غادر موكتار ديالو بلده مالي في عام 2015، وهو يحلم بالوصول بالقارب من موريتانيا إلى جزر الكناري الإسبانية، لكن بعد مرور عقد، وجد نفسه عالقاً في نواكشوط يعمل لساعات طويلة في صناعة الطوب.
في تلك الأثناء، يحاول المهاجر المالي تفادي حملة شرطية قلصت تدفق الزوارق الصغيرة التي تقطع مسافة 970 كيلومتراً تقريباً في نحو ثمانية أيام.
ويقول مهاجرون، وجماعات حقوقية، إن نشاط الشرطة في موريتانيا تصاعد، بشكل كبير، منذ توقيع البلاد اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي مطلع العام الماضي للحد من الهجرة غير النظامية.
الهجرة عبر موريتانيا
وقالت وزارة الداخلية الإسبانية إن قوات الأمن الموريتانية اعترضت نحو 13 ألفاً و500 زورق في الطريق إلى جزر الكناري منذ بداية عام 2024، وإن عدد الوافدين إلى الأرخبيل انخفض بنسبة 59% في عام 2025 حتى أكتوبر مقارنة بالعام السابق.
وكشفت معلومات قدمتها الحكومة الموريتانية إلى منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن عدد من جرى ترحيلهم من موريتانيا زاد إلى المثلين إلى نحو 28 ألفاً و125 شخصاً في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، مقارنة بإجمالي عددهم العام الماضي.
وقال ديالو إن حملة الشرطة بدأت بعد شهر رمضان في أواخر مارس من العام الحالي.
وأوضح أنه لا توجد زوارق تغادر الآن، وأن الشرطة ألقت القبض على العديد ممن يعرفهم ورحّلتهم. وقال الرجل البالغ من العمر 42 عاماً: "منذ أن بدأت الشرطة في إعادة الناس إلى بلدانهم، أصبح كل شيء على غير ما يرام".
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن كثيراً من المهاجرين يُرحَّلون دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولم ترد السلطات الموريتانية على طلب للتعليق.
اتفاقات مع دول العبور
تأتي هذه الحملة عقب ثلاث زيارات من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى نواكشوط خلال العامين الماضيين، في إطار مساعٍ أوروبية وإسبانية لتعزيز التعاون مع موريتانيا للحد من الهجرة غير النظامية.
ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، انخفض عدد القوارب القادمة من موريتانيا خلال العام، حتى 16 ديسمبر، بنسبة 61% ليصل إلى 133 قارباً مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
ويُعد الاتفاق مع موريتانيا نموذجاً آخر لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في مراقبة الحدود مع دول العبور، إلى جانب اتفاقات مماثلة مع تونس، ومصر.
وفي المقابل، كشفت المفوضية الأوروبية أن موريتانيا حصلت على 210 ملايين يورو (247 مليون دولار) لدعم إدارة الهجرة وتقديم مساعدات إنسانية للاجئين، إضافة إلى تعزيز فرص العمل وريادة الأعمال.
وتُعد هذه أكبر مساهمة مالية منذ بدء التعاون بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا قبل عقدين في ملف الهجرة.
وتخوض الحكومة المالية، التي يقودها الجيش، حرباً ضد جماعة متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة، تُعرف باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، وعبر مراقبون عن مخاوفهم من أن تفرض هذه الجماعة سيطرتها على البلاد.
وذكر محمد لمين خطاري، مدير مرصد "أطلس الساحل للهجرة"، أن موريتانيا تستضيف نحو 500 ألف مهاجر من مالي يشكلون الآن أكبر مجموعة من المهاجرين بسبب الصراع.
دعم قوات الأمن الموريتانية
قالت لورين سايبرت، الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الكثير من تمويل الاتحاد الأوروبي ذهب إلى تعزيز الحملة ضد المهاجرين.
وقالت وزارة الداخلية في إسبانيا، في بيان، إن مدريد نشرت 40 من قوات الشرطة والحرس المدني في موريتانيا، مزودين بزوارق دورية بحرية وطائرة هليكوبتر، ومركبات للطرق الوعرة، وطائرة مراقبة، وسفينة عابرة للمحيط.
وأضاف البيان أن قوات الأمن الإسبانية تمارس عملها دوماً "مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان".
طرق جديدة
ومع توقف العبور من موريتانيا تقريباً، قال حسن ولد المختار، المحاضر في أنثروبولوجيا الهجرة بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، إنها مسألة وقت فقط قبل أن تظهر مسارات بحرية للهجرة أشد خطورة.
وأضاف أن هناك بالفعل تقارير عن قوارب تنطلق من مناطق بعيدة مثل جامبيا، وغينيا، وجنوب موريتانيا، والسنغال.
ووفقاً لبيانات الصليب الأحمر، وصلت سبعة قوارب فقط إلى جزر الكناري من موريتانيا خلال الأشهر الستة الماضية، بينما وصل 21 قارباً من جامبيا وغينيا.











