الأسرى الفلسطينيون وسجون إسرائيل.. 6 عقود من محاولات الفرار إلى الحرية

صورة أرشيفية لأسرى فلسطينيين يجلسون في زنزانتهم في سجن شيكما الإسرائيلي في مدينة عسقلان، 14 أغسطس 2004 - REUTERS
صورة أرشيفية لأسرى فلسطينيين يجلسون في زنزانتهم في سجن شيكما الإسرائيلي في مدينة عسقلان، 14 أغسطس 2004 - REUTERS
دبي- الشرق

لم تكن عملية هروب 6 فلسطينيين من سجن جلبوع المرّة الأولى التي يحاول فيها أسرى الفرار من سجون الاحتلال الإسرائيلي، وربما لن تكون الأخيرة، حتى لو لم تُكلل بالنجاح حتى النهاية، مثلما حدث مع أسرى "نفق الحرية" الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم.

الأسير المحرر ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، وثّق 29 من أبرز عمليات الهروب التي قام بها الأسرى الفلسطينيون من السجون الإسرائيلية، منذ عام 1958 حتى 2021.

وقال فروانة، وهو أيضاً عضو المجلس الوطني الفلسطيني، لـ"الشرق"، إن محاولة الهروب التي وقعت في سجن جلبوع "لن تكون الأخيرة في سياق البحث عن الحرية"، مشيراً إلى أن هناك أسرى نجحوا في تخطي حدود السجن، فيما فشل آخرون في تحقيق ذلك.

"مليون معتقل فلسطيني"

يُقدَّر "فروانة" عدد حالات الاعتقال الإسرائيلية في حق الفلسطينيين منذ عام 1967، بنحو مليون حالة اعتقال.

وذكر أن قرابة 4600 أسير فلسطيني لا يزالون يقبعون في سجون إسرائيل، موزعين على 23 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، بينهم 200 طفل و40 فتاة وامرأة، وقرابة 500 معتقل إداري من دون تهمة أو محاكمة، إضافة إلى 544 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عدّة. 

وأشار إلى أن هناك نحو 100 أسير مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة، و34 أسيراً في السجون منذ ما يزيد على 30 سنة، و13 أسيراً منذ أكثر من 30 سنة متصلة، إضافة إلى العشرات ممن أعيد اعتقالهم بعدما تحرروا في إطار صفقة تبادل الأسرى المعروفة فلسطينياً باسم "وفاء الأحرار"، وإسرائيلياً بصفقة "شاليط" عام 2011، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى قرابة 41 سنة في سجون إسرائيل على فترتين. 

29 قصة هروب

وسجّل عبد الناصر فروانة، أبرز عمليات الهروب التي قام الأسرى الفلسطينيون من سجون إسرائيل، حسب التسلسل الزمني، وذلك عقب تواصله مع عدد منهم بعدما حققوا هدفهم بالفعل، وجاءت كالتالي:

1- في 31 يوليو 1958، سجّل 190 أسيراً فلسطينياً وعربياً في سجن شطة الواقع في غور بيسان، أكبر عملية هروب جماعية عرفتها سجون الاحتلال، عندما تمرد الأسرى على إدارة السجن وسيطروا على عدد من "السجّانين"، فأردوا 2 منهم وجرحوا 3 آخرين.

وسهّل هذا التمرّد هروب 77 أسيراً، عُرف منهم: محمود عيسى البطاط من الخليل، وأحمد خليل من غزة، وأحمد علي عثمان من مصر، وهم من خططوا للعملية، وأثناء ملاحقة الفارين، قتلت إسرائيل 11 أسيراً، فيما تمكن آخرون من الفرار وسلموا أنفسهم للجيش الأردني. 

2- ثلاث محاولات للأسير حمزة يونس الملقب بـ"الزئبق" الذي ينتمي لقرية عارة في المثلث (جنوب حيفا)، استطاع خلالها الفرار من سجون إسرائيل، وكانت المحاولة الأولى من سجن عسقلان في 17 أبريل 1964، والثانية من المستشفى عام 1967، والثالثة من سجن الرملة في 1971، حتى وصل إلى لبنان. 

صورة أرشيفية لأسرى فلسطينيين يجلسون في زنزانتهم في سجن شيكما الإسرائيلي في مدينة عسقلان - 14 أغسطس 2004 - REUTERS
صورة أرشيفية لأسرى فلسطينيين يجلسون في زنزانتهم في سجن شيكما الإسرائيلي بمدينة عسقلان، 14 أغسطس 2004 - REUTERS

3- الأسير المحرر هلال محمد جرادات، مواليد عام 1966 في بلدة اليامون غرب جنين، اعتُقل مرات عدّة، آخرها في 24 سبتمبر 1987، وتحرر بعد 24 سنة من سجن جلبوع ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، وأُبعد إلى غزة، بعدما أمضى 27 سنة في السجون الإسرائيلية. 

وخطط جرادات للهروب من السجن أكثر من مرّة، ففي مارس عام 1983، استطاع الفرار من سجن الفارعة شمال شرقي نابلس، عبر قطع الأسلاك الشائكة، إلّا أنه أُعيد اعتقاله بعد ساعات قليلة من فراره.

وفي عام 1985، كرر ثانية الهروب عبر التسلل بين الأهالي الموجودين بقاعة المحكمة العسكرية بسجن جنين وخرج معهم، لكن سرعان ما انكشف أمره فتمت مطاردته وأُلقي القبض عليه سريعاً في شارع جنين-حيفا.

وبعد المحاولة السابقة بأربع سنوات، خطط جرادات للهروب من سجن جنيد، لكن محاولته لم تُستكمل بسبب صعوبة إحداث ثغرة في جدار السجن، وفي عام 1998، شارك في محاولة للهروب عبر نفق في سجن شطة، إلّا أنها لم يُكتب لها النجاح أيضاً.

فرار أثناء "إعادة تمثيل الأحداث"

4- يوسف رجب الرضيع، من مواليد بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، كان ضابطاً بجيش التحرير الفلسطيني في الأردن، وانضم لعشرات الضباط الذين قادهم أبو علي مصطفى (الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) ودخلوا الأراضي الفلسطينية المحتلة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل.

واعتُقل الرضيع في رام الله مطلع عام 1968، وأثناء إعادة تمثيل كيفية تنفيذ العمليات التي قام بها، أمام الاحتلال الإسرائيلي، تمكن من الفرار ونجح في الاختفاء ثم عاد إلى الأردن والتحق بجيش التحرير مجدداً.

وكُلف الرضيع، من قيادة "الجبهة الشعبية" باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة "العال"، وكانت أول عملية اختطاف لطائرة إسرائيلية، إذ أجبرها الرضيع، على الهبوط في الجزائر وعلى متنها نحو 100 إسرائيلي.

وأبرمت "الجبهة الشعبية" أول صفقة تبادل أسرى فلسطينية مع إسرائيل، برعاية الصليب الأحمر، في 23 يوليو 1968، وظل الرضيع حراً حتى وفاته في 30 ديسمبر 2006.

5- في نوفمبر 1969، استطاع الأسير محمود عبد الله حمّاد، من قرية سلواد شمال شرقي رام الله،  الهروب خلال نقله من سجن رام الله إلى سجن آخر، وظل مطارداً في جبال سلواد لمدة 9 أشهر قبل أن ينتقل إلى الأردن ومنها إلى الكويت. 

تسلل مع الزوار

6- في 11 أغسطس 1972، استطاع الأسير حسن محمود حسن لبد، من مخيم جباليا، الهروب من سجن بئر السبع، شديد الحراسة، عبر غرفة زيارة الأهالي، ليخرج مع الزائرين ويستقل الأتوبيس الذي كان يقلهم باتجاه غزة حيث مكث بها 20 يوماً، قبل أن يُعاد اعتقاله. 

والد أسير فلسطيني يعدّ الأيام المتبقة لإطلاق سراح ابنه من سجن إسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة - 14 يوليو 2020 - REUTERS
والد أسير فلسطيني من رفح جنوبي قطاع غزة يقوم بحساب الأيام المتبقة لإطلاق سراح ابنه من سجن إسرائيلي، 14 يوليو 2020 - REUTERS

وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت لبد في 3 أبريل 1970، وعاقبته بالسجن لمدة 20 سنة، وبعد محاولة الفرار، عُرض على محكمتين، الأولي مدنية أصدرت حكماً بالسجن 3 سنوات، وأخرى عسكرية أصدرت حكماً لمدة 15 سنة بتهمة حيازة سلاح، إضافة إلى حكمه السابق.

ولم يقضِ حسن لبد، مدّة عقوبته كاملة، إذ أُطلق سراحه ضمن عملية تبادل الأسرى عام 1985، ولا يزال حراً ويعيش في قطاع غزة. 

7- في عام 1972، أصدرت المحكمة العسكرية في إسرائيل حكماً بالإعدام، ضد الأسير أحمد عمران، ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد، وطلب العمل في المطبخ الخاص بسجن عسقلان بحثاً عن وسيلة للهروب. 

وكان عمران مطلوباً لقوات الاحتلال باعتباره أحد أبرز عناصر المجموعات المقاتلة في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بالنصيرات، والتي كان يُطلق عليها "سُحب الجحيم". 

واستطاع عمران الفرار من السجن بمعاونة سائق شاحنة كانت تحضر مواد للتنظيف للسجن، حتى وصل إلى النصيرات وعاد للمقاومة ونفّذ عدداً من العمليات المسلحة، وقضى خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد مرور 4 أشهر على فراره، حسب ما نقل فروانة عن أحد رفاق الأسير الراحل. 

"الأم فوق الحرية"

8- في 27 يناير 1983، استطاع الأسير ناصر عيسى حامد، الهروب من مبنى محكمة الاحتلال في رام الله، لكنه سلم نفسه بعد 4 أيام من فراره عقب اعتقال القوات الإسرائيلية لوالدته. 

صورة أرشيفية لأسير فلسطيني خلف قضبان زنزانته في سجن عسقلان في إسرائيل - 6 فبراير 2005 - REUTERS
صورة أرشيفية لأسير فلسطيني خلف قضبان زنزانته في سجن عسقلان، 6 فبراير 2005 - REUTERS

9- وفي عام 1983، هرب خالد برغوث وفهيم حمامرة من الضفة الغربية، ومخلص برغال من اللد، من سجن الدامون الذي كان مخصصاً لصغار السن، وذلك بمساعدة الأسير خالد الأزرق وعدد من الأسرى الذين راقبوا المكان وتمكنوا من التحايل على السجانين.

واجتاز الأسرى الثلاثة جدار السجن حتى وصلوا إلى بداية أحراش الكرمل، ثم اكتُشف أمرهم وأعيد اعتقالهم، وتعرضوا للضرب والعزل في زنازين انفرادية لشهور بسبب تلك المحاولة. 

"الهروب الأشهر"

10- في 17 مايو 1987، نجح 6 أسرى فلسطينيين هم مصباح الصوري، ومحمد الجمل، وسامي الشيخ خليل، وصالح أبو شباب، وعماد الصفطاوي، وخالد صالح، في الهروب من سجن غزة المركزي (السرايا) وسط مدينة غزة، بعدما قاموا بقطع قضبان الغرفة 7 في القسم (ب) الواقع في الطبقة الثانية من السجن.

وبعد بضعة أشهر من المطاردة والاختفاء، قُتل 3 منهم خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية في حادثين منفصلين، هم: مصباح الصوري، ومحمد الجمل، وسامي الشيخ خليل، ووفقاً لعبد الناصر فروانة، تعد هذه العملية الأبرز والأكثر شهرة من بين قصص فرار الأسرى الفلسطينيين.

11- في 21 سبتمبر 1987، فرّ 3 أسرى من قطاع غزة، وهم: خليل مسعود الراعي، وشوقي أبو نصيرة، وكمال عبد النبي، من سجن نفحة في صحراء النقب، بعد قطع قضبان حديدية وأسلاك شائكة وتجاوز تحصينات معقدة، وبعد مطاردة استمرت 8 أيام، أعادت إسرائيل اعتقالهم حيث كانوا في طريقهم إلى الحدود المصرية. 

12- في 27 مايو 1989، استطاع الأسير شادي شوكت درويش، من بيت جالا، الهروب من الطابق الرابع لسجن الخليل، عبر استخدام "المناشير والبطاطين"، إلا أنه قضى في 16 أغسطس من العام نفسه، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في دورا الخليل.

واحتجزت إسرائيل جثمان درويش لمدة 5 أعوام، قبل أن تسلّمه في 31 أغسطس 1994 بعد جهود حقوقية وقانونية. 

13- في 10 مارس 1990، استطاع 5 أسرى من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، الفرار من قسم كيلي شيفع في سجن النقب، وهم: رفيق حمدونة، أنور أبو حبل، أيمن عابد، عمر العرينين، وعماد القطناني.

وتخطّى الأسرى مسافات طويلة بعد الهروب، وتجاوز 3 منهم الحدود في اتجاه مصر، ثم دخلوا تونس، ليعودوا إلى فلسطين مع السلطة الوطنية، فيما اُعتقل رفيق حمدونة وأنور أبو حبل عند مناطق حدودية.

تفتيش أسير في سجن بئر السبع - 11 أغسطس 2015 - REUTERS
تفتيش أسير في سجن بئر السبع، 11 أغسطس 2015 - REUTERS

 

14- في 14 مايو 1990، استطاع الأسير محمود جابر يوسف نشبت، من مخيم البريج في غزة، الهروب من القسم (أ) في سجن النقب الصحراوي، عبر شاحنة خضراوات، إذ عمل نشبت في مطبخ السجن قبلها بأسبوع.

وفي الطريق المؤدي إلى بئر السبع، قفز من صندوق السيارة بعدما اختبأ بين أقفاص الخضراوات، وسار على قدميه حتى وصل إلى غزة، وبقي حراً إلى أن اعتُقل في 9 أغسطس 1990 على الحدود المصرية. 

هروب من المستشفى 

15- في 21 مايو 1990، وبعد نحو 4 أعوام من الاعتقال، نُقل الأسير عمر النايف من مدينة جنين إلى المستشفى في بيت لحم إثر تدهور وضعه الصحي بعد إضرابه عن الطعام، وتمكن من الهرب إلى الأردن، ثم الإقامة في بلغاريا منذ عام 1994، حتى اغتيل داخل مبنى السفارة الفلسطينية في 26 فبراير 2016، بعدما طالبت إسرائيل السلطات البلغارية بتسليمه. 

16- في صيف عام 1990، استطاع الأسيران مصطفى أبو العطا وفيصل مهنا، من غزة، الهروب من معتقل أنصار 2 غرب مدينة غزة، إلا أنه أعيد اعتقالهما بعد شهر من فرارهما. 

17- وفي 7 يوليو 1992، هرب أسامة محمد علي النجار، من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، خلال عملية نقله إلى المحكمة، ثم واصل نشاطه ضد الاحتلال حتى قضى في اشتباك مع القوات الإسرائيلية. 

18- في 2 يناير 1995، استطاع الأسير ياسر محمد صالح، من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، الهروب من قسم كيلي شيفع في سجن النقب، ثم أعادت إسرائيل اعتقاله عند الحدود المصرية الفلسطينية، ليُكمل  مدة سجنه حتى تحريره عام 2009. 

"انتحال شخصية"

19- مطلع عام 1996، استطاع الأسير صالح طحاينة، الهروب من سجن النقب الصحراوي، بعدما تحايل على إدارة السجن وانتحل شخصية أسير آخر كان من المقرر الإفراج عنه، ثم أصبح مطارداً إلى أن قُتل في شقة سكنية بمدينة رام الله في 4 يوليو 1996. 

شرطي إسرائيلي يمشي أمام سجن عسقلان في 31 يوليو 2003 - REUTERS
شرطي إسرائيلي في سجن عسقلان، 31 يوليو 2003 - REUTERS

20- وفي 4 أبريل 1996، استطاع الأسيران غسان مهداوي من طولكرم، وتوفيق الزبن من أريحا، الهروب من سجن كفار يونا عبر نفق حفراه بطول 11 متراً، ولكن أُعيد اعتقال الأول بعد سنة من فراره ليكمل فترة سجنه، وبقي الثاني حراً لسنوات وأعيد اعتقاله عام 2000. 

21- في 12 يوليو 1996، حاول 6 أسرى هم جهاد أبو غبن، وثائر الكرد، ونهاد جندية، ومحمد حمدية، من غزة، وحافظ قندس من يافا، ونضال زلوم من رام الله، الهروب من الغرفة 15 بقسم 11 في سجن عسقلان، بعد إحداث فتحة أعلى غرفة الزيارة.

وحاول ثلاثة أسرى الخروج مع العائلات بعد الزيارة نحو البوابة الخارجية، إلا أنه اكتشف أمرهم وأُحبطت المحاولة، فيما كانت الدفعة الثانية تنتظر اللحاق بهم. 

"أنفاق الحرية"

22- في عام 1996، حاولت مجموعة من الأسرى الهروب من سجن عسقلان عبر نفق حفروه بطول 17 متراً، لكن انسداد شبكة الصرف الصحي أثار شكوك إدارة السجن، لتجري تفتيشاً، وتكتشف العملية ما أحبط محاولة الهروب. 

23- وفي عام 1998، حاول عدد من الأسرى أبرزهم عبد الحكيم حنيني وعباس شبانة وإبراهيم شلش، الفرار عبر نفق حفروه داخل زنزانة بسجن شطة، إلا أن محاولتهم أخفقت فور خروجهم لتعيد إسرائيل اعتقالهم. 

24- حاول الأسير محمد سلمان مرزوق أبو جاموس، من سكان رفح جنوبي قطاع غزة، الهروب من السجن مرات عدّة عندما كان معتقلاً منذ 14 نوفمبر 2001، واستطاع تنفيذ خطته خلال عملية نقله إلى محكمة سالم، في 6 يونيو 2002.

وبعد 3 أيام من البحث والمطاردة، أعيد اعتقال "أبو جاموس"، وصدرت في حقه أحكام بلغ مجموعها 28 سنة، لكنه تحرر في الدفعة الأولى ضمن صفقة "وفاء الأحرار".

ونقل فروانة عن الأسير المحرر قوله: "اعتُقلت مرات عدّة، وفي كل مرة كان الهروب هدفاً، ولو لم أتحرر في صفقة التبادل، لكنت خططت للهرب من سجن هداريم، حيث كنت هناك حينها". 

فتحة النفق الذي حفره سجناء جلبوع طوال 9 شهور - 9 سبتنبر 2021 - REUTERS
فتحة النفق التي فرّ منها أسرى سجن جلبوع قبل إعادة اعتقالهم، 9 سبتمبر 2021 - REUTERS

25- في 22 مايو 2003، حفر رياض خليفة وأمجد الديك، من بلدة كفر نعمة في رام الله، وخالد شنايطة من بلدة العبيدية في بيت لحم، نفقاً بعمق متر وطول 15 متراً، واستطاعوا الفرار من سجن عوفر الإسرائيلي القريب من رام الله.

وتمكن الأسرى الثلاثة من الاختفاء والمطارة لمدة 7 أشهر، وانتهت "حريتهم المؤقتة" ليلة 12 ديسمبر 2003، بعد اكتشاف وجودهم قرب قرية كفر نعمة، وقتلت قوات الاحتلال، رياض خليفة الذي عُرف حينها بصفته قائداً لـ"سرايا القدس" في منطقة رام الله.

وأعادت إسرائيل اعتقال الديك، ليمضي 15 عاماً في سجونها وأُفرج عنه عام 2018، أما ثالثهما خالد شنايطة، فاعتُقل لاحقاً، قبل أن يودي اشتباك مسلح بحياته بعد خروجه من السجن عام 2006 في شمال بيت لحم. 

هروب بـ"ملابس حراس" 

26- في 13 يونيو 2014، أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية، عثورها على نفق حفره أسرى يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة، داخل حمام إحدى غرف سجن شطة، إضافة إلى اكتشاف ملابس لدى الأسرى تم تعديلها لتشبه ملابس حرّاس السجن للتمويه وتسهيل عملية هروبهم. 

حراس سجن إسرائيلي يرافقون شرطي حدود يواجه تهمة في محكمة القدس - 23 نوفمبر 2014 - REUTERS
حراس سجن إسرائيلي ينقلون شرطي حدود يواجه تهمة في محكمة القدس، 23 نوفمبر 2014 - REUTERS

27- في 4 أغسطس 2014، أحبطت إسرائيل محاولة هروب جماعية لأسرى فلسطينيين من سجن جلبوع، بعد قيامهم بأعمال حفر في نفق من مرحاض إحدى الزنازين. 

28- وفي 10 أكتوبر 2016، أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية إحباط محاولة هروب أسير فلسطيني من "فتحة تهوية" في سجن إيشل في مدينة بئر السبع جنوباً. 

29- وأخيراً، في 6 سبتمبر 2021، استطاع 6 أسرى فلسطينيين هم: محمود العارضة ومحمد العارضة ويعقوب قادري أيهم كممجي وزكريا الزبيدي ومناضل انفيعات، الهروب من الزنزانة 5 في قسم (2) بسجن جلبوع الذي يوصف بـ"الخزنة الحديدية"، بعد حفر نفق بطول 25 متراً، على مدى 9 شهور، منذ 14 سبتمبر 2020.

لكن بعد 4 أيام من الهروب، أعادت إسرائيل اعتقال اثنين من الأسرى الفارين، ثم تمكنت من اعتقال اثنين آخرين في اليوم التالي، حتى أعلنت فجر 19 سبتمبر، اعتقال آخر سجينين من بين الستة الهاربين. 

سجناء أم أسرى حرب؟

المختص في شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، قال لـ"الشرق"، إن إسرائيل "لا تعامل الفلسطينيين وفقاً لاتفاقية جنيف الثالثة باعتبارهم أسرى حرب، ولا تعترف بهم كمدنيين اعتُقلوا في زمن الحرب وتنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة"، متابعاً: "بل تصرّ إسرائيل على روايتها الظالمة وتقدمهم على أنهم مجرمون وقتلة وإرهابيون ارتكبوا مخالفات وجرائم سابقة اعتُقلوا وحوكموا بسببها".

وأضاف أن "القانون الدولي أجاز للأسرى والمعتقلين انتهاج وسيلة الهروب من سجون الاحتلال"، مشيراً إلى أن "اتفاقية جنيف الثالثة (1949) التي انضمت إليها أو صادقت عليها كل الدول تقريباً بما فيها إسرائيل، عالجت هذا الموضوع في موادها (91 – 94)"، إضافة إلى أن "اتفاقية جنيف الرابعة (1949) جاءت على ذلك في المادة 120". 

وتابع: "الخلاصة القانونية في هذه الحالة أن عمليات الهروب وفي كل الأحوال لا تستوجب عقاباً جنائياً، لكن يمكن فرض عقوبات تأديبية بحق مَن حاولوا الهرب وفشلت محاولاتهم"، مضيفاً: "أما الهروب الناجح لأسير الحرب وفي حال أعيد اعتقاله، فإنه لا يخضع لعقوبات جنائية أو تأديبية بسبب هذا الهروب". 

تهم جديدة

واعتبر فروانة أن إسرائيل "تحاول اليوم أن تلصق بالأسرى تهماً جديدة ترى أنه يجب أن يحاكَموا عليها، وتسعى إلى أن تُفرَض عليهم عقوبات جنائية كما تفعل بعض الدول مع الهاربين، ضمن قانون العقوبات المتبع لديها". 

وتابع: "لذلك نرى أن إسرائيل، وعقب كل محاولة هروب، تلجأ إلى تشديد إجراءاتها وتكثيف احتياطاتها الأمنية، وتصعيد عمليات قمعها للأسرى كافة والتنكيل بهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وتقديمهم للعزل والمحاكمات الظالمة، انتقاماً منهم، واعتقاداً منها أن تلك الإجراءات تضمن منع تكرارها". 

لكن فروانة يعتقد أنه رغم هذه الإجراءات، فإن "محاولات الهروب من سجون الاحتلال والسعي وراء الحرية لم ولن تتوقف"، متوقعاً "أن تحمل الفترات القادمة محاولات جديدة وعمليات هروب ناجحة، في ظل تواصل الاعتقالات واستمرار دولة الاحتلال في إصدار أحكام خيالية بحق بعض الأسرى الفلسطينيين، وإصرارها على احتجاز آخرين لعشرات السنين في ظروف قاسية، ومع تضاؤل الفرص الأخرى للإفراج عنهم".