نشرت وكالة الأنباء السعودية، الجمعة، تقريراً عن الأشجار المعمّرة على سلسلة جبال السروات، معتبرة إياها من الحالات النادرة على مستوى البلاد، خاصة أنها أصبحت محط اهتمام الباحثين لإجراء الدراسات البحثية البيئية.
وذكرت الوكالة أن عددها في منطقة عسير بلغ 237 شجرة تتوزع في أكثر من 55 موقعاً في محافظات ومراكز المنطقة.
وتعددت مسميات الأشجار المعمّرة بين "التالقه والجُمّيز والسدر والرقاعة والحُمر (التمر الهندي) والظهيان والأثب والعدنة والصومل والحور والجوز المعروف بالقعقع، وهناك الغَرَب واللبخ والإبرة".
وتعد شجرة "الرقاع " في "شعف آل سودة" بمحافظة تنومه، شمال منطقة عسير جنوب السعودية، من أكبر الأشجار تاريخاً في المملكة، وربما على مستوى العالم، استناداً إلى الدراسات العلمية من الباحثين، وكذلك المقاييس العلمية التي استخدمت في تحديد عمرها الزمني، الذي يقيّم بمئات السنين، حيث تبلغ مساحة ظلها أكثر من 900 متر مربع، ويبلغ محيط ساقها نحو 10 أمتار، وفقاً للوكالة.
التين الأبيض
وتنتج شجرة "الرقاع" ثماراً تشابه "التين الأبيض" في الطعم واللون، وكانت تؤكل في الماضي، وهي تحافظ على اخضرارها على مدار العام بسبب تأصل جذورها في أعماق الأرض، كما أنها لا تتأثر بالجفاف وشح الأمطار.
ويماثل شجرة "الرقاع" في تنومه شجرة "الجميز" الواقعة في وادي رحب بمحافظة رجال ألمع، وهي من الأشجار المعمّرة التي يبلغ محيط ساقها نحو 8 أمتار، واشتهرت في القدم بأنها كانت مكاناً لتعليم الأطفال.
شجرة العرعر
وبحسب الوكالة، تعد شجرة "العرعر" التي تشتهر بها مناطق عسير والباحة وجازان من الأشجار المعمّرة دائمة الخضرة التي تنمو في المناطق الباردة وعلى سفوح الجبال الشاهقة، حيث اعتمد عليها الإنسان منذ القدم في تأمين الكثير من متطلبات الحياة، مثل بناء المنازل والعلاج واستخراج القطران والدواء.
وتنتشر هذه الشجرة على سفوح جبال السروات، وهي من أهم عوامل الجذب السياحي، نظراً لاخضرارها على مدار العام، وتشكيلها غطاء نباتياً يجمع بين الجمال والظل، كما تصنف ضمن فئة الأشجار المعمّرة، إذ تعيش الشجرة الواحدة مئات السنين.
مميزات الشجرة
وتتميز هذه الشجرة بأنها من الأشجار الجذابة الظليلة وهي ذات رائحة منعشة، لما تحتويه أوراقها من كميات وفيرة من الزيوت الطيارة، وتعمل على تعديل المناخ وتلطيفه وتحسين التربة وزيادة خصوبتها ومقاومة التلوث الجوي وكسر شدة الرياح وتقليل الضوضاء، بالإضافة إلى الناحية الجمالية.
وتصنف شجرة العرعر إلى 52 نوعاً على مستوى العالم، ولها قيمة اقتصادية من خلال دورها الحيوي في الحفاظ على المياه والتربة، وكونها أهم مصادر الأخشاب الجيدة والمقاومة للآفات مع صلابة خشبها ومحافظتها على نمو الأعشاب.
وأشارت الوكالة إلى أن "العرعر" يواجه خطر التلاشي لأسباب متعددة منها التوسع العمراني وشق الطرق، وبعض الممارسات السيئة كإلقاء النفايات الخطرة مثل المواد البلاستيكية في منابتها، وإشعال النار في بعضها، بالإضافة إلى التعديات العشوائية على مناطق الغابات وقطع الأشجار، إلى جانب مشكلات أخرى تتعلق بإصابتها ببعض الأمراض، مثل ظاهرة "الموت القمي" لبعض أشجار العرعر.
أبحاث لظاهرة الانقراض
وتعمل الجهات ذات العلاقة بالشراكة مع الجامعات في المملكة ومراكز البحوث والدراسات البيئية على معالجة ظواهر انقراض الأشجار المعمّرة بطرق متعدة، منها إزالة الأشجار الميتة واستبدالها بشتلات جديدة، وإزالة الأفرع الميتة وتقليمها، إلى جانب عمل عقوم ترابية لحجز مياه الأمطار في ظل قلة الأمطار والضباب وتذبذبهما لفترات طويلة، مما يؤدي إلى إجهاد الأشجار وزيادة قابليتها للإصابة بالآفات الحشرية والأمراض.
وأبانت الوكالة أن السلطات السعودية أصدرت العديد من الأوامر والتنظيمات التي تؤكد أهمية المحافظة على الغطاء النباتي بصفة عامة والأشجار المعمّرة بصفة خاصة، فشرعت وزارة البيئة والمياه والزراعة في وضع البطاقات التعريفية لكل شجرة.
وتتضمن البطاقة التعريفية الاسم العلمي والمعلومات الإرشادية المتعلقة بها، إلى جانب البدء في عدد من المشروعات التطبيقية مثل التوسع في الاستزراع وإنشاء محميات في المحافظات، ومشاتل متخصصة لزراعة الأشجار المعمّرة، وتطوير وإنشاء بند لجمع البذور للأنواع المعمّرة والمهددة بالانقراض.
كما عمدت إلى إنشاء "القوات الخاصة للأمن البيئي" التابعة لوزارة الداخلية في السعودية، لمراقبة وضبط المخالفات البيئية والحياة الفطرية وحماية الغابات والموارد البحرية ومتابعة الجانب المتعلق بالتنوع الأحيائي في المملكة مثل الاحتطاب وتجريف التربة والصيد الجائر.