تشهد محافظة الأقصر جنوب مصر، مساء الخميس، افتتاح طريق الكباش الأثري وهو الطريق الذي يربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك، بحضور عدد كبير من المسؤولين المصريين والأجانب، وسفراء الدول المعتمدين بالقاهرة، ومندوبي وسائل إعلام محلية وعالمية.
وترغب مصر في خروج الحدث بصورة لا تقل عن احتفال نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بميدان التحرير في القاهرة إلى متحف الحضارة بالقاهرة أيضاً، في 3 إبريل الماضي، بحسب بيان لوزارة الآثار المصرية.
بروفة نهائية
وشهدت الساعات الماضية استعدادات مكثفة رصدتها "الشرق" في طريق الكباش والمناطق الواقعة بجواره، حيث اكتست المدينة بلافتات الاحتفالية، وتزينت الشوارع بأجهزة الإنارة الحديثة.
ولا يتوقف العمل على مدار الساعة في الطريق والمناطق المخصصة لإقامة الحفل، وغطى العمال أرضية معبد الأقصر بممرات خشبية لتنظيم حركة الحضور، وصفوا مقاعد الحضور أمام المدخل الرئيسي للمسرح في منتصف المسافة بينه وبين القطاع الأول من طريق الكباش، وبدأوا وضع اللمسات الأخيرة على القطع المستخدمة في العرض ومنها المراكب النيلية.
وفي الصالة الكبرى للمعبد، تم تثبيت المسرح الكبير الذي سيستضيف الحفل الرئيسي، وتم إجراء بروفات نهائية لتفاصيل الحفل.
احتفالات فولكلورية
وقالت مصادر لـ"الشرق"، إن فقرات الحفل تتضمن استعراضات فولكلورية في قلب الطريق تتضمن عرض "الأوبت" الذي يؤديه طلبة كلية الآثار بالأقصر، وهو أحد الاحتفالات الرئيسة للمصري القديم، والذي كان وراء تشييد طريق المواكب الملكية المعروف بطريق الكباش، إذ كان المصريون القدماء يحتفلون بالعيد في الطريق، بينما تحيط بهم الكباش من كل اتجاه.
وأضافت المصادر، أن الفقرات تشمل "بانوراما الضوء"، وعروض مراكب الشمس، وإنارة البر الغربي وتحديداً أمام معبد حتشبسوت، وتسيير مراكب في النيل تحمل لافتات الحدث.
وأوضحت المصادر، أن المسرح الرئيسي يشهد عزف الأوركسترا الفيلهارموني بقيادة المايسترو نادر عباسي، الموسيقى الفرعونية، وهو الموسيقار الذي قاد حفل المومياوات الملكية أيضاً، ثم يردد الكورال "أنشودة آمون" الشهيرة باللغة المصرية القديمة، وفق تقديرات متخصصين لكيفية نطق اللغة المصرية القديمة، وتصورات حديثة لإعادة إنتاج الموسيقى المصرية القديمة استدلالاً بما دونه المصريون القدماء على جدران المعابد والمقابر وما رسموه من آلات موسيقية.
كما يشمل الاحتفال عرض أغنية "بلدنا الحلوة" للفنان محمد حماقي، والتي تم تصويرها، خلال الأيام الماضية، في شوارع محافظة الأقصر.
صور نادرة
وعلى هامش الاحتفال، يتم افتتاح معرض الصور النادرة بجانب طريق الكباش، وتظهر الصور مشاهد الحفر القديمة في الطريق، والتي بدأت عام 1948 بواسطة عالم المصريات زكريا غنيم.
وقال الدكتور محمود مبروك، مصمم المعرض، لـ"الشرق"، إن تنظيم معرض الصور يأتي تقديراً للجهود الكبيرة التي بذلتها البعثات الأثرية التي عملت في الطريق، وكذلك لأهالي المدينة والعمال الذين بذلوا جهداً كبيراً في تحقيق الحلم.
حلم منذ 70 عاماً
وقال الدكتور مصطفى الصغير، المشرف على الحفائر في طريق الكباش، لـ"الشرق"، إن الأعمال الأثرية في الطريق مستمرة بعد الانتهاء من الاحتفال، لأن عمليات الترميم ضرورية للحفاظ على الكباش.
وتوقع الصغير، أن يعود الطريق بالنفع السياحي على مصر، ويضع الأقصر في مكانة كبرى، لأنها ستصبح متحفاً مفتوحاً لحضارة مصر القديمة، مشيراً إلى أن حلم افتتاح الطريق يزيد عمره عن 70 عاماً منذ بداية عمل الحفائر.
لماذا الكباش؟
وشيد المصري القديم الكباش أمام المعبد لحمايته من الأرواح الشريرة وفقاً لمعتقداته، وكانت الكباش تشيد بشكلين، كباش كاملة، أو على هيئة جسم أسد ورأس كبش.
ويعد الكبش في مدينة طيبة القديمة - الأقصر حالياً - الرمز الأكبر للإله آمون المرتبط بإله الشمس ويطلق عليه اسم آمون رع، ويمثل طريق الكباش في الديانة المصرية القديمة امتزاجاً واضحاً بين آمون برأس الكبش، وإله الشمس الذي يمثل جسم الأسد.
ويبلغ طول طريق الكباش نحو 2700 متر، وهو عبارة عن ممشى حجري توجد على جانبيه الكباش وتماثيل لأبي الهول، وأمنحوتب الثالث، ونختنبو الثاني، بإجمالي 1059 تمثالاً أغلبها بحالة جيدة، لكن هناك عدد من القواعد الخالية من التماثيل جراء تعرضها للتهشم بسبب عوامل الزمن.
اقرأ أيضاً: