بدأت بريطانيا والنرويج، الجمعة، تشغيل خط "نورث سي لينك"، أطول سلك كهربائي تحت المياه في العالم، يربط البلدين، إذ يشكل خطّ أمان إضافياً لإمداد بريطانيا بالطاقة في خضمّ ارتفاع أسعار الغاز وشح الوقود.
ويمتدّ هذا الخطّ الكهربائي تحت المياه على مسافة 720 كيلومتراً، بقدرة قصوى تبلغ 700 ميجاواط، على أن ترتفع تدريجياً لتبلغ خلال 3 أشهر إلى 1400 ميجاواط.
وقالت شركة "ناشونال جريد"، المشغلة لشبكة الكهرباء البريطانية وتملك نصف الأسهم في الخطّ الكهربائي الجديد، إلى جانب شركة "ستاتنت" للكهرباء النرويجية: "سيتمكن خط نورث سي لينك بقدرته الكاملة، من تغذية 1.4 ملايين منزل بالكهرباء".
وأضافت: "سيكون بإمكان المملكة المتحدة تزويد النرويج بالطاقة الريحية، عندما تنتج فائضاً وكذلك ستتمكن الدولة الاسكندنافية من إرسال فائضها من الطاقة المائية لبريطانيا، بهدف المساعدة في تلبية الطلب وخفض أسعار الإمدادات من الجانبين".
وتعتزم المملكة المتحدة، التي تستضيف اعتباراً من أواخر الشهر الجاري، مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021 COP26، تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إذ يسهم هذا السلك الجديد في الإمداد بالطاقة، دون التسبب بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ولدى بريطانيا خطوط كهربائية تربطها بفرنسا وبلجيكا وهولندا، كما تعتزم إنشاء خطوط أخرى مع دول القارة، خصوصاً سلك جديد تحت المياه يربطها بالدنمارك اسمه "فايكنج لينك" ويمتدّ على 465 كيلومتراً بينها 621 تحت المياه، ويُتوقع أن تنتهي عملية إنشائه أواخر عام 2023.
وفي منتصف سبتمبر الماضي، تسبب حريق أثر على خطّ كهربائي ضخم مع فرنسا، بتدني قدرة البلاد على استيراد الكهرباء، وساهم في ارتفاع أسعار الغاز، التي سجلت الخميس، أرقاماً قياسية تاريخية جديدة.
تبعات غير متوقعة
وتسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز بإفلاس مجموعات، إذ إن الشركات المشغّلة باتت عالقة بين أسعار الغاز القياسية والسقف المفروض على فواتير الكهرباء التي ترسلها إلى الأُسر.
وبات قرابة مليوني منزل بريطاني محروماً من مورد للطاقة مع حلول فصل الشتاء، على الرغم من أن السلطة المشرفة على القطاع تعد بأن الجميع سيكون لديه مورّد جديد.
وتتأثر بريطانيا بشكل خاص بأزمة الغاز الطبيعي التي تواجهها أوروبا؛ لأنها تعتمد على هذه الطاقة لإنتاج الكهرباء، أكثر من دول أخرى مثل فرنسا، التي تهيمن فيها الطاقة النووية على قطاع الكهرباء.
وتسبب أيضاً ارتفاع أسعار الغاز، بتوقف عمل أكبر مورد لثاني أكسيد الكربون في البلاد، ما قد يؤدي إلى إضعاف الأمن الغذائي، لأن هذا الغاز أساسي جداً في سلسلة التبريد.
وقدّمت الحكومة المساعدة لهذه الشركة، إلا أنها ترفض حتى الآن مساعدة شركات الطاقة.
ويُتوقع أن تخرج أكبر مجموعتين وهما "أي.أون" وسنتريكا، رابحتين من ذلك وكذلك الأمر بالنسبة إلى المجموعات الأكثر تركيزاً على مصادر الطاقة المتجددة على غرار SSE وOctopus Energy.
وبالنسبة إلى المستهلكين، يُفترض أن يؤدي ارتفاع أسعار الغاز إلى ارتفاع فواتير الكهرباء، في وقت يبدأ الجمعة تطبيق رفع سقف الفواتير، ما يشكل ضغطاً إضافياً على الأُسر الأكثر هشاشةً.
وتُضاف هذه الأزمة إلى نقص الوقود في المحطات، وهي الأخطر منذ أكثر من 10 سنوات، بسبب تراجع عدد سائقي الشاحنات التي توزع المحروقات.
ولا يزال ينبغي رؤية ما إذا كانت أزمة الطاقة الحالية، ستساعد أو ستبطّئ انتقال البلاد البيئي.
وكانت 14 شركة كبرى في بريطانيا، دعت أخيراً إلى تسريع التخلي عن الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء، إذ تعتبر رئاسة الوزراء البريطانية أن الغاز "لا يزال حتى الوقت الراهن أساسياً للحفاظ على سلامة نظام الكهرباء واستقراره".