في الثاني من يونيو المقبل، تحتفل بريطانيا بالذكرى السنوية لتتويج الملكة إليزابيث الثانية في وستمنستر آبي عام 1952، وكانت آنذاك زوجة شابة وأم لطفلين هما الأمير تشارلز والأميرة آن، تبلغ من العمر 26 عاماً.
إلا أن احتفال العام 2022 لن يمر مرور الكرام، إذ يتقاطع العام الجديد مع نهاية عقد في عهد الملكة الجدة، وحلقة جديدة في تاريخها الطويل مع التاج، وذلك بمرور 70 عاماً كاملة على اعتلائها العرش.
وهو الأمر الذي يقتضي الاحتفال بعيدها البلاتيني، الذي يُشارك فيه مختلف المواطنين في المملكة المتحدة ودول الكومنولث. لتتفوق بذلك على الملكة فكتوريا التي احتفلت قبل رحيلها باليوبيل الماسي فقط.
وتترقب بريطانيا احتفالات مطلع الصيف المقبل، الممتدة على مدار عُطلة أسبوع كاملة ما بين الحفلات الغنائية والمآدب، فضلاً عن المواكب الرسمية على شرف الملكة ذات الـ95 عاماً.
طقس ملكي
يعود إرث احتفال الملك/ الملكة في بريطانيا باليوبيل لعهد الملك جورج الثالث، بالتحديد في عام 1809 الذي وافق مرور 50 عاماً كاملة على صعود الملك لسُدة الحكم، ليُعتبر بذلك مُدشن الطقس بين أبناء عائلته، وذلك قبل أعوام قلائل من تدهور حالته الصحية والعقلية، ما أدى إلى حلول ابنه الأكبر وصياً على العرش حتى وفاته في عام 1820.
وعلى النهج ذاته سارت حفيدته، الملكة فكتوريا، التي لطالما عُرفت كأطول ملوك بريطانيا عهداً، إلى أن انتزعت منها الملكة إليزابيث اللقب.
في عام 1887 احتفلت الملكة باليوبيل الذهبي، أي مرور 50 عاماً كاملة على تتويجها، ولاحقاً في عام 1897 اُقيمت الاحتفالات أيضاً باليوبيل الماسي للملكة، ومُضي 60 عاماً على حكمها.
وأكملت الملكة إليزابيث الثانية المسيرة، فاحتفلت باليوبيل الفضي والذهبي والماسي، كما تبدأ الاستعدادات للاحتفال باليوبيل البلاتيني في العام المقبل، الذي يُعقد في المملكة المُتحدة للمرة الأولي، إلا أن بعض طقوسه، المُعلنة من قِبل قصر باكنجهام، تتشابه مع احتفالات اليوبيل الملكي الأول قبل ما يزيد عن مئتي عام.
ألعاب نارية وصلوات
في بداية عهد المملكة باليوبيل، اقتصرت مظاهر الاحتفال على عرض بالألعاب النارية شهده الملك جورج، رفقة أفراد العائلة الملكية في 25 أكتوبر عام 1809، إضافة إلى حضورهم خدمة كنسية في وندسور، بينما احتفال اللورد عمدة مدينة لندن بصلاة شكر خاصة لحكم الملك تعقبها مأدبة.
أما في عهد الملكة فكتوريا، وبالتحديد في اليوبيل الذهبي، استقبلت الملكة عقدها الجديد على العرش من مكان غير متوقع، هو الحدائق المُتاخمة لمقبرة زوجها الأمير ألبرت، كما يؤرخ الموقع الرسمي للعائلة الملكية البريطانية، ثم عادت الملكة في اليوم ذاته لقصر باكنجهام، حيث عُقدت مأدبة ملكية بمناسبة اليوبيل حضرها ملوك وأمراء من أنحاء العالم، فضلاً عن رؤوس مستعمرات التاج البريطاني.
في العام ذاته، جاب موكب الملكة شوارع لندن مصحوباً بالفرسان والجنود، تترقبه أعين المواطنين إلى أن وصل لكاتدرائية وستمنستر آبي، وبعد عودتها حيت الملكة جمهور المواطنين الملتفين حول أسوار قصر باكنجهام من شرفتها الملكية.
في اليوبيل الماسي عام 1897 تكررت أغلب تلك المشاهد، إلا أن الملكة لم تستطع صعود درجات الكاتدرائية لأداء صلاة الشكر بسبب تردي حالتها الصحية، لذا أقيمت الصلاة في الخارج، وأعقبها موكب مهيب آخر، وصفته الملكة في مذكراتها قائلة: "كانت الهتافات لتصم الآذان وبدت وجوه الجميع مملوءة بالسعادة، لقد شعرت بالامتنان والتأثر".
برنامج حافل
خلال عطلة ما بين الثاني والخامس من يونيو، تمتد فعاليات الاحتفال باليوبيل البلاتيني، بما تحمل من طقوس أصيلة ومظاهر احتفال حداثية.
ومن المتوقع أن تحضر الملكة بنفسها أغلب تلك الفعاليات المُنتظرة، خاصة الرسمي منها كما تُرجح أحد تقارير هيئة الإذاعة البريطانية، إذ صرح المراسل الملكي للهيئة، بأن الملكة تتطلع لليوبيل، وسوف تراه كفرصة سانحة لها ولأسرتها وللمواطنين أجمعين تتيح التمتع بالقليل من الاحتفالات.
لدى حلول اليوبيل، سوف تكون الملكة قد أتمت عامها الـ96، فيما كانت الملكة فكتوريا تبلغ من العمر 78 عاماً فقط عندما احتفلت باليوبيل الماسي، أي أصغر من الملكة إليزابيث الثانية بـ19 عاماً.
ومن المتوقع أن تفتتح الملكة العطلة الاحتفالية المُنتظرة بالموكب الخاص بعيد مولدها الرسمي، والذي يُعرف أيضاً باسم Trooping the Colour، ويتضمن موكباً استعراضياً خاصاً للجنود والفرسان والفرق الموسيقية، فضلاً عن تحليق سلاح الجو الملكي في سماء العاصمة لندن، أعلى قصر باكنجهام.
ومن بين الطقوس المستمرة عبر القرون، أعلن قصر باكنجهام أيضاً عن إقامة صلاة الشكر على عهد الملكة من كاتدرائية القديس بول. في اليوم التالي، من المتوقع أن تحضر الملكة أيضاً سباقاً شهيراً للخيول يُعرف باسم The Epsom Derby.
زخم جماهيري
أما الجمهور من العوام، فلديهم الفرصة أيضاً لمشاركة الملكة عيدها المميز، والاستمتاع بأجواء الاحتفال على نحو أكثر عصرية، سواء عن طريق الأنشطة الشعبية كغذاء اليوبيل الكبير، وهو طقس يجتمع خلاله أفراد العائلة أو الجيران وأفراد المجتمعات المحلية، لتناول وجبة معاً في الشوارع أو الحدائق، ويحل موعد الطقس للعام المقبل في يوم الأحد الموافق 5 يونيو آخر أيام العطلة.
كما يمكن حضور حفل اليوبيل البلاتيني في قصر باكنجهام في الرابع من يونيو، والذي يُحييه مجموعة من النجوم لم تُعلن أسمائهم بعد.
بعض المواطنين من أفراد القوات المسلحة والعاملين بالخدمة العامة، كخدمات الطوارئ وخدمات السجون، سوف يحظون بتجربة استثنائية خلال تلك العطلة، عبر تسلمهم قلائد اليوبيل البلاتيني التي رُفع الستار عن تصميمها في سبتمبر الماضي.
ولي العهد
خلال تلك المناسبة المنتظرة سوف يغيب عن جوار الملكة زوجها الأمير فيليب دوق إدنبرة، الذي وافته المُنية في أبريل الماضي، غير أن الدوق لم يكن حاضراً أيضاً في بعض من مراسم احتفالات اليوبيل الماسي للملكة في عام 2012، إذ كان مريضاً في المشفى، حيث بقي إلى جوارها كل من ولي العهد الأمير تشارلز أمير ويلز وزوجته، فضلاً عن حفيدها الأمير ويليام وزوجته والأمير هاري، الذي كان أعزباً آنذاك.
ومن المتوقع ظهور الأمير تشارلز في احتفاليات اليوبيل البلاتيني كأحد أبرز وجوه العائلة، والملك المستقبلي الذي يبلغ من العمر 73 عاماً ويعتبر بذلك أطول وريث عرش عهداً بمنصبه في تاريخ المملكة.
كما أنه كسر الرقم القياسي كأكبر ولي عهد سناً في عام 2013، عندما تغلب على سابقه الملك ويليام الرابع، الذي تولى الحكم وكان يبلغ من العمر 64 عام و 10 أشهر و 5 أيام، وفقاً لموقع هيئة الإذاعة البريطانية.