شهدت هونج كونج أحد أعنف الحرائق في تاريخ المدينة الحديث، والذي راح ضحيته ما لا يقل عن 83 شخصاً، فيما اعتُبر نحو 300 آخرين في عداد المفقودين، كما تم إجلاء العشرات من السكان إلى مراكز إيواء مؤقتة.
وسيطرت فرق الإطفاء تقريباً، الخميس، على الحريق الذي اندلع في مجمع سكني كان يخضع لأعمال تجديد. وعلى مدى يوم كامل تقريباً منذ اندلاع الحريق، كافحت فرق الإطفاء الحرارة الشديدة والدخان الكثيف، للوصول إلى السكان الذين يحتمل أن يكونوا محاصرين في الطوابق العليا من مجمع وانج فوك كورت السكني.
وكانت النيران اجتاحت 7 من الأبراج الثمانية المؤلفة من 32 طابقاً في المجمع السكني، بعد اشتعال مواد البناء والسقالات الخشبية (البامبو).
وتجاوز عدد الضحايا حصيلة حريق نوفمبر 1996، الذي أودى بحياة 41 شخصاً في مبنى تجاري بكولون، واستمر لنحو 20 ساعة، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
ما عدد الضحايا والمفقودين؟
قالت سلطات مدينة هونج كونج إن ما لا يقل عن 83 شخصاً لقوا حتفهم في الحريق الذي اندلع في مجمع وانج فوك كورت السكني بمنطقة تاي بو في الأقاليم الجديدة الجبلية، كما أصيب عشرات آخرون، في حين تم إجلاء العشرات إلى ملاجئ مؤقتة.
ويضم المجمع السكني المكتظ 2000 شقة موزعة على 8 أبراج، يقطنها أكثر من 4600 شخص في مدينة تعاني من نقص مزمن في توفر السكن بأسعار معقولة.
أين أماكن الإجلاء؟
يقيم مئات الناجين الذين تم إجلاؤهم، أو كانوا خارج المباني عند اندلاع الحريق في مراكز إيواء مؤقتة، من بينها مدرسة قريبة.
وتولى العاملون هناك توزيع المياه والمواد الغذائية والاحتياجات الأساسية، بينما أحضر متطوعون إمدادات إضافية مثل المياه والوجبات الخفيفة.
وقالت إدارة خدمات الإطفاء إن أكثر من 70 شخصاً أصيبوا جراء الحريق، فيما ذكرت هيئة المستشفيات أن 17 من بين المصابين المنقولين إلى المستشفيات في حالة حرجة.
ما سبب اندلاع الحريق؟
يحقق المسؤولون في أسباب اشتعال مواد البناء، وشبكات الحماية، وسقالات البامبو المستخدمة في أعمال ترميم الواجهات الخارجية لأبراج "وانج فوك كورت" السكنية.
وفي الأثناء، ألقت الشرطة القبض على مديرين ومستشار هندسي من شركة بريستيج للإنشاءات، وهي شركة متعاقدة لصيانة المباني.
وقالت الشرطة إن المعتقلين يُشتبه في ارتكابهم جريمة القتل غير العمد لاستخدامهم مواد غير آمنة، وفق وكالة "رويترز".
وقال مسؤولون إنهم يشتبهون في أن بعض المواد، مثل ألواح الفوم المستخدمة لحماية النوافذ من التلف، لا تستوفي معايير مقاومة الحريق. كما ساهمت الرياح القوية في انتشار النيران.
ما نوعية المباني المتضررة؟
يعيش نحو ثلث سكان هونج كونج في وحدات سكنية تابعة لهيئة الإسكان الحكومية. ويُعد "وانج فوك كورت" مجمعاً سكنياً مملوكاً للقطاع الخاص، لكنه مدعوم حكومياً.
وقد بُني المجمّع في ثمانينيات القرن الماضي، وتتراوح مساحة الشقق فيه بين 40 و45 متراً مربعاً، وفق قوائم العقارات على الإنترنت، ومثل معظم المجمعات السكنية الشعبية في هونج كونج، لا تبدو المباني مجهزة بأجهزة كشف الدخان أو أنظمة الرش الآلي.
كما شُيّدت المباني قبل تعديل قوانين مكافحة الحرائق في هونج كونج، والتي باتت تفرض وجود طوابق مخصّصة كملاذ آمن من الحرائق.
ويعيش معظم سكان المدينة البالغ عددهم 7.5 مليون نسمة في شقق ضيقة، إما على مساحات محدودة من الأراضي المسطحة، أو على منحدرات الجبال، فيما تتجاور الأبراج السكنية بكثافة.
ما رد سلطات هونج كونج؟
واجه رجال الإطفاء صعوبة في السيطرة على الحريق، إذ لم تتمكن السلالم والخراطيم من الوصول إلا إلى منتصف الأبراج المكوّنة من 32 طابقاً، أي نحو 53 متراً (174 قدماً)، ما يعادل أقل من 20 طابقاً.
وقد تكون الرياح القوية والحرارة الشديدة قد حالت دون استخدام معدات الإطفاء الجوية مثل المروحيات. كما منعت الحرارة المرتفعة فرق الإطفاء من دخول المباني للسيطرة على الحريق وإنقاذ العالقين، بحسب نائب مدير عمليات خدمات الإطفاء في هونج كونج ديريك أرمسترونج تشان.
فيما قال الرئيس التنفيذي لمنطقة هونج كونج الإدارية، جون لي، إن الحكومة ستشكّل فريق عمل لإجراء تحقيق شامل في الكارثة، وإن القضية ستُحال إلى الجهات المختصة لتتولى التحقيق في أسباب وملابسات بعض حالات الوفاة.
وأضاف لي أن السلطات تعتزم تفتيش جميع المجمعات السكنية التي تخضع لأعمال صيانة كبرى، لمراجعة سلامة السقالات ومواد البناء، مؤكداً تقديم "كل الدعم الممكن" للمتضررين.









