تواجه إيران ظاهرة خطيرة تصيب قطاعها الصحي، تتمثل بزيادة هجرة الأطباء إلى الخارج، وارتفاع حالات الانتحار بينهم في الداخل، مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية، وذلك في وقت تتزايد حاجة البلاد إليهم لمكافحة موجة سادسة من وباء كورونا.
وفي رسالة إلى المرشد علي خامنئي، أعرب رئيس لجنة الصحة في البرلمان الإيراني حسين علي شهرياري عن قلقه من "زيادة عدد الأطباء المهاجرين" و"خروج الأطباء من عضوية الهيئة العلمية"، بحسب ما نقله موقع "إيران إنترناشونال".
وأشار شهرياري، في رسالة نشرها باسمه يوم الخميس موجهة إلى خامنئي، إلى "انخفاض الرغبة في التدريب في مرحلة الإقامة، وتراجع حظ الممارسين العامين في شغل مقاعد التخصص والتخصص الفرعي منذ عام 2017"، محذراً من نتائج هذا الوضع على "جودة الخدمات الصحية وسرعتها ودقّتها".
وفي السنوات الأخيرة، دأب مسؤولو الصحة الإيرانيون على التحذير من زيادة هجرة الأطباء وعواقبها، وذلك مع ظهور موجة جديدة من الهجرة بين المواطنين الإيرانيين، لا سيما حمَلة الشهادات العالية.
ولا توجد إحصاءات رسمية عن هجرة الأطباء في السنوات السابقة، لكن رئيس منظمة النظام الطبي الإيرانية السابق، محمد رضا ظفرقندي، قال إنه "في سبتمبر من هذا العام، تم إرسال ما لا يقل عن 3 آلاف طلب هجرة من قبل الأطباء إلى المنظمة في العام الماضي"، بحسب "إيران إنترناشونال".
انتحار
في غضون ذلك، أفادت تقارير عدة بزيادة معدلات الانتحار بين الطلاب المقيمين في إيران في الأشهر الأخيرة. وأعلنت وكالة أنباء "إسنا" الإيرانية في تقرير نشرته بتاريخ 10 مايو، انتحار 4 طلاب مقيمين في المستشفى خلال أسبوعين.
وفي هذا الصدد، وجهت مجالس اتحاد الطلاب في أكثر من 9 جامعات للعلوم الطبية في البلاد، خطاباً إلى وزير الصحة تطلب فيه معالجة أوضاع الطلاب في هذا المجال، بحسب "إيران إنترناشونال".
ونقل الموقع عن مدير العلاقات العامة في النظام الطبي في إيران، حسين كرمانبور، قوله إن "ضغط العمل" و"مستوى الدخل" هما من بين أهم مشاكل طلاب الطب.
عقوبات ويأس
وفي السياق، قال تقرير لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية في مايو الماضي، إن العقوبات الأميركية على إيران وما خلفته من اقتصاد متدهور وانخفاض في الدخل، تضافرت لحثّ الأطباء وغيرهم من الحاصلين على شهادات عالية، إلى الهجرة من البلاد.
ونقل التقرير عن الطبيب النفسي الإيراني علي نيكجو قوله إن "الموارد البشرية للبلد إما تهاجر أو يتم تحويلها إلى أناس يائسين" تغلب عليهم المصاعب الاقتصادية.
ولفت التقرير إلى أن "هجرة الأدمغة" كانت مشكلة لإيران على مدى العقود الثلاثة الماضية، وأن تقارير مختلفة تقدّر أن قرابة 180 ألف إيراني حاصل على تعليم عالٍ يغادرون البلاد كل عام.
وأضاف التقرير أن الأطباء بدأوا الانضمام إلى موجات الهجرة بأعداد أكبر خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، حين تسبب نهج المواجهة مع الغرب في انخفاض قيمة العملة الإيرانية؛ ثم أتت حملة "الضغط الأقصى" التي شنتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ضد طهران، لتوجه المزيد من الضربات إلى اقتصاد هش.
موجة سادسة
وتأتي موجات هجرة الأطباء في وقت إيران هي بأكثر حاجة إليهم وسط بروز ملامح موجة سادسة من تفشي وباء كورونا؛ إذ أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد المدن ذات الوضعيات الحمراء والبرتقالية، أي التي تواجه مستويات عالية من الإصابات بالفيروس؛ كما أفادت تقارير بزيادة مراجعة المرضى للمراكز الطبية في معظم أنحاء البلاد، وارتفاع إحصاءات الحجز في مستشفيات العاصمة طهران.
والخميس، أعلنت وزارة الصحة الإيرانية أن فيروس كورونا أودى بحياة 158 شخصاً، ليرتفع إجمالي عدد الضحايا إلى 126 ألفاً و921 وفاة.
ويقول مسؤولون إيرانيون إن هناك حاجة إلى 53 ألف ممرض وطبيب إضافي لمكافحة تفشي وباء كورونا.