وقف معونات البطالة يُنذر بأزمة لملايين الأميركيين

تظاهرة أمام مجلس مدرسة مقاطعة ليك خلال اجتماع طارئ لمناقشة تفويضات لمنع انتشار كورونا في تافاريس، فلوريدا، الولايات المتحدة. 2 سبتمبر 2021 - REUTERS
تظاهرة أمام مجلس مدرسة مقاطعة ليك خلال اجتماع طارئ لمناقشة تفويضات لمنع انتشار كورونا في تافاريس، فلوريدا، الولايات المتحدة. 2 سبتمبر 2021 - REUTERS
واشنطن-أ ف ب

تنقضي قريباً مهلة معونات البطالة، التي وسّعت الولايات المتحدة نطاقها بدرجة كبيرة مع تفشي فيروس كورونا العام الماضي، ما يعني أنه يتعيّن على ملايين الأميركيين العاطلين عن العمل اتّخاذ قرارات صعبة، بشأن كيفية تدبّر أمورهم في ظل اقتصاد مهدد بتداعيات المتحور دلتا.

ويجد كثيرون أنفسهم أمام خيار إما خفض إنفاقهم على الطعام، أو اللجوء إلى مدخرات التقاعد أو الانقطاع عن العمل تماماً.

وقالت موظفة في مختبر فحص دم في ولاية أريزونا، عاطلة عن العمل حالياً، تدعى ديبورا لي، والتي أصيبت ابنتها وحفيدتاها بـ"كوفيد-19": "لا أعرف كيف سنتمكن من تدبر معيشتنا من دخل ابنتي فقط".

"أزمة صامتة"

ونسب الفضل في منع انهيار اقتصادي أسوأ في الولايات المتحدة، العام الماضي، إلى برامج مولتها الحكومة، إذ منحت مساعدات للعاطلين عن العمل لفترات طويلة، والأشخاص الذين يعملون بشكل حر.

لكن تلك البرامج باتت تثير الجدل في الأشهر الأخيرة، إذ أنهتها بعض الولايات قبل أوانها، مشيرة إلى أنها شجّعت الناس على عدم العودة إلى الوظائف، التي جعلتها لقاحات كورونا أكثر أماناً، وهو أمر ناقضته الدراسات التي جرت في هذا الصدد.

واعتباراً من السادس من سبتمبر، سيتوقف دفع هذه المبالغ على مستوى البلاد.

وبينما لا يتوقع خبراء الاقتصاد بأن يؤثر ذلك بشكل كبير على تعافي الاقتصاد الأميركي من محنة العام 2020، إلا أنها ستكثّف بلا شك الضغط على العاطلين عن العمل.

وأوضح أندرو ستيتنر من مركز أبحاث "ذي سينشوري فاونديشن" (مؤسسة القرن): "أعتقد أنه سيكون حدثاً غير محبّذ في الاقتصاد"، إذ يتوقع بأن يكون نحو 7.5 ملايين شخص يعتمدون على هذه البرامج عند انقضاء مهلتها. وأضاف "ستكون أزمة صامتة نوعاً ما".

"تم إيذائي"

وتم توسيع شبكة الأمان للعاطلين عن العمل في مارس عام 2020، عندما سارع الكونجرس للحد من تداعيات الوباء، من خلال إنفاق 2,2 تريليون دولار عبر حزمة إنقاذ ضمن قانون "كيرز".

وبينما لم يكن الهدف قط بأن تكون المساعدات دائمة، إلا أنه صدر تصريح بمنحها مرّتين، كان آخرهما عبر "خطة الإنقاذ الأميركية" بقيمة 1,9 تريليون دولار التي أقرها الرئيس جو بايدن وأعضاء حزبه الديمقراطي في الكونجرس في مارس الماضي.

وبينما دعم العديد من الجمهوريين البرامج في البداية، إلا أن نواب الحزب عارضوها بحلول العام الجاري، فيما تحرّكت 26 ولاية، يحكم جمهوريون العدد الأكبر منها، لإلغائها مبكراً إما بالكامل أو جزئياً.

وخلصت دراسة، نشرها الشهر الماضي باحثون من جامعات أميركية وكندية، إلى حدوث تحسّن متواضع فقط في التوظيف والإيرادات، في بعض هذه الولايات، التي ألغت المساعدات قبل أوانها، فيما تراجع الإنفاق بنسبة 20%.

وفي الأثناء، مازال الاقتصاد بعيداً عن التعافي الكامل، إذ لم تعوّض بعد قرابة 5,3 مليون وظيفة خسرها الاقتصاد خلال الوباء، مع فتح جهات التوظيف 235 ألف وظيفة فقط في أغسطس الماضي، بحسب بيانات حكومية نشرت الجمعة.

وفي ديلاوير بأوهايو، تقول كارين كولدويل إنها ترسل نحو 10 طلبات أسبوعياً للحصول على وظيفة، لكن من دون جدوى.

وأشارت إلى أن الجزء الأكبر من الوظائف، التي تجدها مخصصة للعاملين ذوي الأجور المنخفضة، وهي وظائف كان من الممكن أن تتقدم لها عندما كانت أصغر سناً.

وهناك آخرون لا يمكنهم العودة إلى صفوف القوة العاملة، رغم إدراكهم بقرب انتهاء المعونات التي تمثّل مصدر دخلهم الوحيد، ومن بين هؤلاء، بروك جانياني من "ذي داليس" في ولاية أوريجون، التي تشير إلى أنه لا يوجد من يمكنه الاعتناء بطفلها في حال توظّفت.

وقالت الأم البالغة 21 عاماً "أشعر بأنه تم إيذائي. أشعر بأنهم يقومون بذلك، بهدف دفعنا لوضع خطة والعودة إلى الواقع، وهو ليس تماماً الشعار الذي عليهم استخدامه".

"تأثير كبير" 

وسيواصل الأشخاص المستحقين للمعونات تلقيها، بموجب برامج البطالة العادية المطبّقة في الولايات، لكن انتهاء المبلغ الإضافي الأسبوعي البالغ 300 دولار يعني تقلّص مداخيلهم.

وقالت مصممة الجرافيك العاطلة عن العمل في ولاية بنسلفانيا كارين وليامز (58 عاماً) "سيؤثر ذلك علينا كثيراً. سيتعيّن علي خفض استهلاكي للطعام".

ويتوقع جريجوري داكو من مركز "أكسفورد إكونوميكس" للأبحاث، بأن يؤدي خفض المعونات إلى تقلّص مداخيل العائلات بـ4,2 مليار دولار أسبوعياً في سبتمبر، أو حوالى 210 مليارات دولار على أساس سنوي للشهر.

وقال "لن يكون نوع الصدمة الذي سيعيد الاقتصاد الأميركي إلى الوراء"، لكنه توقع بأن "العائلات من أصحاب الدخل الأكثر انخفاضاً والأقليات ستتأثر سلباً أكثر من غيرها".