صفقة "رافال" الإماراتية "تغير ميزان القوى" في الصناعات الدفاعية بأوروبا

مقاتلات فرنسية من طراز "رافال" على متن حاملة الطائرات شار دي جول خلال تدريبات في البحر المتوسط - 3 يونيو 2021 - AFP
مقاتلات فرنسية من طراز "رافال" على متن حاملة الطائرات شار دي جول خلال تدريبات في البحر المتوسط - 3 يونيو 2021 - AFP
دبي -الشرق

اعتبرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن صفقة المقاتلات الفرنسية من طراز "رافال" التي تعاقدت عليها الإمارات، الشهر الماضي، ستغير من موازين القوى في الصناعات الدفاعية في أوروبا، خاصة بعد أزمة الغواصات بين باريس وواشنطن، وتعليق الإمارات للمحادثات المتعلقة بحصولها على مقاتلات "إف 35" الأميركية.  

وذكرت الصحيفة، الأربعاء، أن "صناعة الدفاع" الفرنسية لديها سببان للاحتفال بعد موافقة الإمارات العربية المتحدة على شراء 80 مقاتلة من طراز "رافال" من شركة "داسو" للطيران، في حين حذّرت من "زعزعة استقرار" الجهود الأوروبية في التعاون الدفاعي.

وقالت بيجي هولنيجر محررة قسم الاقتصاد الدولي بالصحيفة، إن الصفقة كانت بمثابة "انتقام لطيف" لفرنسا من "الإهانة" التي تعرضت لها سبتمبر الماضي، عندما انسحبت أستراليا من اتفاق لشراء غواصات فرنسية لصالح تحالف "أوكوس" الذي يضم إضافة لها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وأضافت: "حتماً كان هناك شعوراً بالرضا في باريس عندما علّقت أبوظبي، بعد أيام من الموافقة على شراء المقاتلات الفرنسية، المحادثات مع الولايات المتحدة" بشأن شراء طائرات "إف 35" التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن.

وأوضحت هولنيجر أن السبب الثاني يتمثل في قيمة العقد مع الإمارات، والتي تصل إلى حوالي 14 مليار يورو، والذي سيضمن إنتاج المقاتلة "رافال" حتى عام 2031، واستمرار عمل أكثر من 400 شركة في سلسلة التوريد، بالإضافة إلى الإسهام في تمويل الاستثمارات الفرنسية المستقبلية في تطوير المقاتلة، التي يُتوقع الآن استمرارها في العمل حتى خمسينيات القرن الحالي.

لكن رغم المزايا الكثيرة التي تحملها الصفقة من منظور فرنسي، إلا أن هولنيجر حذّرت من أنها "تهدد بزعزعة استقرار الجهود الأوروبية في التعاون الدفاعي". 

وأشارت إلى أن الصفقة تعزز موقف شركة "داسو" Dassault Aviation في المفاوضات الصعبة حتى الآن مع قسم الدفاع في شركة "إيرباص" في ألمانيا بشأن "نظام الطيران القتالي المستقبلي" المقترح في أوروبا. وفي أخرة مرة شعرت فيها "داسو" بأن برنامج المقاتلات الأوروبي لا يلبي احتياجاتها، انسحبت لتطوير المقاتلة "رافال".

خلافات نظام الطيران القتالي

وهذا السياق، قالت هولينجر إن "نظام الطيران القتالي المستقبلي"، الذي أطلقته المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2017، كان سياسياً بشكل صريح، وأنه أظهر عزم كلا البلدين على تعزيز الإمكانات العسكرية المستقلة في أوروبا بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد العام 2019، في حين أشارت إلى انضمام إسبانيا للبرنامج.

وأضافت أن المشكلات بدأت عندما سلّم السياسيون البرنامج إلى قطاع الصناعة، وأن البرنامج اتسم منذ بدايته بالخلافات حول تبادل التكنولوجيا وقيادة الأجزاء الأكثر أهمية في البرنامج، كما تفاقم الخلاف بسبب الأفكار المختلفة اختلافاً جذرياً بشأن التعاون.

وأجبر المشروع أيضاً منافسين لدودين وهما "داسو" و"إيرباص" على العمل معاً، ولكن يبدو أن طموحات أوروبا السياسية كانت لها اليد العليا العام الماضي.

ووفقاً لهولينجر، فقد أُبرم اتفاقاً بشأن المبادئ الأساسية وتم التوصل إلى اتفاقات صناعية حول 6 من أصل 7 ركائز للمشروع، والتي تشمل الطائرات المأهولة وغير المأهولة، والاتصالات الفضائية والأرضية، والذكاء الاصطناعي وغيرها، لكن الانقسامات حول الركيزة السابعة ما تزال قائمة، ولا توجد أي مؤشرات على توافق وشيك.

وأشارت إلى أن كلا الجانبين لديهما أسباب منطقية لرفض تغيير مواقفهم، مُوضحة أن "داسو"، حاملة لواء السيادة الفرنسية في الطائرات المقاتلة، تقول إنها بحاجة إلى تطوير نظام التحكم في الطيران، بينما تتوقع ألمانيا أن تحصل على التكنولوجيا بعد تعهدها بضخ المليارات في المشروع.

في حين، نقلت الصحيفة عن فرانسيس توسا، مستشار الشؤون الدفاعية والمحرر بموقع "ديفينس أناليسز"، قوله إن الصفقة الإماراتية من الممكن أن "تغير التوازن".

وأضاف: "لقد غيرت المعادلة. فرنسا لم تعد بحاجة إلى ألمانيا. الأرباح التي سيحصلون عليها من صفقة الإمارات ستمول تطوير الرافال. أيام المشروع أصبحت معدودة، ما لم يفهم الألمان وضعهم في الترتيب، فهم ليسوا متساويين في القدرات الصناعية".

"رافال" الفرنسية

ووقعت الإمارات في مطلع ديسمبر الماضي عقداً مع فرنسا لاقتناء طائرات مقاتلات من طراز "رافال"، وذكر قائد القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي، اللواء الركن طيار إبراهيم ناصر العلوي، أن الصفقة "ليست خطة بديلة" لصفقة شراء مقاتلات "إف 35" الأميركية.

واتفقت الإمارات مع فرنسا على شراء 80 طائرة مقاتلة من طراز "رافال"، في إطار صفقة بلغت قيمتها 17 مليار يورو (19 مليار دولار)، تم توقيعها خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الإمارات.

واستغرقت المناقشات بين باريس وأبوظبي بشأن الطائرات المقاتلة أكثر من 10 سنوات، وذلك حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وتعد هذه الصفقة، أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004. وسيتم تسليم الطائرات بدءاً من العام 2027. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات