كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن وجه حزين آخر لجائحة كورونا، بعدما رصدت قصص ضحايا فيروس كورونا الذين يموتون على متن سفن في عرض البحر، وتوضع جثثهم في ثلاجات لأشهر عدة، بسبب رفض الموانئ استقبالها، تطبيقاً للإجراءات الاحترازية والقواعد الصارمة.
وأشارت الصحيفة إلى وفاة قبطان أثناء رحلة في عرض البحر، والذي ظلت جثته في ثلاجة السفينة 6 أشهر، بسبب رفض الحكومات استقبالها.
وقالت الصحيفة إن القبطان دان ساندو، الذي قضى 40 عاماً في العمل في البحر، دخل مقصورة سفينة الشحن "إم في فانتيدج ويف" التي أبحرت من الهند، لكن المرض باغته وتوفي داخل المقصورة.
13 دولة ترفض استقباله
وأوضحت الصحيفة، أن السفينة قطعت آلاف الأميال في إطار مساعيها لإعادة القبطان إلى بلده رومانيا، من دون جدوى، وظلت الجثة في الثلاجة بالقرب من مؤن اللحوم والخضراوات، ووجهت السفينة خلال تلك الفترة نداءات إلى 13 دولة، لكنها رفضت جميعاً استلام الجثة، وأصبحت محنة الكابتن ساندو، الذي توفي عن عمر 68 عاماً، حدثاً دبلوماسياً.
وقال ابنه، أندريه ساندو، وهو قبطان سفينة أيضاً: "كل ما نريده هو إعادة جثة والدنا إلى المنزل، كيف يمكن أن يحدث هذا في عام 2021؟".
سيناريو متكرر
وتمنع القواعد الصارمة والمتفاوتة التي تحكم موانئ العالم، تفريغ الجثث المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا، وعلى الرغم من أن الجائحة تراجعت إلى حد ما، إلا أن القيود لا تزال قائمة، ما يترك الجثث عالقة لأشهر على متن سفن الشحن العالمية، مخزنة في ثلاجات مخصصة للطعام.
وفي سبتمبر الماضي، توفي بحار من أوكرانيا (23 عاماً) على متن ناقلة بضائع ترفع العلم السويسري راسية في ميناء ريتشاو جنوب شرق الصين، فيما يبدو أنه انتحار، وبعد أن رفضت السلطات الصينية نقل جثته، أبحرت السفينة لمدة شهرين تقريباً قطعت خلالها أكثر من 5 آلاف ميل إلى فانكوفر، ووافقت شرطة الخيالة الكندية الملكية في نهاية المطاف على المساعدة في إعادة جثته، بحسب تقرير "وول ستريت جورنال".
وحوصرت جثة طباخ سوري توفي قبالة سواحل فنزويلا لمدة 4 أشهر، وعندما توفي قبطان سفينة شحن إيطالية قبالة سواحل إندونيسيا، بقيت جثته في مخزن لمدة 6 أسابيع، لعدم وجود مخزن بارد كبير بما يكفي، وتُركت لتتحلل في الهواء الاستوائي.
وتقول المنظمة البحرية الدولية إن هناك حالياً 4 جثث لبحارة عالقة على متن سفن شحن، إضافة إلى 36 حالة طارئة تنطوي على حالات طبية أو إنسانية طارئة.
ومُنع بحار هندي ظهرت عليه أعراض شديدة لفيروس كورونا من دخول سنغافورة وماليزيا والعديد من الموانئ الآسيوية الأخرى، قبل إعادته إلى الهند، حيث وضع على جهاز التنفس الصناعي.
"المرض ممنوع"
وعندما مرض عامل صيني على متن حاملة بضائع، حيث أصيب بأعراض شديدة وتقيأ دماً، سمح له مسؤولو الميناء الصيني بالعودة إلى الشاطئ لفترة وجيزة في سيارة إسعاف، قبل إعادته إلى السفينة وإعطائه بعض الأدوية.
وقال قبطان سفينة "نيو ماكس"، في مقطع فيديو على يوتيوب: "نقضي حياتنا هنا على ظهر السفن لجلب البضائع إلى منازلكم، وماذا سنحصل مقابل ذلك؟"، ثم صرخ وهو يقول: "لا يجوز لنا حتى أن نمرض! علينا فقط أن نموت".
وقال جيسون تشوان، أستاذ القانون البحري في جامعة سيتي بلندن، إن القانون البحري الدولي ينص على أنه يجب على مالكي السفن التأكد من عودة أطقم السفن إلى بلدانهم بعد أداء مهامهم، لكن الالتزام يتلاشى بمجرد وفاة البحار.
وبينما تهدف شركات التأمين إلى المساهمة في تكلفة دفن أو حرق جثث البحار الميت، بموجب اتفاقية تسمى اتفاقية العمل البحري، فإن المعاهدة لا تُلزم الشركات بإعادة جثث من يموتون إلى بلادهم.
وبالنسبة لأصحاب السفن المليئة بالبضائع التي يفترض تسليمها في مواعيد محددة، فإن العودة إلى الميناء لإيداع الجثة قد تكون باهظة الثمن.
ويترك هذا الإجراء طواقم السفن والمحامين والدبلوماسيين وقبل كل شيء عائلات المتوفين، حائرين بين لوائح عصر الجائحة المتغيرة وبيروقراطية البحرية الدولية.
موتى دون حقوق
ويقول تشوان، أستاذ القانون البحري في جامعة سيتي: "الشيء المحزن في هذا هو أن الموتى ليس لهم أي حقوق على الإطلاق، إنها مشكلة ضخمة وتنعكس بشكل سيئ على إنسانيتنا المشتركة".
وتقول الصحيفة إن تراكم الجثث يعد جزءاً من مشكلة أوسع تتعلق بالتخلي عن البحارة في عصر "كوفيد -19"، موضحة أنه بسبب إجراءات الإغلاق التي التزمت بها دول كثيرة، تُرك أكثر من 1000 شخص عالقين على متن سفن الحاويات وناقلات البضائع من دون أجر، وفقاً لتقديرات الاتحاد الدولي لعمال النقل.
وأشارت إلى أن هذا يعد رقماً قياسياً، ينبع من الاضطرابات التجارية التي تسببها الجائحة والطبيعة التنافسية لصناعة الشحن العالمية.
اقرأ أيضاً: