29 عاماً على "ماستريخت".. قصة وثيقة أسست لقيام الاتحاد الأوروبي

جانب من الاحتفال بالتوقيع على مسودة معاهدة الاتحاد الأوروبي- 7 فبراير 1992 - Reuters /Landov
جانب من الاحتفال بالتوقيع على مسودة معاهدة الاتحاد الأوروبي- 7 فبراير 1992 - Reuters /Landov
دبي-الشرق

وُقعت معاهدة ماستريخت في السابع من فبراير عام 1992، لتقضي بتأسيس "الاتحاد الأوروبي" وتؤسس لحدث تاريخي بعد سلسلة من الخطوات التي بدأت في منتصف القرن الماضي، نحو وحدة أوروبية سياسية واقتصادية.

ويطلق على هذه المعاهدة اسم "معاهدة الاتحاد الأوروبي"، وبالرغم من توقيع لندن عليها في ذلك الوقت، لم تكن كل الكتل السياسية البريطانية راضية عنها تماماً، ليستمر الأمر حتى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أخيراً فيما عُرف بـ"بريكست". 

وتُعتبر معاهدة باريس التي وُقعت عام 1951 نواة الاتحاد الأوروبي الذي اتخذ مدخلاً اقتصادياً بديلاً عن الوحدة السياسية. 

 وشملت معاهدة باريس بنوداً تتعلق بتحقيق تكامل في إنتاج الفحم والفولاذ بين دول أوروبا، غير أن المملكة المتحدة لم تكن حاضرة في هذه الخطوة المتقدمة، إذ شملت المعاهدة وقت توقيعها 6 دول هي، ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا. 

وتُعد المجموعة الأوروبية الاقتصادية أول كيان تنضم إليه المملكة المتحدة، وهي وفقاً لـ"يورو نيوز" أول سوق مشتركة قائمة على التنقل الحر وإلغاء الحواجز الجمركية، وانضمت إليها بريطانيا في 1973 إلى جانب الدنمارك وأيرلندا. 

مدينة ماستريخت 

وتقع بلدة ماستريخت في هولندا وشهدت مفاوضات صياغة الوثيقة المؤسسة للاتحاد الأوروبي.وفقاً لموسوعة بريتانيكا، تواصلت المفاوضات من ديسمبر 1991 حتى فبراير 1992، حينما وُقعت المعاهدة. 

وبالرغم من توقيع المعاهدة عام 1992، لم تدخل حيز النفاذ قبل عام 1993، نظراً لتحفظات دنماركية بددتها تعديلات بسيطة في متن المعاهدة لاحقاً. 

مدينة ماسترختفي هولندا. - AFP
مدينة ماستريخت في هولندا. - AFP

وبوصفها الوثيقة التأسيسية، أصّلت المعاهدة لمفهوم "المواطنة الأوروبية"، ولنظام مصرفي مركزي للدول الأعضاء، وللعملة الموحدة؛ فضلاً عن التزام الدول الموقعة بالتوافق على سياسات أمنية وخارجية مشتركة وفتح آفاق لتعاون أعمق في ملفات متعددة كالبيئة والأنظمة الشرطية. 

ونقلت "يورونيوز" التصريح التاريخي لرئيس المجلس الأوروبي إبان التوقيع، أنيبال كافاكو سيلفا، رئيس وزراء البرتغال وقتها، الذي قال: "اليوم هنا في ماستريخت نخطو خطوة جديدة وتاريخية في اتجاه أوروبا التي نبنيها بتضامننا. إن المعاهدة التي نحن بصدد توقيعها هي خطوة حاسمة في اتجاه الاتحاد الأوروبي. هي هدف طموح في إطار عملية فريدة من نوعها في التاريخ الحديث". 

مناهضة إنجليزية 

ومنذ اللحظة الأولى، أظهرت المملكة المتحدة أنها لن تكون عضواً عادياً في الاتحاد الأوروبي، وأن عضويتها ستشمل استثناءات، فقد منحت بريطانيا بنداً في سياق معاهدة ماستريخت يعفيها من الانضمام للعملة الموحدة. 

رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر. - X80002
رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر - X80002

وتُعد مارغريت تاتشر من أشهر رؤساء الحكومة في بريطانيا، ومن أهم الوجوه في السياسة الإنجليزية المعارضة لمشاركة إنجلترا في الاندماج الأوروبي. 

وانتزع رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور، المنتمي لحزب المحافظين هو الآخر، موافقة مجلس العموم البريطاني على معاهدة ماستريخت عام 1993، بعدما هدد بالاستقالة فيما يشبه المناورة السياسية على خلفية انقسام حزبي. 

نواة بريكست 

وتُعد المجموعة المناهضة لمعاهدة ماستريخت من السياسيين الإنجليز الذين يعرفون تاريخياً بـ"متمردي ماستريخت"، نواة الدفع بـ"بريكست" والخروج الإنجليزي من الاتحاد الأوروبي. 

ووفقاً لأرشيف جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية في التسعينات، فإن بعض وجوه الدفع ببريكست، كالوزير والسياسي المحافظ ليام فوكس، كانوا سبّاقين إلى محاربة ماستريخت منذ مناقشتها في البرلمان الإنجليزي أوائل التسعينات. 

وفي عام 1993، تأسس حزب استقلال المملكة المتحدة بمشاركة نايجل فاراج في سياق زخم مناهضة ماستريخت. 

وأطلق على نايجل فاراج لاحقاً "عرّاب بريكست"، بعدما أصبح زعيماً لحزب "بريكست" البريطاني. 

وبالتزامن مع تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومغادرته مقعده بالبرلمان الأوروبي، صرّح فاراج: "سأفتقد أجواء الدراما، سأفتقد المسرح، سأفتقد كوني أقوم بدور الشرير.."، في إشارة إلى عداوة البرلمان الأوروبي له ولبلاده. 

ودخل بريكست حيز النفاذ في 31 يناير 2020، في خطوة ختامية لمشوار طويل لساسة إنجليز تبنّوا موقفاً مناهضاً لمعاهدة الاتحاد الأوروبي المعروفة بمعاهدة ماستريخت منذ البداية.