أفاد مسؤولون بقطاع الشحن البحري بأن حصار جماعة قبلية محلية لميناء السودان الرئيسي على البحر الأحمر، أفسد الجهود الرامية لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية وربما يدفع حركة التجارة إلى سلوك طريق إقليمي آخر.
واضطر عدد من شركات الشحن البحري لوقف الحجوزات عن طريق ميناء بورتسودان، منفذ التجارة الدولية الرئيسي وأحد مصادر الإيرادات الحيوية للسودان الذي يعاني ضائقة مالية ويحاول الفكاك من اضطرابات سياسية مستمرة منذ 3 سنوات.
وقال وزير التجارة السوداني السابق علي جدو، إن الميناء هو المنفذ الرئيسي لنحو 90% من تجارة السودان الدولية والمحطة النهائية لخط أنابيب نفط إقليمي، مشيراً إلى أنه "قد يخسر نشاطه لصالح نقل التجارة براً عن طريق ميناء العين السخنة في مصر".
اتهامات بالإهمال الحكومي
وقال وزير سابق آخر إن "اهتمام المستثمرين الأجانب بتطوير الميناء الذي يسعى السودان منذ فترة طويلة لتحويله إلى مركز لخدمة دول مجاورة لا تطل على بحار، قد يضعف".
وقال العضو المنتدب بشركة محلية للنقل والإمداد إن "أي شيء يمكن أن يحدث، ولذا سيظل الناس ينأون بأنفسهم عن بورتسودان فترة من الوقت"، معتبراً أن الحصار والاضطرابات يثبتان أن الحكومة لا تسيطر بالكامل على الوضع.
وكان مجلس قبائل البجا الذي يمثل بعض قبائل شرق السودان التي تشكو من مدة طويلة من إهمال الحكومة المركزية للمنطقة، فرض حصاراً استمر أكثر من 6 أسابيع، وهدد بمزيد من الخطوات، للمطالبة بمجلس وزراء جديد وإعادة التفاوض على اتفاق شامل أُبرم عام 2020 بهدف إنهاء الصراعات في مختلف أنحاء السودان.
51 مليون دولار خسائر
وأبطلت تحركات المجلس الجهود الرامية لتحسين الكفاءة في الميناء. وأفاد تقرير من الأمم المتحدة، هذا الشهر، بأن الحصار أدى إلى وجود 950 حاوية عالقة في الميناء.
في حين قال مسؤول بالميناء إن "المرفأ خسر إيرادات قدرها نحو 45 مليون يورو (51 مليون دولار)".
موقف الجيش
من ناحية أخرى واجهت العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى في السودان نقصاً في الوقود والقمح وغيره من الواردات الغذائية.
وفي البداية لم يتدخل الجيش السوداني لإنهاء حصار مجلس البجا، وقال إن الاحتجاج مشروع في مواجهة الظروف السيئة بشرق السودان.
ويقول معارضو قيادات الجيش السوداني إن التقاعس عن التحرك سريعاً ربما حقق أهداف الجيش بخلق إحساس بوجود أزمة.
والأسبوع الماضي قال الجيش، الذي ينفي أي شكل من أشكال التواطؤ، إنه سيقدم تنازلاً في ما يتعلق بمطالب مجلس البجا الأمر الذي منع حدوث حصار ثانٍ للميناء.
وأياً كان المسؤول عن متاعب الميناء فإن الشركات تقول إنها تدفع الثمن.
وقال مستورد أدوية لوكالة "رويترز"، إن "القطاع الخاص هو الذي يدفع ثمن هذه الصراعات السياسية، فالتأخير يرفع الرسوم ويعني في بعض الحالات وصول المنتجات بعد انتهاء صلاحيتها".
وقال وكيل ملاحي سوداني، طلب مثل آخرين تواصلت معهم "رويترز" عدم نشر اسمه بسبب الحساسية السياسية، إن "التأخير معناه أن فرصة التصدير ضاعت على منتجات رئيسية مثل السمسم والفول السوداني والقطن والصمغ العربي".
وأوضح الوكيل أن خطين ملاحيين جديدين استأنفا الحجوزات الجديدة، الثلاثاء، لشحن حاويات الاستيراد والتصدير عن طريق بورتسودان غير أن الأسعار كانت أعلى 50% منها قبل الحصار.
وقال العضو المنتدب لشركة النقل والإمداد إن "تكاليف الشحن للشركات الصينية التي لم توقف نشاطها تضاعفت".
اهتمام باستثمار الميناء
وفي ضوء الاضطرابات التي شهدها ميناء بورتسودان وارتفاع التكاليف، قال مسؤولون في ميناء العين السخنة المصري على البحر الأحمر، إنهم شهدوا ارتفاعاً في حركة التجارة المرتبطة بالسودان من دون ذكر أرقام.
وقال عدد من التنفيذيين إن الشركات تدرس التحول بشكل أكثر استدامة لمواكبة الغموض الذي يكتنف حركة الشحن عن طريق بورتسودان.
كانت الخطط الرامية لتحقيق التعافي الاقتصادي في السودان تضمنت تطوير الميناء ليصبح مركزاً لوجستياً إقليمياً للدول المجاورة التي لا تطل على بحار.
وقال هاشم بن عوف، وزير البنية التحتية السوداني السابق، إن "الميناء اجتذب في الماضي اهتمام مستثمرين من الإمارات ومصر وفرنسا".
وفي يناير 2019 وقعت شركة "إنترناشونال كونتينر ترمينال سيرفيسز" ومقرها الفلبين، عقد امتياز مدته 20 عاماً لإدارة قطاع من بورتسودان، غير أن الاتفاق مع هيئة الميناء أُلغي في العام نفسه بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير الذي ظل يحكم السودان على مدار 3 عقود.
وقال كريستيان جونزاليس، أحد قيادات الشركة الفلبينية، إن الشركة "ستكون على استعداد للعودة إلى مائدة" المحادثات ما أن تحصل على 200 مليون يورو مستحقة لها كباقي رسوم مقدمة.
وقال مسؤول بالميناء إن المرفأ تلقى عرضاً استثمارياً جديداً، وإنه يعتقد أن التدفقات التجارية عبره ستعود إلى طبيعتها في 2022.
اقرأ أيضاً: