تواجه خطة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن المناخ، مشكلات عدة، فهدف الإدارة الجديدة بتوليد الطاقة الكهربائية من مصادر خالية من الكربون بحلول عام 2035، أصبح صعب المنال، بعدما كشفت أزمة ولاية تكساس، وانقطاع التيار الكهربائي خلال العاصفة الثلجية، عن الحالة الهشة لشبكات الكهرباء في الولايات المتحدة، وفق تقرير لوكالة بلومبرغ.
وأشار التقرير إلى أن بايدن يرغب في إصلاح الشبكات الكهربائية، باعتبارها خطوة رئيسية للتخلص من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول منتصف القرن، ويتطلب تحقيق هذا الهدف بناء خطوط توزيع جديدة بتكلفة تصل لمليارات الدولارات، وهو تحدٍّ بنفس صعوبة تمرير خطة بايدن للمناخ في الكونغرس.
وشدد التقرير على أن إصلاح نقاط الضعف على مستوى البلاد، يتطلب من الرئيس جو بايدن وضع إعادة تصور للطرق الأميركية لإنتاج وتوزيع الكهرباء.
إعادة تقييم الأنظمة الحالية
ونقل التقرير عن الأستاذ المساعد في جامعة برينستون، جيسي جينكينز، قوله إن الشبكة الحالية "ليست كافية لتحقيق حجم طاقة الرياح والطاقة الشمسية الذي يحتاجه بايدن"، كما أن الوصول إلى شبكة كهرباء خضراء بالكامل "يتطلب بنية تحتية جديدة على مستوى البلاد، في تحدٍّ لم نشهده منذ فترة ما بعد الحرب على الأرجح، عندما بنينا الطرق السريعة، وأدخلنا الكهرباء إلى القرى".
ويقدر جينكينز أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "توسيع شبكة الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح إلى 60٪، لتعويض نصف قدرة الكهرباء الأميركية بحلول عام 2030".
وسيتطلب التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، وفق التقرير، إعادة التفكير في العديد من الافتراضات بشأن نظام الشبكة الحالي، إذ اعتمدت الولايات المتحدة في معظم فتراتها الصناعية على محطات توليد الطاقة التقليدية، عن طريق حرق المزيد من الفحم أو الغاز الطبيعي.
أسباب قطع التيار الكهربائي
وعلى الرغم من توافر تكساس على خطوط توزيع جديدة تستخدم الطاقة المتجددة، فقد أدى اعتمادها المستمر على الوقود الأحفوري، إلى فشلها في تأمين شبكة الكهرباء، إذ تسببت موجة البرد الأخيرة في إغلاق بعض المحطات التي تعمل بالفحم والغاز، والتي لم تكن مصممة لتحمل درجات الحرارة المنخفضة جداً، كما توقفت بعض توربينات الرياح عن الدوران، ولأسباب سياسية في جزء منها، فإن شبكة الولاية بقيت معزولة إلى حد كبير عن بقية الولايات المتحدة، لذا اضطر المشغلون غير القادرين على طلب المساعدة من الجيران، إلى قطع التيار الكهربائي، بحسب التقرير.
مشكلات الطاقة المتجددة
وبحسب تقرير بلومبرغ، فإن قرار بايدن بناء شبكات أكثر مرونة ومجهزة للتعامل مع الطاقة النظيفة، قد يساعد في التعامل مع الطقس القاسي، على الرغم من أن اختيار الاعتماد بشكل كبير على الطاقة المتجددة التي تنتجها ألواح الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، من شأنه أن يجلب مشكلاته الخاصة أيضاً.
وبسبب انحصار موارد الطاقة المتجددة في مناطق مشتتة (الطاقة الشمسية في الصحراء، الرياح على شواطئ المحيطات)، ستكون الحكومة بحاجة إلى بناء خطوط توزيع جديدة لربط هذه المشاريع بالشبكات الكهربائية، وهي مشاريع معقدة أثبتت أنها بمنزلة كوابيس بيروقراطية، كما أنها أكثر إرهاقاً من تطوير محطات الطاقة النظيفة، إذ إن هناك بالفعل تراكماً كبيراً لمشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية المقترحة، في انتظار توصيلها بالشبكات.
كما أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بالبطاريات، التي يتم تخزين الطاقة الزائدة التي يتم توليدها من الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، فعلى الرغم من تراجع أسعارها، إلا أنها لا تزال باهظة الثمن.
وقد طورت أوروبا أفضل البنى التحتية لتوزيع الكهرباء في العالم، إذ نجحت في ربط الشبكات في بلدان مختلفة لتوفير أمن الطاقة وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وبات من الممكن لطاقة الرياح الاحتياطية في الدنمارك أن تغذي السويد، كما يمكن أن تذهب الطاقة النووية الزائدة من بلجيكا إلى المملكة المتحدة.
تكلفة باهظة
وقد تكلف التحسينات اللازمة للشبكات في الولايات المتحدة، من أجل الوصول إلى مستقبل أنظف بيئياً، ما يصل إلى 90 مليار دولار بحلول عام 2030، ولكن من المتوقع أن تصل الكلفة الإجمالية لهذا المشروع بحلول عام 2050، ما قيمته 690 مليار دولار.
وفي غضون ذلك، وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا، أن الوصول إلى 90٪ من الكهرباء الخالية من الكربون بحلول عام 2035، يمكن أن يكون مجدياً من خلال زيادة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات بشكل كبير.
وقبل الفشل في توصيل الكهرباء في تكساس هذا الشتاء، تسببت موجة حر في كاليفورنيا العام الماضي في ارتفاع الطلب على الطاقة، بسبب زيادة استخدام السكان لمكيفات الهواء، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي، وقد أظهر كلا الحدثين هشاشة شبكات الولايات المتحدة في مواجهة تغير المناخ والطقس القاسي، كما أثارا الجدل حول موثوقية الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مقارنة بالوقود الأحفوري.
اقرأ أيضاً: