بانتهاء الحرب العالمية الثانية، واشتعال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (روسيا حالياً)، أصبح السباق لسبر أغوار الفضاء وكشف أسراره أولوية لدى البلدين، وهو ما أدى في النهاية إلى تدشين واشنطن لوكالة "ناسا" الفضائية، قبل 63 عاماً، بالتحديد في عام 1958.
وفي ذكرى تأسيس "ناسا"، أو الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء التابعة للحكومة الأميركية، في 29 يوليو، تستعرض "الشرق" ظروف نشأة هذه الوكالة الشهيرة التي وصل الإنسان بفضلها إلى القمر، ويستعد اليوم إلى بلوغ المريخ.
"صدمة سبوتنك"
وجدت الولايات المتحدة نفسها متأخرة في السباق الفضائي، بعد إطلاق الاتحاد السوفييتي للقمر الصناعي "سبوتنك-1" في 4 أكتوبر من العام 1957، فظهرت فكرة تأسيس إدارة أميركية للفضاء، ضمن المنافسة التكنولوجية الحامية بين الولايات المتُحدة والاتحاد السوفييتي، وفقاً لما ذكره موقع History.
وشكل إطلاق القمر السوفييتي "سبوتنك" مفاجأة للأميركيين، الذين كانوا يعتقدون أنهم يتصدرون التكنولوجيا العصرية، عُرفت إعلاميا باسم "صدمة سبوتنك"، كما أثار مخاوف من إمكانية إطلاق صواريخ نووية نحو الولايات المتحدة عبر أوروبا.
وتمكن "سبوتنك 1" الذي أثار حفيظة الأميركيين، من الدوران حول الأرض كل 96 دقيقة، وتشكل من كبسولة بوزن 83.6 كيلوجرام، كما تمكن من الابتعاد عن الأرض بمسافة تصل إلى 940 كيلومتراً وفقاً للموسوعة البريطانية "britannica".
"تأسيس ناسا"
خلال الفترة ما بين نوفمبر من عام 1957 ويوليو من عام 1958، اشتعل المشهد الأميركي بمناقشات حول تأسيس هيئة وطنية متخصصة في شؤون الفضاء، وملامح تلك الهيئة والأدوار المنوطة بها، إضافة لصياغة التشريع الخاص بها، وفقاً لما جاء في موقع ناسا الرسمي.
في الثاني من أبريل قدم الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور تشريعاً للكونجرس بشأن إنشاء الوكالة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، إلا أن اسم الهيئة تغير لاحقاً لتُصبح إدارة.
مرر الكونجرس التشريع ثم وقع الرئيس الأميركي في 29 من يوليو 1958 على القانون الوطني للملاحة الجوية والفضاء ومرره بدوره، وفقاً لموقع ناسا.
وفي التشريع الأساسي، تم تحديد عدد من الأهداف الرئيسية لإدارة ناسا، من بينها "تطوير وتشغيل مركبات قادرة على حمل الأدوات والمعدات والإمدادات والكائنات الحية عبر الفضاء"، وكذلك "إجراء دراسات طويلة الأمد حول الفوائد والفرص المتوقعة من استخدام أنشطة الطيران والفضاء للأغراض السلمية والعلمية، إضافة للمشكلات المتعلقة بذلك".
وتضمنت قائمة أهداف ناسا أيضاً "الحفاظ على دور الولايات المتحدة كرائدة في علوم وتكنولوجيا الطيران والفضاء، وتطبيقاتها على الأنشطة السلمية داخل وخارج الغلاف الجوي".
مع التدشين، تم تعيين المهندس تي كيث جلينان، العضو السابق في لجنة الطاقة الذرية آنذاك ورئيس معهد كيس للتكنولوجيا منذ عام 1947، ليكون أول رئيس لناسا، وقد تقلد منصبه رسمياً في 19 أغسطس 1958، حيث أدى القسم في البيت الأبيض.
وفي الأول من أكتوبر من العام ذاته بدأ العمل في ناسا لأول مرة، وسرعان ما تتابعت برامجها العلمية والاستكشافية، ويأتي في مقدمتها برنامج "ميركوري" الذي يهدف لاستكشاف ما إذا كان يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة في الفضاء، وصولاً لسلسلة رحلات أبولو الشهيرة التي تمكنت من إرسال البشر لأول مرة إلى سطح القمر بعد مُضي 11 عاماً فقط على إطلاق المؤسسة.