معرض كاريكاتير عن ياسر عرفات يثير غضباً فلسطينياً

جانب من معرض الكاريكاتير الذي ضم رسومات عن الزعيم الراحل ياسر عرفات - 24 يناير 2022 - facebook.com/YasserArafatFoundationOfficial
جانب من معرض الكاريكاتير الذي ضم رسومات عن الزعيم الراحل ياسر عرفات - 24 يناير 2022 - facebook.com/YasserArafatFoundationOfficial
رام الله-الشرق

فجّر معرض كاريكاتير عن  الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، احتجاجات عارمة في رام الله، وصلت حد قيام أعضاء في حركة "فتح"، التي أسسها الراحل وقادها لعقود، باقتحام المعرض ومصادرة الرسومات التي يضمها وإتلافها، باعتبارها "مسيئة" مطالبين بـ"إقالة المسؤولين عنه ومحاسبتهم".

المعرض الذي أقامته "مؤسسة ياسر عرفات"، افتتحه رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية،  الأحد، في "متحف ياسر عرفات" الذي يقع في أحد أجنحة مقر الرئاسة الفلسطينية، الذي أقام فيه الزعيم الراحل حتى وفاته بتاريخ 11 نوفمبر 2004.

"صورة غير لائقة"

وفي تفاصيل القضية، أن بعض الرسومات الكاريكاتيرية التي جمعتها المؤسسة من راسميها وناشريها في صحف ومجلات بمختلف اللغات من 43 دولة حول العالم، لم تعجب عدداً من زوار المعرض، لأنها أظهرت الزعيم التاريخي بصورة "غير لائقة"، بحسب رأيهم، إذ أبرزت أنفه وشفتيه بشكل مضخّم.

اعتراض الحضور واحتجاجه على محتويات المعرض، وصل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت تغريدات ومنشورات فجّرت غضباّ واسعاً بين الجمهور، سرعان ما قاد إلى اقتحام قاعة العرض ومصادرة الأعمال الكاريكاتيرية وإتلافها. 

عدد من الحضور لمعرض كاركاتير الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات - facebook.com/YasserArafatFoundationOfficial
عدد من الحضور لمعرض كاركاتير الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات - facebook/YasserArafatFoundationOfficial

متحف عرفات: غرفة نوم وكوفية

تجدر الإشارة إلى أن "مؤسسة ياسر عرفات"، تأسست بعد رحيل الزعيم الفلسطيني، بمبادرة من ابن شقيقته القيادي السابق في حركة "فتح" ناصر القدوة، بهدف جمع تراثه خاله وتخليد ذكراه.

كما أنشأت المؤسسة متحفاً يحمل اسم عرفات جمعت فيه الكثير من مقتنيات الزعيم الفلسطيني الشخصية وصوره منذ الطفولة حتى الرحيل، وما نُشر عنه من أخبار ومقالات في مختلف اللغات. 

وضم المتحف غرفة نوم عرفات الصغيرة المتواضعة، وبدلته الكاكية، وكوفيته التي عرفه العالم بها والكثير من مقتنياته الشخصية.

وكانت السلطة الفلسطينيةأعادت تشكيل المؤسسة بعد فصل ناصر القدوة من حركة "فتح"، العام الماضي، إثر قيامه بالإعداد لخوض الانتخابات التشريعية بصورة منفصلة عن الحركة.

"محاسبتهم واجب وطني"

وعبّر عدد من قادة "فتح" عن غضبهم الشديد من إقامة المعرض، وطالبوا بمحاسبة القائمين عليه. ومن بينهم عضو اللجنة المركزية للحركة، توفيق الطيراوي، الذي أصدر بياناً، قال فيه إن محاسبتهم "واجب وطني".

وأضاف: "الخزي والعار لمنظمي المعرض الجريمة في متحف عرفات، الذي لا يزال يحوي كوفيته وسلاحه ورائحته، ويشهد على فعله الوطني المقدس". 

وقال الطيراوي إن "الموقف الشعبي الساخط على هذه الرسومات الكاريكاتيرية، وموقف أبناء حركة فتح، وأبناء فلسطين عموماً هو البوصلة الحقيقية، التي تعبر عن وطنية الشارع الفلسطيني، الذي لا يسمح للمنتفعين الذين يحاولون حرف البوصلة عن اتجاهها الوطني، والإساءة لرموز الفعل الوطني والقادة المؤسسين".

وانضم عدد من السياسيين الفلسطينيين إلى حملة الانتقادات التي طاولت الحكومة والسلطة، على خلفية المعرض، أبرزهم ناصر القدوة، وكذلك انضمت حركة "حماس" إلى صفوف المنتقدين للمعرض ومنظميه.

وقال القدوة، في بيان حصلت "الشرق" على نسخة منه، إن معرض الكاريكاتير "افتقد للرؤية والمعايير والتمثيل الأمين للزعيم الراحل".

وأضاف: "قلنا سابقاً إن مؤسسة ياسر عرفات ومتحفها تم اختطافهما وانتزاعهما بالقوة من المسؤولين عنهما وذلك من خلال انتهاك قوانين ولوائح المؤسسة بشكل كامل"، واصفاً القائمين على المؤسسة بأنهم "غير شرعيين".

"لم تلق تفهماً"

وعلى أثر ردود الفعل التي أثارها المعرض، أصدرت "مؤسسة ياسر عرفات" بياناً أوضحت فيه أنها أقامته "بهدف إظهار مكانة الزعيم الراحل بين شعوب العالم".

وجاء في البيان: "يتوجه متحف ياسر عرفات إلى جميع مُتابعيه وزواره، بأن ما تم عرضه من رسومات كاريكاتيرية في معرض (فلسطين وياسر عرفات) خضعت لنقاش وفحص، وعلى ذلك سُمح بنشر تلك الرسومات، كما لم يتم نشر رسومات فيها جدل ديني أو عرقي".

وأضاف البيان: "إن الرسومات المعروضة، وإذ كان بعضها جدلياً نوعاً ما، تُمثل وجهة نظر راسميها في كيفية دعمهم للقضية الفلسطينية، ومُناصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات. كما تم رسم شخصية أبو عمار من منظورهم الفني والثقافي والاجتماعي الخاص بهم. فبعضهم رآه بمنظار صيني، وآخر جنوب إفريقي، وآخر برازيلي.. وهكذا، وجميعهم من منظار تضامني معنا".

ودافعت المؤسسة عن رسالتها، قائلة إن "متحف ياسر عرفات حريص كُل الحرص على الحفاظ على صورة وسيرة ومسيرة ياسر عرفات، وما تم نشره بالمعرض لا يمس ياسر عرفات بشخصيته ورمزيته، لكن فن الكاريكاتير من الفنون الجدلية والإبداعية، ومع ذلك فقد قمنا بمراجعة كل الرسومات المعروضة، وقد قمنا بإزالة كل الرسومات التي لم تلق تفهماً من الرأي العام الفلسطيني".

وقال رئيس "مؤسسة ياسر عرفات" الدكتور نبيل شعث، إنه طالب بوقف المعرض فوراً، بعد حملة الاستنكارات الشعبية الواسعة.

وأشار شعث في تصريحٍ لـ"الشرق" إلى أنه سيقوم بفتح تحقيق فور عودته من السفر، بشأن حيثيات ةالمعرض والقائمين عليه، مشدداً في ذات الوقت على أن "الشهيد الرمز ياسر عرفات له في قلوب الفلسطينيين الكثير من المحبة والتقدير".

وشدد شعث على أن "من الصعب على رسام الكاركاتير أن يعبر عن مشاعر الناس الصادقة تجاه الرمز أبو عمار".

تجدر الإشارة إلى أن معرض "فلسطين وياسر عرفات" هو المعرض الثامن في سلسلة المعارض التي يُقيمها المتحف، بعد "زاوية عمّار" و"زاوية الطفل الفلسطيني"، و"حارسة نارنا الدائمة"، و"بلادنا هي بلادنا" و"انتفاضة" و"ملصق" و"اقتلاع" و"اغتيال".

ووُجهت الكثير من الانتقادات لرئيس الوزراء الدكتور محمد إشتية لقيامه بافتتاح المعرض. كما تظاهر عدد من نشطاء حركة "فتح" في ساعة متأخرة من ليلة الأحد الاثنين في الميدان الرئيس وسط رام الله احتجاجاً على المعرض.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات