كشفت دراسة أميركية أن معدلات الوفاة الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة بلغت العام الماضي أعلى مستوى منذ 3 عقود، وبمعدل أعلى لدى النساء، وفقاً لمجلة "بوليتيكو".
ودقق الباحثون في الدراسة الجديدة التي نشرتها دورية "جاما" الطبية مفتوحة المصدر الثلاثاء، في حالات الوفاة الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية منذ العام 1990، ووجدوا أنها بدأت تزداد بمعدل ثابت في عام 2005، لكن الوتيرة تسارعت مؤخراً لتقفز بنسبة 20% بين عامي 2019 و2021.
وأكد الباحثون أن الزيادة بين النساء، خصوصاً من أصول إفريقية، تلعب دوراً مأساوياً وغير معترف به، في إحصاء "ينحرف بدرجة ساحقة باتجاه الرجال".
وقال الدكتور إريك فليجلر، من كلية الطب في "جامعة هارفارد" وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن "النساء تضيع في المناقشة، لأن الكثير من القتلى هم من الرجال".
وأضاف: "في أوساط النساء من الأصول الإفريقية، تضاعف معدل جرائم القتل بالأسلحة النارية أكثر من 3 مرات منذ عام 2010".
ووصف فليجلر السؤال بشأن أسباب زيادة الوفيات بالأسلحة النارية بدرجة كبيرة خلال فترة تفشي وباء كورونا، بأنه "مباشر، لكن إجابته معقدة، ولا أحد يعرفها حقاً".
وعزا الخبراء العوامل، التي أدت لهذه الزيادة، إلى "زيادة مبيعات الأسلحة النارية والتوتر، وقضايا تتعلق بالصحة العقلية والنفسية".
مليون وفاة
وأحصى الباحثون أكثر من 1.1 مليون حالة وفاة باستخدام الأسلحة النارية خلال الأعوام الـ 32 الماضية، وهو تقريباً نفس عدد الوفيات الناجمة عن كورونا في الولايات المتحدة بالسنوات الثلاث الأخيرة.
وكان نحو 14% ممن لقوا حتفهم بالأسلحة النارية من النساء، إذ شهد العام الماضي نحو 7 حالات وفاة بالبنادق من كل 100 ألف امرأة في مقابل 4 حالات من كل 100 ألف في عام 2010، أي بزيادة نسبتها 71%.
وبلغت هذه النسبة لدى الرجال 45%، حيث ارتفع المعدل العام الماضي إلى 26 حالة وفاة بالبنادق لكل 100 ألف رجل في مقابل 18 لكل 100 ألف عام 2010.
وبالنسبة للنساء ذوات الأصول الإفريقية، ارتفع معدل الانتحار باستخدام الأسلحة النارية من حوالي 1.5 من كل 100 ألف إلى نحو 3 من كل 100 ألف في العام الماضي، فيما فاق معدل وفيات جرائم القتل خلال العام الماضي في فئة النساء ذوات الصول الإفريقية لتكون 18 من كل 100 ألف، مقابل حوالي 4 من كل 100 ألف في النساء من أصل إسباني، و2 من كل 100 ألف في النساء البيض.
ولا تزال أعلى معدلات القتل باستخدام الأسلحة النارية محصورة في فئة الشباب من أصول إفريقية، بمعدل 142 من كل 100 ألف، لمن هم في أوائل العشرينيات، فيما كانت أعلى معدلات الانتحار باستخدام الأسلحة النارية لدى الرجال البيض، ممن هم في أوائل الثمانينيات بمعدل 45 من كل 100 ألف.
"مشكلة تزداد سوءاً"
وفي تعليق مصاحب للدراسة، قال 3 باحثين من جامعة ميشيجان إن البحث أكد وجود فروق عرقية وجنسية في حالات الوفاة الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة، وأن حالات القتل تتركز بالأساس في المدن، فيما تنتشر حالات الانتحار بدرجة أكبر في المناطق الريفية.
ووصف الباحثون العنف باستخدام الأسلحة النارية بأنه "مشكلة تزداد سوءاً" في الولايات المتحدة، وأنها تتطلب جهوداً للسيطرة عليها.
من جانبه، وصف ديفيد هيمنواي، مدير مركز أبحاث السيطرة على الإصابات التابع لجامعة هارفارد، البحث بأنه "أحد أكثر التحليلات شمولاً لحوادث الوفاة الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة منذ سنوات".
وأشارت مجلة "بوليتيكو" إلى أن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها نشرت في أكتوبر الماضي، بيانات حول حالات الوفاة الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة العام الماضي، وأشارت إلى وجود أكثر من 47 ألف وفاة، في أعلى معدل خلال 40 عاماً على الأقل.
ورغم الزيادة في أعداد السكان إلا أن الباحثين أكدوا أن معدلات الوفاة بالأسلحة النارية "تزداد سوءاً"، إذ ارتفعت معدلات القتل والانتحار المرتبطة بالأسلحة النارية في الولايات المتحدة بنسبة 8% العام الماضي، ليصل معدل كل منهما إلى مستوى غير مسبوق منذ أوائل التسعينيات.