هذا التفاوت يكتسب أهمية خاصة في ضوء النقاش بشأن التحيز العنصري في إنفاذ القانون.
وبعد احتساب عامل استخدام السلاح، وجد الباحثون أن الضحايا اللاتينيين تعرضوا لإصابات نارية أكثر من البيض بمعدل 6.61 حالة إصابة مقابل 5.68 إصابة، وأن الضحايا في الشمال الشرقي تعرّضوا لإصابات أقل من أي منطقة أخرى بمعدل 4.68 إصابة مقابل 5.69. إصابة.
ضحايا برصاص الشرطة الأميركية
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، فاجيش جين، الباحث الرئيسي من مركز هارفارد لأبحاث السيطرة على الإصابات إن العنف الشرطي المميت يُمثّل أزمة عامة ملحّة في الولايات المتحدة.
وأضاف جين أن "أجهزة إنفاذ القانون تقتل أكثر من 1000 مدني كل عام، وهو أعلى معدل في أي دولة متقدمة"، لافتاً إلى أن "أكثر من نصف هؤلاء الضحايا لديهم أكثر من أربع إصابات نارية، ما يشير إلى أنه تم إطلاق عدد من الطلقات أكبر بكثير من أربع طلقات عموماً".
وتأتي هذه النتائج في سياق نقاش مستمر بشأن إصلاح الشرطة واستخدام القوة، خاصة في أعقاب حالات مثيرة للجدل مثل إطلاق النار على جاكوب بليك في 2020، الذي كان أعزل وأصيب بسبع رصاصات في ظهره من قِبَل الشرطة "ومن المثير للقلق أنه على الرغم من حوالي 1000 حالة قتل سنوياً برصاص الشرطة بين 2005 و2019، أدين أربعة ضباط فقط بالقتل و18 بالقتل غير العمد" على حد قول الباحثون.
من جانبه، قال المؤلف المشارك في الدراسة، ديفيد هيمنواي، إن النتائج توضح أن معدلات الجرائم المتعلقة بالأسلحة النارية وكذلك ممارسات الشرطة فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النارية تختلف بشكل كبير عبر المناطق، ما يؤكد على التداخل المعقد للعوامل المشاركة في حالات القتل التي تنفّذها الشرطة.
في العقد الماضي، أدت تسجيلات الفيديو لعمليات قتل مدنيين على يد الشرطة إلى احتجاجات واسعة ومحاولات للإصلاح. ومع ذلك، على الرغم من الاهتمام المتزايد بالبحث والإصلاحات السياسية، ظل عدد حالات القتل التي تنفّذها الشرطة في الولايات المتحدة ثابتاً عند نحو 1000 مدني سنوياً.
وتوفر هذه النتائج بعض البيانات الوصفية الجديدة حول أحد جوانب الفتك في إنفاذ القانون الأمريكي.
وأكد جين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم ما إذا كان العدد الكبير من الطلقات التي يطلقها الشرطة مبرراً، ولماذا يوجد تفاوت بين الفئات السكانية، وإن كان محدوداً؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة الملحّة لمعالجة أوجه عدم المساواة في خطر القتل على يد الشرطة من خلال النظر في كل من الوقاية وإدارة مثل هذه الحوادث، من أجل بناء الثقة مع المجتمعات الأكثر تأثراً بشكل فعال.