قالت شرطة هونج كونج، الخميس، إن حريقاً هائلاً لا يزال مشتعلاً في مجمع سكني، ما أودى بحياة 44 شخصاً على الأقل، تاركاً ما يقرب من 300 في عداد المفقودين، فيما حث الرئيس الصيني شي جين بينج على بذل "جهود شاملة" لإخماد الحريق وتقليل الخسائر البشرية والمادية إلى أدنى حد ممكن، حسبما ذكر تلفزيون الصين المركزي.
ووجد رجال الإطفاء صعوبة طوال الليل للوصول في الطوابق العليا من مجمع "وانج فوك كورت" السكني؛ بسبب الحرارة الشديدة والدخان الكثيف الناجمين عن الحريق الذي اندلع بعد ظهر الأربعاء، إذ يضم المجمع الواقع في منطقة تاي بو الشمالية ألفي شقة في 8 أبراج.
وبحلول الساعات الأولى من صباح الخميس، قالت السلطات إنها سيطرت على النيران في 4 أبراج، مع استمرار العمليات في 3 بعد أكثر من 15 ساعة من نشوب الحريق.
وتُعد الشبكات الخضراء وسقالات الخيزران من المواد الأساسية في العمارة الصينية التقليدية، لكن يجري وقف استخدامها تدريجياً في هونج كونج منذ مارس الماضي، لأسباب تتعلق بالسلامة.
وقالت الشرطة إنه بالإضافة إلى تغطية المباني بشبكات واقية وبلاستيكية قد لا تتوافق مع معايير السلامة من الحرائق، استخدمت شركة بناء تتولى أعمال صيانة مادة رغوية لإغلاق بعض النوافذ في أحد المباني غير المتضررة.
وأضافت في مؤتمر صحافي، قبل الفجر إن رجل إطفاء من بين الضحايا الـ44، موضحة أن 45 شخصاً في المستشفى في حالة حرجة.
القبض على 3 أشخاص
وقالت إيلين تشونج وهي مشرفة في شرطة هونج كونج: "لدينا سبب للاعتقاد بأن الأطراف المسؤولة في الشركة كانت مهملة بشكل جسيم، ما أدى إلى وقوع هذا الحادث، وتسبب في انتشار الحريق بشكل لا يمكن السيطرة عليه ووقوع خسائر كبيرة في الأرواح".
وأضافت أن الشرطة "قبضت على 3 رجال من شركة البناء للاشتباه في ارتكابهم جريمة قتل غير عمد على خلفية الحريق".
بدوره، قال جون لي رئيس بلدية هونج كونج للصحافيين في وقت سابق: "الأولوية هي إخماد الحريق وإنقاذ السكان المحاصرين. ثم تقديم الدعم للمصابين. ويلي ذلك تقديم الدعم والمساعدة في إغاثة المتضررين. وبعدها، سنفتح تحقيقاً شاملاً في الواقعة".
وأضاف أن "هناك حوالي 279 شخصاً لا يمكن الاتصال بهم و900 شخص في 8 ملاجئ".
وأعلنت إدارة النقل في هونج كونج أن عدداً من الطرق ستظل مغلقة في المنطقة صباح الخميس، مع تحويل 39 مساراً للحافلات، في حين قال مكتب التعليم في المدينة إنه سيتم إغلاق 6 مدارس على الأقل؛ بسبب الحريق والازدحام المروري.
وأفادت وزارة الخارجية الفلبينية في بيان لها بأن "قنصليتها في هونج كونج تلقت معلومات لم يتم التحقق منها تفيد باحتمال وجود بعض عاملات المنازل الفلبينيات محاصرات داخل المباني".
حريق العام 1996
وأسعار العقارات المرتفعة للغاية في هونج كونج من أسباب السخط الاجتماعي، وقد تؤدي مأساة الحريق إلى تأجيج الاستياء تجاه السلطات قبل الانتخابات التشريعية على مستوى المدينة في أوائل ديسمبر المقبل.
وهونج كونج واحدة من الأماكن المتبقية في العالم التي لا يزال الخيزران يستخدم فيها على نطاق واسع في سقالات أعمال البناء، أما في البر الرئيسي الصيني فالسقالات الآن مصنوعة من المعدن بشكل أساسي.
وتحركت حكومة هونج كونج للبدء في التخلص التدريجي من السقالات المصنوعة من الخيزران خلال مارس الماضي، وأرجعت القرار إلى سلامة العمال بعد 22 حالة وفاة تتعلق بسقالات الخيزران بين عامي 2019 و2024.
وتتميز مجمعات هونج كونج السكنية بكثافة سكانية عالية، حيث تعيش عائلات متعددة الأجيال غالباً داخل شقة صغيرة واحدة، وتشير التقديرات إلى أن مجمع "وانج فوك كورت" يضم ما يقرب من 5 آلاف شخص، بحسب "بلومبرغ".
ويقع المجمع في منطقة تاي بو التي يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، وتضم مساكن تناسب مختلف مستويات الدخل، بالإضافة إلى حدائق ومراكز تسوق.
وكان أسوأ حريق سابق في هونج كونج في العصر الحديث شهده مبنى تجاري في منطقة كولون في نوفمبر 1996، وأودى بحياة 41 شخصاً، ونجم ذلك الحريق عن اللحام في أثناء أعمال التجديد الداخلية.
وأدى تحقيق عام إلى إجراء تحديثات شاملة لمعايير البناء ولوائح السلامة من الحرائق في البنايات الشاهقة والمتاجر والمنازل.
