اليأس والجوع يدفعان الأفغان لبيع أعضاء أبنائهم

رجال أفغان باعوا كُلاهم خلال السنوات الأربع الماضية في محاولة لإنقاذ أسرهم من الجوع، في صورة تظهر ندوب العملية في قرية سيشانبا بازار في إنجيل، محافظة هرات، أفغانستان- 4 فبراير 2022 - AFP - AFP
رجال أفغان باعوا كُلاهم خلال السنوات الأربع الماضية في محاولة لإنقاذ أسرهم من الجوع، في صورة تظهر ندوب العملية في قرية سيشانبا بازار في إنجيل، محافظة هرات، أفغانستان- 4 فبراير 2022 - AFP - AFP
دبي-الشرق

يلجأ الأفغان بشكل متزايد إلى إجراءات يائسة لمحاولة النجاة من أزمة إنسانية غير مسبوقة تسارعت وتيرتها منذ أطاحت طالبان بالحكومة المدعومة أميركياً أغسطس الماضي، وما تلى ذلك من انهيار اقتصادي، أجبر الكثير منهم على بيع أعضائهم وفي بعض الحالات أعضاء أبنائهم.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير الأربعاء، إن أكثر من نصف سكان البلد البالغ تعداده 39 مليون نسمة يواجهون الجوع الحاد طبقاً للأمم المتحدة فيما لا يجد 95% منهم الغذاء الكافي.

وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والزيت إلى الضعف منذ تولت طالبان السلطة.

ويلجأ الأفغان إلى تجارة الأعضاء غير المشروعة والتي تجري في العلن رغم ذلك غربي مدينة هرات، سعياً للوقاية لوهلة من الانهيار التام.

ويعمل في المدينة مستشفيين يوفران جراحات زراعات الكلى، ويجذب المستشفيان الأفغان من كافة أرجاء البلاد، ويجري الأطباء فيهما ما بين 15 إلى 20 جراحة شهرياً، فيما يغض المسؤولون النظر عن العملية غير القانونية.

ورغم كون بيع وشراء الأعضاء غير قانوني كما هو الحال في أغلب الدول، لكن أعداداً غفيرة من الأفغان يذهبون لهرات شهرياً لبيع أعضائهم.

"لا أب يريد بيع كلية ابنه"

حين حاصرت طالبان مدينة هرات الأفغانية في أغسطس الماضي، وجد جول محمد، نفسه محاصراً بأناس كانوا قد أقرضوه المال لشراء الطعام والدواء، وطالبوه بدفع ما عليه قبل سقوط المدينة، ولم يكن أمامه وزوجته سوى خيار واحد.

اصطحب محمد ابنه خليل أحمد البالغ من العمر 15 عاماً من كوخ الطين الذي يعيشون فيه إلى مستشفى قريب دون إخباره بالسبب، "لأنه كان من الممكن أن يرفض إذ أخبرناه بالسبب".

وفي المستشفى القريب أخضع الأطباء خليل للتخدير ثم حصدوا كليته التي باعها والديه لقاء 4 آلاف و500 دولار كانت بالكاد كافية لتغطية ديونهما.

وقال مدير أحد المستشفيين إن عدد طلبات نقل الكلى تزايد بشكل كبير خلال الستة أشهر الماضية، وأن 12 مريضاً من أصل 13 تجري لهم المستشفى جراحات حالياً جاءوا من محافظات أخرى، وتلقى جميعهم أموالاً مقابل أعضائهم.

وشدد مدير المستشفى على أن طاقمه ممنوع بشكل تام من لعب أي دور في تبادل المال، لكن المستشفى نفسها تتقاضى 4 آلاف و600 دولار لقاء الجراحة و1500 دولار مقابل الدواء.

والعثور على كلية ليس أمراً صعباً في أفغانستان، فإعلانات بيع الأعضاء معلقة على جدران الشوارع وأعمدة الإنارة في هرات ومدن أخرى.

ويوزع سماسرة الكلى بطاقات تحمل أرقام هواتفهم عارضين توصل البائع بالشراة.

اختطفوا ابنه الصغير

وجد جول محمد مشتر لكلية ابنه عبر أحد أقاربه. واضطر الرجل الذي عمل لسنوات كعامل بناء، لذلك بعدما جفت الأعمال في قطاع البناء، وبدأ بشراء الطعام بالأجل من البائعين، واقترض الأموال من أقاربه كي يتمكن من توفير الطعام لزوجته و12 طفلاً.

حين دقت طالبان أبواب هرات، بدأ الدائنون في الطرق على أبوابه يومياً، ولكنه لم يكن لديه ما يدفعه.

لكن الأمر تغير حين استدرجت مجموعة من الرجال ابنه ذو العامين بمنحه قطعة حلوى واختطفوه في سيارة قبل أن يفرجوا عنه لاحقاً مهددين والده بأنه "لن يرى ابنه مجدداً إذا لم يدفع".

حينها قرر محمد وزوجته أنهما ما لم يريدا أن يبيعا طفلاً من أطفالهما فإن عليهما بيع كلية. لكن الفحوصات أتت لتثبت أنهما غير صالحين لإجراء الجراحة إذ أن محمد يعاني من حصوات الكلى وزوجته تعاني من السكري.

أما ابنهما الأكبر فكان يجمع 3 دولارات يومياً عبر تجميع البلاستيك وإعادة تدويره لذا لم يكن خياراً، ووقع اختيارهما في النهاية على ابنهما خليل أحمد، ثاني أكبر الأبناء.

وقال محمد للصحيفة: "ليلة اتخاذي القرار بكيت كثيراً. لقد كان الخيار الأخير، لا أب يريد أن يبيع كلية ابنه".

عرض البائع 4 آلاف و500 دولار مقابل كلية خليل، ولم يستطع محمد أخذ ابنه للمستشفى بنفسه، إذ لم يطاوعه قلبه، فاصطحبه عمه.

ومنذ إجراء الجراحة، يعاني خليل من الآلام وهو مرهق لا يستطيع اللعب مع أصدقائه.

طالبان تطلب العون

واتهم المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، "مهربون دوليون" بالوقوف وراء تجارة الكلى في هرات، وقال إن حكومته "تعمل ما في وسعها لوقفها".

ولكنه اعترف أن الناس يبيعون أعضائهم بسبب اليأس، قائلاً: "يعاني شعبنا من مشكلات جمة. الحكومة لا تستطيع التعامل معها كلها، على المجتمع الدولي أن يمد يده إلينا".

وتقول الصحيفة إن الكثير من الأفغان يعيشون حياتهم كلها في فقر مدقع، ازداد وطأة تحت حكم طالبان. وسقط من كانوا يعيشون بطريقة ملائمة تحت خط الفقر بسرعة كبيرة بعد توليها الحكم.

وقالت الأمينة العامة لمجلس اللاجئين الدنماركي، شارلوت سلينيتي، إن "الطبقة المتوسطة تختفى من يوم لآخر، والناس يسقطون في الفقر وهم بحاجة ماسة إلى مسعدة بأكثر من أي وقت مضى".

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات