أدى شح الأمطار هذا الصيف إلى انخفاض مستوى المياه في نهر الراين الذي يعتبر الشريان الرئيسي للتجارة في ألمانيا، ما أعاق حركة سفن الشحن وزاد من مستوى كلفتها.
وحذر خبراء البيئة في ألمانيا من أن استمرار تراجع منسوب المياه في نهر الراين، إلى مستويات حرجة قد يؤدي إلى إغلاق الملاحة في النهر بشكل عملي مستقبلاً.
وفي عام 2018، عانت أوروبا من موجة جفاف كبيرة تسببت حينها في إغلاق نهر الراين أمام سفن الشحن لمدة 132 يوماً، ما أدى تقريباً إلى حدوث ركود في ألمانيا.
وقالت صحيفة "فايناشينال تايمز" في تقرير نشرته الجمعة، إن مجموعة "جود ميلز" (GoodMills) الألمانية للمطاحن ستعمل خلال الأيام المقبلة، على الحد من إنتاجها بسبب تراجع مستوى حركة السفن.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن رئيس الخدمات اللوجستية في "جود ميللز" رومان موبوس، قوله: "تمتلئ مستودعاتنا في بعض المواقع بنسبة تصل إلى 90%"، مضيفاً أنه "إذا لم نتمكن من نقل البضائع قريباً بسعر معقول فسيتم إغلاقها".
وأشارت الصحيفة إلى أن مخاوف المجموعة الألمانية زادت مع انخفاض منسوب المياه في نهر الراين، إلى مستويات جديدة، بعد صيف شديد الحرارة أعقبه ربيعاً وشتاءً جافين أيضاً بشكل غير عادي.
وانخفض منسوب المياه خلال الأسبوع الجاري، إلى 47 سنتيمتراً، وهو أقل بكثير من الـ80 سنتيمتراً اللازمة لمرور السفن المحملة بالكامل بأمان.
واعتبرت الصحيفة، أن الانخفاض تسبب بعدم حمل الحاويات حمولتها المعتادة لتقليل وزنها، ما أدى إلى ارتفاع كلفة النقل والتأخيرات الشديدة في عمليات التسليم، في الوقت الذي تعمل فيه ألمانيا على معالجة التضخم المتصاعد وأزمات سلاسل التوريد.
وقال محللون للصحيفة، إنه يمكن أن يكون لمستويات المياه في النهر تأثير أكبر مما سببه الجفاف الأخير في 2018، عندما توقف شحن البضائع، ما أدى إلى اختناق إنتاج الكيماويات والصلب وخسارة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد المليارات.
ولفت موبوس إلى مجموعة من العوامل التي قال إنها تسببت في الأزمة الحالية التي يواجهها قطاع الصناعة في البلاد، بما في ذلك "الرسوم الإضافية الجديدة وارتفاع كلفة الطاقة ونقص السفن، الأمر الذي ترك الشركات أمام خيارات قليلة للمناورة".
ونقلت "فايناشينال تايمز" عن روبرتو سبرانزي، وهو مدير شركة الشحن الألمانية "دويتشه ترانسبورت-جينوسنشافت"، والتي تملك أسطولاً يضم 100 سفينة في نهر الراين، قوله إن الشركة "تتلقى طلبات كل يوم لشحنات الفحم".
وأشارت الصحيفة إلى أن ألمانيا لم يعد أمامها الآن خيار سوى استيراد الفحم عبر نهر الراين، وهو الاعتماد الذي قال عنه الخبير الاقتصادي مارك شاتنبرج من مصرف "دويتشه بنك"، بأنه "يمكن أن يصبح نقطة ضعف لأكبر اقتصاد في أوروبا".
وكانت شركة "يونيبر" للكهرباء الألمانية، حذرت من أنها قد تضطر إلى تقليص الإنتاج في محطتها في "شتاودينجر" الواقعة على ضفاف نهر الماين، وهو أحد روافد نهر الراين، بسبب محدودية إمدادات الفحم.
وفي المقابل، يصر رئيس الهيئة الحكومية التي تشرف على الإمدادات على أن "محطات الفحم في البلاد لديها مخزون كافٍ في الوقت الحالي".
كما اعتبر رئيس وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية كلاوس مولر، أن "المشاكل الحالية في نهر الراين مؤقتة، وسيتم حلها من تلقاء نفسها مع الاقتراب من فصل الشتاء".
وقال خبراء في مجال الشحن، إنه مع التقلب الشديد في التكاليف، فإنه بات من الصعب بشكل متزايد التنبؤ بمدى تأثير الجفاف هذا الصيف في النقل في نهر الراين.