وزير لبناني سابق لـ"الشرق": حاكم المصرف المركزي يملك صلاحية "رفع الدعم"

حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة - AFP
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة - AFP
بيروت - الشرقرويترز

قال وزير لبناني سابق وخبير قانوني ودستوري، إن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يملك "الصلاحية المطلقة" في إصدار قرار رفع الدعم عن المحروقات، الذي أثار خلافاً مع الحكومة والرئاسة، وسط أزمة اقتصادية حادة تشهدها البلاد.  

وقال الوزير السابق الذي تحدث لـ"الشرق" شرط عدم الكشف عن اسمه إن "صلاحيات حاكم مصرف لبنان مطلقة، انطلاقاً من قانون النقد والتسليف، وهو لا يتلقى تعليمات أو توجيهات من رئيس الجمهورية أو من الحكومة".

وكان سلامة أعلن، الأربعاء، أنه سيبدأ دفع اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عملياً رفع الدعم عن استيراد هذه المواد الحيوية، ما ينعكس ارتفاعاً قياسياً في أسعارها.

وبرر سلامة، القرار في بيان، الخميس، بأن المساس باحتياطات النقد الأجنبي، يتطلب إجراءً تشريعياً. 

"استقلالية كاملة"

الوزير السابق أوضح أن "المشرِّع أراد من خلال هذه الصلاحيات الممنوحة لحاكم البنك المركزي، تأمين استقلالية كاملة للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي في البلاد، من دون تدخل السلطة التنفيذية في عمله، ولإبعاد التدخلات السياسية عن السلطة النقدية".

وقال الوزير السابق إن "دول العالم تعطي لحكام البنوك المركزية مثل هذه الصلاحيات ولكن ضمن ضوابط محددة"، لافتاً إلى أن السلطة التشريعية في لبنان "لم تجر أي تعديلات على هذه القوانين التي تعطي هذه الصلاحيات لحاكم المصرف المركزي".

وأكد أن نواب حاكم المصرف المركزي الأربعة لا صلاحيات لهم، وليس لديهم حق النقض على أي قرار يتخذه الحاكم، فهو الذي يحدد لهم مهامهم.

"تعديلات تشريعية"

ورداً على سؤال بشأن كيفية الخروج من هذا الوضع، قال الخبير القانوني والدستوري إنه "على السلطة التشريعية أن تستفيق من سباتها العميق، وأن تجري تعديلات على قانون النقد والتسليف الذي يعطي حاكم مصرف لبنان هذه الصلاحيات".

وأوضح أن "الموازنة العامة للدولة يضعها وزير المالية وتقرها الحكومة ليصادق عليها لاحقاً المجلس النيابي تمهيداً لتنفيذها"، موضحاً أنه "لا صلاحية لحاكم مصرف لبنان في موضوع الموازنة العامة لا من قريب ولا من بعيد".

خلاف بين الحكومة والمصرف

واشتعلت أزمة بين الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي، الخميس، إثر قرار الأخير بوقف دعم المحروقات الذي استنزف احتياطيات النقد الأجنبي. وأكدت الحكومة أن الأسعار يجب ألا تتغير ولا بد من استمرار الدعم لحين تنفيذ إجراءات لمساعدة الفقراء.

وأفاد مصدر وزاري بأن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة إلى القصر الرئاسي لاجتماع رفض خلاله سلامة التراجع عن القرار، قائلاً، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز" إن استخدام الاحتياطي الإلزامي "يتطلب تشريعاً".

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على "تويتر" إن القرار "مخالف للقانون، ولا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جداً على البلد، وأضراره أكبر بكثير من المنافع لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي".

وأكدت الحكومة عقب اجتماع طارئ، الخميس، ضرورة مواصلة الدعم، مشددة على أن إجراءات تقنينه يجب ألا تبدأ إلا بعد طرح البطاقات التمويلية مسبوقة الدفع للفقراء، والتي أقرها البرلمان في يونيو الماضي.

وشددت الحكومة، في بيان، على ضرورة عدم تغيير أسعار المنتجات البترولية، متهمة حاكم المصرف المركزي بالتحرك بشكل منفرد.

ولم يوضح بيان الحكومة كيف يمكن تحقيق ذلك إذا كان البنك المركزي سيوقف توفير الدولار بالسعر المدعوم.

الكتل البرلمانية

وأثار قرار رفع الدعم ردود فعل متباينة بين الكتل النيابية التي تراوحت مواقفها بين مؤيد ومعارض، إذ رفض نواب من الكتلة البرلمانية لجماعة "حزب الله"، تحرك سلامة قائلين إنه يتعين طرح البطاقات التمويلية قبل اتخاذ أي قرار آخر، أو إنهاء الدعم أو خفضه.

ووصف جبران باسيل، رئيس حزب "التيار الوطني الحر" الذي أسسه عون (صهر الرئيس)، التحرك بأنه مفاجئ و"أحادي" وحث أنصاره على الاستعداد للحشد، بحسب وكالة "رويترز"

واتهم باسيل في تغريدة على "تويتر" حاكم المصرف المركزي بتنفيذ "حرب اقتصادية"، داعياً الحكومة إلى "تأكيد مرجعيتها" أو "أخذ إجراءات بحق حاكم المركزي إذا لم يتجاوب". 

في المقابل، قال النائب السابق وليد جنبلاط، إنه "ينبغي رفع الدعم لأن السلع المدعمة تُهرب إلى سوريا"، وحذر من أن "الاحتياطي سينفد في نهاية المطاف"، على حد تعبيره، مجدداً بذلك مطالباته السابقة بإيقاف الدعم للحد من التهريب.

غضب شعبي

وأثار قرار البنك المركزي احتجاجات متفرقة في مختلف المناطق اللبنانية، على الرغم من أن أسعار الوقود لم تتغير. وأُغلقت العديد من المحطات أبوابها، وسادت حالة من التوتر والغضب مع انتظار قادة السيارات في طوابير لساعات من دون القدرة على تموين سياراتهم في كثير من الأحيان.

محتجون لبنانيون في مواجهات مع قوات الشرطة بالقرب من منزل محافظ المصرف المركزي رياض سلامة في قرية رابية بلبنان 12 أغسطس 2021 - REUTERS
محتجون في مواجهات مع قوات الشرطة بالقرب من منزل حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، لبنان 12 أغسطس 2021 - REUTERS

الأسعار المتوقعة

وقالت مديرية النفط إن أسعار الوقود الجديدة، التي صدرت، الأربعاء، لا تزال سارية وملزمة للموزعين، ما يعني بحسب "رويترز"، زيادة سعر البنزين 95 من دون الدعم بأكثر من 4 أمثال سعره السابق.

وأضافت المديرية في بيان، أن "أسعار المحروقات التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي ليست دقيقة، بل هي عمليات احتساب مبنية على افتراضات".

وكان مركز "الدولية للمعلومات"، وهي شركة أبحاث وإحصاءات، قدّر أن يرتفع سعر صفيحة البنزين من 75,600 ليرة (3,78 دولارات بحسب سعر الدولار في السوق السوداء) إلى 336 ألف ليرة (16,8 دولار)، وسعر صفيحة المازوت من 57,100 ليرة (2,8 دولار) إلى 278 ألف ليرة (13,9 دولار).

اقرأ أيضاً: