تقع بحيرة قارون بين أراض زراعية وصحراء وعرة تنتشر بها الصخور إلى الجنوب الغربي من القاهرة، وكانت في الماضي غنية بأنواع مختلفة من الأسماك مثل البلطي والقاروص والدنيس والروبيان (الجمبري)، مما كان يعد مصدر رزق وفير للصيادين من القرى المجاورة.
لكن التلوث الناجم عن المخلفات الزراعية والنفايات الصناعية والمنزلية، أفسد جمالها في السنوات الأخيرة وتسبَّب في انخفاض أعداد الأسماك، ليدمر صناعة وفرت الوظائف لأجيال.
وقال فرج عبد الستار عوض إنه "في السابق كنا شغالين عادي تمام وكانت البحيرة كلها خير، كان الجمبري موجود، البلطي موجود، البوري، جميع الأنواع، وكانت الأسعار جيدة، فطبعاً حصل تلوث في البحيرة فلما حصل التلوث هجر الجميع مهنة الصيد".
وقال شقيقه رمضان، وهو أيضاً صياد، بينما كان يجلس في قاربه الراسي على شواطئ البحيرة المليئة بالقمامة، إنه لا يزال من الممكن العثور على أسماك صغيرة قليلة القيمة هناك.
أجرى بعض الصيادين السابقين تعديلات على قواربهم الخشبية الصغيرة من أجل رحلات ليوم واحد يقوم بها زوار من القاهرة في عطلات نهاية الأسبوع، بينما نزح آخرون إلى مدن في شرق مصر أو جنوبها.
وتقع البحيرة التي يبلغ طولها 42 كيلومتراً تحت مستوى سطح البحر، وكانت تغذيها مياه فيضان النيل في العصر الفرعوني.
والآن يتم ضخ مياه الصرف فيها، وزادت نسبة ملوحتها مع استزراع أنواع أسماك بحرية لتحل محل أنواع الأسماك التي تعيش في المياه العذبة.
المخلَّفات الزراعية
وتتعرض الأراضي الصالحة للزراعة والقليلة في مصر على طول ضفتي مجرى نهر النيل للضغط مع زراعتها بشكل مكثف، وأضرت المخلفات الزراعية بجودة المياه في بحيرة قارون، وهي مشكلة وثقتها دراسة حكومية عام 2017 مشيرة كذلك إلى زيادة نسبة الملوحة بسبب التبخر.
كما أظهرت دراسة نشرت عام 2020 في مجلة أبحاث علوم البيئة والتلوث، وهي مجلة عالمية، نسبة تلوث أعلى من المعتاد بمعادن منها النحاس والزنك والكادميوم والرصاص.
وقال مجدي علام، الخبير في مجال البيئة بمركز معلومات تغير المناخ المصري، وهو مجموعة بحثية رسمية، إن العمل جارٍ لتنقية مياه الصرف الصحي المحلية، وقطع صرف المزارع القريبة عن بحيرة قارون.
لكن جودة مياه البحيرة تدهورت بسرعة لأسباب منها كونها بحيرة مغلقة. وأوضح علام أن النظام البيئي في البحيرات المغلقة هش، مقارنة بالبحيرات التي لديها منفذ على البحار والمحيطات.
وحاول بعض الصيادين الانتقال إلى وادي الريان، وهي واحة قريبة، لكن دراسة أجريت عام 2020 وجدت أنها ملوثة أيضاً.
وقال محسن مفرح، صاحب مطعم محلي للمأكولات البحرية، إن المنطقة كانت تنتج ما يكفي من السمك لبيعه إلى المدن الكبرى.
وأردف "كميات السمك التي كانت تخرج من البحيرة أكبر من أن تحصى، يومياً كان يخرج 20 طناً، 30 طناً، مقارنة بالوقت الحالي، حتى كيلو سمك لا يمكن استخراجه".