تقرير: موظفو فيسبوك يحذرون من "استخدامات مسيئة" للتطبيق بالدول النامية

صورة مُركبة تتضمن شخصاً ينظر إلى شاشة هاتف ذكي تحمل شعار "فيسبوك" وفي الخلفية اسم شبكة التواصل - AFP
صورة مُركبة تتضمن شخصاً ينظر إلى شاشة هاتف ذكي تحمل شعار "فيسبوك" وفي الخلفية اسم شبكة التواصل - AFP
دبي -الشرق

أطلق موظفو موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، العديد من التحذيرات حول كيفية استخدام الموقع في الدول النامية، التي تعد قاعدة مستخدميه فيها ضخمة للغاية، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية، في تقرير، الخميس، إنه في يناير الماضي، نشر أحد موظفي فيسبوك، كان يعمل شرطياً، مذكرة داخلية لجميع الموظفين تتضمن تفاصيل حول مجموعة جديدة من المعلومات التي توصل إليها تتعلق بـ"استخدامات مسيئة للموقع"، أبرزها استغلال عصابة مخدرات مكسيكية منصة التواصل "لتجنيد رجالها وتدريبهم ودفع رواتبهم".

ووصفت الصحيفة استجابة "فيسبوك" لهذه المعلومات بأنها "ضعيفة"، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن سلوك المستخدمين كان صادماً، ويتضمن انتهاكاً واضحاً للقواعد، إلا أنها لم تمنع العصابة المكسيكية من النشر على منصتها، أو على منصة مشاركة الصور التابعة لها "إنستجرام".

وأشارت إلى أن الوثائق التي راجعتها هي تقارير من موظفين يعملون على فحص استخدام "فيسبوك" حول العالم، إذ تظهر عشرات الوثائق الداخلية الخاصة بالشركة أن الموظفين يطلقون إنذارات حول كيفية استخدام منصاتها في بعض البلدان النامية، التي لديها قاعدة ضخمة من المستخدمين فيها، ولكنها تُظهر أيضاً أن استجابة الشركة تكون في كثير من الحالات "غير كافية، أو أنها لا تستجيب على الإطلاق".

استخدامات مسيئة

ووفقاً للصحيفة، فقد حذر موظفو "فيسبوك" من استخدام متاجرين بالبشر في الشرق الأوسط الموقع لـ"إغراء النساء بالعمل في ظروف مسيئة تتم معاملتهن فيها مثل العبيد أو يُجبرن على ممارسة الجنس"، لافتين إلى أن الجماعات المسلحة في إثيوبيا استخدمت الموقع "للتحريض على العنف ضد الأقليات العرقية"، فضلاً عن إرسال هؤلاء الموظفين تنبيهات إلى رؤسائهم بشأن بيع الأعضاء ونشر المواد الإباحية والإجراءات الحكومية ضد المعارضة السياسية.

ووفقاً للوثائق التي اطلعت "وول ستريت جورنال" عليها، فإنه على الرغم من أن فيسبوك يستجيب لهذه الانتهاكات من خلال إزالة بعض الصفحات، فإن العديد منها ما زال يعمل بشكل علني.

وأظهرت الوثائق أيضاً أنه في بعض البلدان التي يعمل فيها فيسبوك، يوجد عدد قليل، أو لا يوجد على الإطلاق، من الموظفين الذين يتحدثون اللهجات اللازمة لتحديد "الاستخدامات الخطيرة أو الإجرامية للمنصة".

وقالت الصحيفة: "عندما تظهر المشاكل بشكل علني، تقول فيسبوك إنها قد عالجتها من خلال إزالة المنشورات المسيئة، إلا أنها لا تصلح الأنظمة التي تسمح للمخالفين بتكرار السلوك السيئ مرة أخرى، فهي تُعطى الأولوية للاحتفاظ بالمستخدمين، ومساعدة شركائها في مجال الأعمال، وفي بعض الأحيان استرضاء حكومات، التي يحتاج فيسبوك دعمها أحياناً للعمل داخل حدودها".

أسواق "أكثر ثراءً"

ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس "فيسبوك" السابق الذي أشرف على عقد شراكات مع مزودي الإنترنت في إفريقيا وآسيا قبل الاستقالة نهاية العام الماضي، بريان بولاند، قوله إن الشركة تتعامل مع إساءة استخدام تطبيقها في البلدان النامية على أنه "مجرد تكلفة للعمل في تلك الأماكن".

وأضاف أن "فيسبوك تركز جهودها على الأسواق الأكثر ثراءً، التي لديها حكومات ومؤسسات إعلامية قوية، حتى مع تحولها إلى البلدان الفقيرة من أجل زيادة عدد المستخدمين".

ولفتت الصحيفة إلى أنه في عام 2020، أمضى موظفو "فيسبوك" أكثر من 3.2 مليون ساعة في البحث عن المعلومات التي خلصت الشركة إلى أنها خاطئة أو مضللة، لكنهم قضوا 13% فقط من تلك الساعات في العمل على المحتويات التي كانت من خارج الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة إنه يوجد في العالم النامي مئات الملايين من مستخدمي "فيسبوك"، وأن أكثر من 90% من المستخدمين شهرياً من خارج الولايات المتحدة وكندا، لافتة إلى أنه مع توقف نمو عدد المستخدمين هناك وفي أوروبا إلى حد كبير، فإن جميع مستخدمي الموقع الجدد تقريباً هم من البلدان النامية، إذ يعد الموقع هناك بمثابة قناة الاتصال الرئيسية ومصدر الأخبار المتاح عبر الإنترنت.

وتابعت: "بعض أخطر الانتهاكات التي أشارت إليها الوثائق كانت تحدث من خارج الولايات المتحدة، فلطالما اشتكى النشطاء من أن "فيسبوك" لا يفعل الكثير لحماية المستخدمين في الخارج من المتاعب التي يعرف أنها تحدث على نظامه، ولكن تظهر الوثائق أن الكثيرين داخل الموقع يوافقون على ذلك".

"استراتيجية شاملة"

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم "فيسبوك" آندي ستون، قوله: "لدينا استراتيجية شاملة في البلدان المعرضة لخطر الصراع والعنف، بما في ذلك الاعتماد على فرق عالمية تضم متحدثين أصليين يغطون أكثر من 50 لغة، فضلاً عن الشراكات مع الخبراء المحليين، ومدققي الحقائق التابعين لجهات خارجية للحفاظ على سلامة الناس".

وتعليقاً على تصريحات ستون، قالت الصحيفة إن الوثائق الداخلية للشركة تظهر أنها لا تملك عدداً كافياً من الموظفين الذين يتحدثون بعض اللغات ذات الصلة للمساعدة في مراقبة الانتهاكات، كما أنها قد فشلت أيضاً في بناء أنظمة آلية يمكنها التخلص من الانتهاكات التي تتم ببعض اللغات، فضلاً عن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تغطي معظم اللغات المستخدمة على الموقع.

وأوضحت الصحيفة أن "اللغة العربية، على سبيل المثال، هي اللغة المُستخدمة من قبل الملايين من مستخدمي فيسبوك وهو ما تصفه الشركة بالمنطقة شديدة الحساسية، ولكن معظم مراجعي محتوى الموقع الذين يعملون باللغة العربية يتحدثون اللهجة المغربية، ولذا فإنهم غالباً ما يكونون غير قادرين على التقاط المحتويات السيئة، أو العنيفة باللهجات الأخرى، فضلاً عن ارتكابهم أخطاء في تقييد المشاركات غير المسيئة، كما أن خوارزميات التطبيق لا تستطيع أيضاً التعامل مع اللهجات المختلفة"، وفقاً لوثيقة داخلية للموقع.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عما كتبه أحد الموظفين في الوثيقة: "يجب تخصيص المزيد من الموارد لمهمة تحسين الأنظمة العربية". 

وقالت الصحيفة إنه عندما اندلع العنف بين إسرائيل والفلسطينيين في مايو الماضي، قمعت الشركة عن طريق الخطأ بعض استخدامات اللغة العربية من قبل مصادر الأخبار الإقليمية والناشطين، إذ حذفت المنشورات التي تضمنت كلمة "الأقصى"؛ لأنها تُستخدم أيضاً في اسم "كتائب شهداء الأقصى"، التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية، مشيرة إلى أن أحد المديرين كتب اعتذاراً في مذكرة داخلية عن "الاستياء الذي تسببت فيه هذه الأخطاء".

اقرأ أيضاً: