بدأت محافظة الأقصر بصعيد مصر تلمس بوادر لتعافي القطاع السياحي الذي يمثل مصدر الدخل الأساسي لأهالي المنطقة، إثر افتتاح طريق الكباش التاريخي، الذي أقيمت لأجله فعالية كبرى الخميس، وحظيت بمتابعة إعلامية واسعة.
وتسعى مصر حالياً لإنعاش قطاع السياحة الذي كان مصدر دخل رئيسياً للعملة الأجنبية قبل أحداث 2011، والتعافي من تبعات جائحة كورونا على الاقتصاد، عبر خطة تشمل استكمال وإقامة متاحف جديدة ورفع كفاءة مواقع سياحية مختلفة بأنحاء البلاد.
وأعلنت وزارة السياحة والآثار الجمعة، أن آلاف السياح الأجانب توافدوا على المنطقة لاكتشاف الطريق الأثري الذي يربط معبدي الأقصر والكرنك بالبر الشرقي للمحافظة.
ويتوقع خبراء في المجال السياحي ارتفاعاً في عدد السياح خلال الأيام المقبلة، فيما يعول سكان المنطقة على "طريق الكباش" لتحقيق انتعاش اقتصادي بالمنطقة، التي شهدت ركوداً إثر الأحداث السياسية التي شهدتها مصر عام 2011، ثم عمقته جائحة كورونا، في بلد يوظف قطاعه السياحي مليوني شخص ويدر أكثر من 10% من الناتج القومي الإجمالي.
أكبر متحف مفتوح
روجت السلطات المصرية بشكل كبير لمدينة الأقصر كـ"أكبر متحف مفتوح في العالم"، من خلال فعالية "الأقصر.. طريق الكباش"، التي قدمت المقومات الحضارية والتراثية للمدينة، في دعاية عالمية كبرى للمدينة.
وأقبل آلاف السياح من مختلف الجنسيات الجمعة، على طريق الكباش كما ذكرت وزارة السياحة المصرية، مشيرة إلى أن الفنادق امتلأت بالكامل.
وقال المرشد السياحي طارق حامد، إن المهنيين يتوقعون "طفرة سياحية كبرى علي مدار الأيام المقبلة"، مشيراً في حديث لـ"الشرق"، إلى أن فعالية افتتاح طريق الكباش "أعطت لجميع العاملين في المجال أملاً بزيادة أعداد السياح خلال الفترة القادمة، بعدما تأثروا خلال فترة جائحة كورونا".
وأضاف حامد أن حدث افتتاح طريق الكباش "سيكون له مردود إيجابي خلال المرحلة المقبلة، في ظل اقتراب الاحتفالات بأعياد الميلاد، حيث يقضي ملايين السياح عطلتهم في مصر".
بدوره، يرى المرشد السياحي علي حسان، أن حفل الافتتاح "أبهر جميع السياح خاصة بعد العروض الفلكلورية الكبرى وإنارة المحافظة ليلاً بألوان مختلفة".
وأشار حسان إلى أن آثار الافتتاح التاريخي "بدأت تظهر بشكل ملموس على أرض الواقع، خاصة بعدما شهدته محافظة الأقصر من تطورات في السنوات الماضية" .
مشاهد ساحرة
وعبر عدد من السياح الأجانب الذين يزورون الأقصر للمرة الأولى عن دهشتهم بـ"العروض الساحرة" التي شهدتها المدينة، وقال تيم كوك، وهو سائح أميركي: "سعيد بزيارة المحافظة بالتزامن مع افتتاح طريق الكباش، لقد كانت مشاهد ساحرة، ستظل عالقة في ذهني إلى الأبد".
وأضاف كوك أن الأقصر "مدينة باهرة بآثارها وتاريخها الكبير، لقد كنت أنتظر افتتاح طريق الكباش للسير بين معبدي الأقصر والكرنك"، فيما أبدت زوجته ليندا اندهاشها بـ"حركة الحناطير بجوار المعبد أثناء الاحتفالات".
ويبلغ طول طريق الكباش 2.7 كيلومتر، وقام الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الفرعونية الـ30 (380 - 362 قبل الميلاد) بتشييد الطريق بصورته النهائية، حيث وضع تماثيل أبو الهول برؤوس الكباش مع نقش تذكاري يقول فيه: "لقد أنشأت طريقاً جميلاً لأبي أمون رع محاطاً بالأسوار ومزيناً بالزهور ليبحر فيه إلى معبد الأقصر".
ومجمع معابد الكرنك والأقصر، إضافة إلى المقابر الفرعونية في وادي الملوك ووادي الملكات، مسجلة كلها ضمن التراث العالمي لدى اليونيسكو.
انتعاش أنشطة الفلكلور
انطلقت الحناطير أثناء احتفالات الافتتاح على نغمات أغنية "الأقصر بلدنا" الشهيرة، فيما تمت إضاءة جميع الحناطير بالألوان.
وقال حامد محمد أحد سائقي الحناطير المشاركين في الحفل، إن ما حدث مساء الخميس "بشرى خير"، مشيراً إلى أن توافد السياح على المحافظة منذ انطلاق الحدث "سيؤثر إيجاباً في الأنشطة الفلكلورية، خاصة بعد توقف السياحة العالمية خلال فترة كورونا".
كما انتعشت تجارة الهدايا التذكارية، بعدما أقبل عدد من السياح على شراء مجسمات صغيرة لأبو الهول، الذي يشبه الكباش المتواجدة على الطريق.
وقال فتحي محمد أحد البائعين بالسوق السياحي، إن الاقبال على شراء المنتجات السياحة "كان كبيراً بعد افتتاح الطريق"، وذلك بعدما شهد هذا النشاط ركوداً خلال فترة الجائحة.
وشهدت الأقصر على مدى السنوات الماضية عمليات تطوير وتأهيل للبنى التحتية، شملت تطوير كورنيش النيل وإنشاء ممشى سياحي بالدور الأسفل للكورنيش، كما تم ترميم وتطوير ساحتي معبد الأقصر والكرنك قبل سنوات من افتتاح طريق الكباش.
وتم كشف ملامح الطريق وأول تماثيله في عام 1949، ثم توقفت أعمال التنقيب إلى أن استؤنفت مع مطلع الألفية الثانية، ثم توقفت مرة أخرى عقب 2011، ثم استؤنف العمل مجدداً اعتباراً من عام 2017.
اقرأ أيضاً:
