العواصف والفيضانات في أوروبا ترفع حصيلة ضحايا التغير المناخي

منظر جوي للفيضانات في مقاطعة كيسلينغ، غربي ألمانيا. 15 يوليو 2021 - AFP
منظر جوي للفيضانات في مقاطعة كيسلينغ، غربي ألمانيا. 15 يوليو 2021 - AFP
دبي- وكالاتالشرق

لقي عشرات الأشخاص حتفهم في ألمانيا وبلجيكا، إثر أمطار غزيرة وفيضانات طالت عدداً من الدول الأوروبية الخميس، ما يرفع حصيلة الوفيات التي حدثت في الأسابيع الماضية بسبب تغير المناخ، والتي أصبحت تقدر بالمئات.

ولقي 4 أشخاص حتفهم الخميس في بلجيكا، بسبب العواصف، فيما تعرضت لوكسمبورغ وهولندا لأضرار كبيرة. لكن الوضع في غرب ألمانيا كان مقلقاً بشكل خاص. إذ سجلت البلاد مصرع 42 شخصاً على الأقل بمن فيهم 15 في منطقة أيسكيرشن وحدها.

ويُخشى أن ترتفع حصيلة الضحايا في المنطقة، إذ أحصت الشرطة بين 50 و60 مفقوداً في بلدة شولد في جنوب بون، حيث انهارت 6 منازل على ضفاف نهر.

"عواقب تغير المناخ"

وتعد ولايتا راينلاند بالاتينات، ورينانيا شمال فسيتفاليا، هما الولايتان الأكثر تضرراً من الأمطار الغزيرة غير المعتادة التي تسببت في فيضان أنهار باتت تهدد بهدم المزيد من المنازل.

وقالت السلطات المحلية، الخميس، إن 18 شخصاً لقوا حتفهم، فيما اعتبر عشرات آخرون في عداد المفقودين في منطقة آرفيلر، بولاية راينلاند بالاتينات، بعد أن فاض نهر "آر" الذي يصب في نهر الراين على ضفتيه ودمر 6 منازل.

ومساء الأربعاء، لقي اثنان من رجال الإطفاء مصرعيهما في الولاية، إذ غرق أحدهما بينما توفي الآخر بعد مهمة إنقاذ.

ونقلت صحيفة "بيلد" الألمانية عن وزير الداخلية هورست سيهوفر، القول إنها "مأساة حجمها غير متوقع. هذه الظروف المناخية القصوى هي عواقب تغير المناخ"، معتبراً أنه على ألمانيا "أن تكون أكثر استعداداً".

كذلك، تأثرت الدول المجاورة للمناطق الألمانية الأكثر تضرراً بهذه العواصف الشديدة، إذ غمرت المياه "العديد" من المنازل في كل أنحاء لوكسمبورغ فيما أجلي سكانها، وفقاً للسلطات المحلية.

وفي بلجيكا، نشر الجيش في 4 مقاطعات من أصل 10 في البلاد (لييج ونامور ولوكسمبورغ وليمبورغ) للمشاركة في جهود الإغاثة، خصوصاً في عمليات الإجلاء. وتم توفير خيام لنقل سكان مدينة سبا المغمورة بالمياه منذ الأربعاء.

وفي هولندا، سجلت مقاطعة ليمبورغ، المتاخمة لألمانيا وبلجيكا، أضراراً كبيرة كما يهدد ارتفاع منسوب المياه بعزل بلدة فالكنبورغ الصغيرة في غرب ماستريخت.

موجة حر في الولايات المتحدة

تتزامن هذه العواصف مع استمرار حرائق في الغابات في غرب الولايات المتحدة وكندا، بسبب موجة حر غير مسبوقة في الأسابيع الماضية، لم يُعرف عدد ضحاياها بعد.

وفي ولاية كاليفورنيا، وضعت السلطات الأميركية، الأربعاء، مناطق بأكملها في حالة تأهب قصوى لمواجهة الحرائق، إذ لم يتم تطويق النيران المشتعلة بالقرب من منتزه "يوسيميتي" الوطني الشهير، الذي يعد مركزاً لهواة تسلق الجبال، بينما يشعر رجال الإطفاء بالقلق من تقدم الحريق ديكسي شمالاً.

وقالت وكالة "فرانس برس"، إن العام الماضي، يعد "الأسوأ في التاريخ الحديث من حيث الحرائق في كاليفورنيا، لكن العام الجاري تقدم عليه حالياً". 

وسُجلت أكبر الأضرار في ولاية أوريغون المجاورة، إذ التهمت الحرائق بسبب الطقس الجاف والرياح المتزايدة أكثر من 86 ألف هكتار، وأُجبر العديد من السكان على إخلاء المنطقة.

وفي ولاية أريزونا، لقي العشرات حتفهم بسبب موجة حرة قياسية تم تسجيلها في صحراء الولاية وجبالها الوعرة، كلهم مهاجرين.

وقالت منظمة "هيومان بوردرز" (Humane Borders) غير الربحية، التي ترسم خرائط لمواقع العثور على الجثث في أريزونا باستخدام بيانات من مكتب الطبيب الجنائي في مدينة توسان بمقاطعة بيما، إن السلطات عثرت على 43 مجموعة من الرفات البشرية في المنطقة الحدودية للولاية في يونيو الماضي، الأكثر سخونة على الإطلاق في تاريخ الولاية.

وقال منسق رسم الخرائط في المنظمة، مايك كريتشي، إن جميع الأشخاص الـ43 لم يموتوا في يونيو، لكن ما لا يقل عن 16 شخصاً ماتوا قبل يوم واحد فقط، و13 آخرين قبل أقل من أسبوع من العثور عليهم.

وأشار كريتشي إلى أن حصيلة الجثث التي عثر عليها خلال النصف الأول من العام الجاري وصلت 127، مضيفاً أن هذا الرقم أعلى من عدد الجثث التي عثر عليها خلال عام 2017 بأكمله،إذ لم يتجاوز الرقم حينها 123 مجموعة من الرفات بالقرب من حدود ولاية أريزونا مع المكسيك.

حرائق في كندا

وتمتد الحرائق عبر الحدود الأميركية نحو كندا، لتنضاف بذلك إلى  موجة الحرارة غير المسبوقة، والتي دفعت العديد من السكان للجوء إلى مراكز للتبريد للانتعاش خلال موجة حر غير مسبوقة أدت لوفات المئات.

وفي قرية لايتون، على بعد 250 كيلومتراً شمال شرقي فانكوفر، حيث سجلت مستوى حرارة قياسياً على الصعيد الوطني (49,6 درجة مئوية) الأسبوع الماضي، لجأت السلطات إلى إجلاء المئات من السكان بسبب حريق امتد سريعاً.

واندلعت الحرائق في شمال مدينة كاملوبس، وهو ما دفع إلى توسيع عمليات الإجلاء لتشمل سكان 100 مسكن في شمال لايتون.

وتم رصد أكثر من 35 حريقاً جديداً في اليومين الماضيين في غرب كندا، ويمتد أحد هذه الحرائق على مساحة أكثر من 40 ألف هكتار كما تم إخلاء نحو 900 منزل.

الحرارة تقتل

وبالتزامن مع ذلك، تشهد مناطق عديدة في كندا موجة حر غير مسبوقة، خصوصاً في مقاطعة  كولومبيا البريطانية، حيث سجلت قرية تدعى "ليتون" رقمياً قياسياً تاريخياً في درجة الحرارة.

وبلغت درجة الحرارة في "ليتون" 49.6 في يونيو، أعقب ذلك حريق دمر 90% من القرى، ما دفع السكان إلى إخلاء المنطقة.

وتحقق السلطات الكندية في وفاة 134 شخصاً بشكل مفاجئ. وقال متحدث باسم شرطة فانكوفر ستيف أديسون في بيان "لم تشهد فانكوفر من قبل حراً كهذا وللأسف تُوفي عشرات الأشخاص".

وجاء في بيان للشرطة الفدرالية: "نعتقد أنّ الحرّ ساهم في غالبية هذه الوفيات"، موضحاً أنّ غالبية المتوفين من المسنّين.

سيارة إسعاف لنقل مصابين بالانهاك الحراري خلال الطقس الحار في فانكوفر. كولومبيا البريطانية.  - AFP
سيارة إسعاف لنقل مصابين بالانهاك الحراري خلال الطقس الحار في فانكوفر. كولومبيا البريطانية. - AFP

وفي الأول من يوليو، قالت رئيسة قسم الطب الشرعي بمقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا، ليزا لابوانت، إن نحو 500 شخص لقوا حتفهم، بسبب "موجة الحر التاريخية".

ويعتقد الخبراء أن موجة الحر هذه مرتبطة بشكل مباشر بظاهرة "الاحتباس الحراري"، إذ توقعت "وكالة البيئة الكندية" المسؤولة عن الأرصاد الجوية "عدم تحسن الطقس في الأيام المقبلة".

وفي الشرق، تم إجلاء نحو 1000 شخص في الأيام الماضية، من السكان الأصليين في مقاطعة أونتاريو التي تضم أكبر عدد من السكان في كندا.

بايدن يسخر من المشككين في التغير المناخي

امتدّت موجة الحرّ التاريخية إلى مدن في شمال غرب الولايات المتحدة، ما أثار تعليقات ساخرة من جانب الرئيس جو بايدن حيال المشككين في قضية المناخ أواخر يونيو الماضي، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وقال بايدن: "هل تخيّل أحد أن ذات يوم أثناء مشاهدته الأخبار، سيُقال إن درجة الحرارة تتجاوز 46 درجة مئوية في بورتلاند في ولاية أوريغون؟"، مضيفاً: "46 درجة، لكن لا تقلقوا، ليس هناك احترار مناخي. ليس موجوداً. إنه من نسج خيالنا".

في بورتلاند (أوريغون) وسياتل (واشنطن) المعروفتين بمناخهما المعتدل والرطب، بلغت درجة الحرارة مستويات قياسية منذ بدء تسجيل درجات الحرارة عام 1940. فسُجّلت 46,1 درجة مئوية في مطار بورتلاند و41,6 درجة مئوية في مطار سياتل أواخر يونيو، بحسب مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية.

ويتسبب التغيّر المناخي بارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية ويُتوقع أن يصبح الأمر أكثر تواتراً. على الصعيد العالمي، كان العقد الذي انتهى عام 2019 الأكثر حراً على الإطلاق وكانت السنوات الخمس الأخيرة الأكثر حراً أيضاً.