الطاقة النووية في أميركا.. انتعاش غير مسبوق مع تدفق التمويل

صورة من مختبر "لورانس ليفرمور الوطني" الفيدرالي في ولاية كاليفورنيا الأميركية. 13 ديسمبر 2022 - REUTERS
صورة من مختبر "لورانس ليفرمور الوطني" الفيدرالي في ولاية كاليفورنيا الأميركية. 13 ديسمبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق الشرق

أشاد العاملون في صناعة الطاقة النووية الأميركية بعام 2022، باعتباره نقطة تحول جديدة، في ظل زيادة الاستثمارات الخاصة والدعم الحكومي غير المسبوق الذي بث الحياة من جديد في القطاع الذي لم يكن مفضلاً في العقود الأخيرة، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن التشريعات الفيدرالية الجديدة، التي تم سنّها في الأشهر الثمانية عشر الماضية بالولايات المتحدة، ستضخ حوالي 40 مليار دولار في القطاع على مدار العقد المقبل، وفقاً لتقديرات الصناعة.

كما تدفق نحو 5 مليارات دولار من أموال القطاع الخاص على الشركات التي تصمم أنواعاً جديدة من المفاعلات في العام الماضي وحده.

ونقلت الصحيفة عن ريان نورمان، وهو محلل في مؤسسة "ثيرد واي" لأبحاث الطاقة، قوله "إن هذه الصناعة تُمثل بيئة استثمار رائعة بالنسبة للقطاعين العام والخاص على حد سواء، كما أن هناك اعتراف فيدرالي بأن تقنيات الطاقة النووية سيكون لها دور رئيسي في مستقبل الطاقة بالولايات المتحدة، فنحن نتحدث عن مليارات الدولارات التي يتم ضخها في شركات المفاعلات المتقدمة هذه".

ويأتي تدفق التمويل في الوقت الذي عادت فيه الطاقة النووية، التي لطالما عانت بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة وتقلب المستثمرين بشأن التكاليف، إلى الظهور كعنصر مركزي في مكافحة تغير المناخ، إذ يمكن للطاقة النووية أن تُوفر كميات هائلة من الطاقة الخالية من الكربون على مدار اليوم، بغض النظر عن حالة الطقس، مما يجعلها أكثر موثوقية من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الرياح والطاقة الشمسية.

أكبر أسطول نووي

وتمتلك الولايات المتحدة أكبر أسطول نووي في العالم، مع 93 مفاعلاً يوفرون حوالي 20٪؜ من طاقة البلاد، ونصف طاقتها الخالية من الكربون.

وفي السنوات الأخيرة، أدت التوربينات عالية الكفاءة والغاز الطبيعي الرخيص وتوليد الطاقة المتجددة المدعوم بالإعانات إلى خفض تكاليف الطاقة، فيما وجدت الطاقة النووية ذات التكاليف الثابتة إلى حد كبير صعوبة في المنافسة، وتم إغلاق 13 مفاعلًا منذ عام 2013، مما أدى إلى التحذير من تعطيل نصف الأسطول الأميركي الحالي بحلول نهاية العقد في حال لم يتم التدخل في الأمر.

ولكن الضغط المنسق من قبل الحكومة الفيدرالية لدعم القطاع أدى إلى وقف هذا التدهور، حيث خصص قانون البنية التحتية، الذي تم تمريره في أواخر عام 2021، بدعم من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، 6 مليارات دولار لدعم المفاعلات المتعثرة من خلال برنامج ائتمان نووي، وأصبح مصنع "ديابلو كانيون" في كاليفورنيا في نوفمبر الماضي المستفيد الأول من هذه المبادرة، حيث تجنب الإغلاق من خلال الحصول على إعانة قدرها 1.1 مليار دولار.

كما أدى تمرير قانون الحد من التضخم في أغسطس من العام الماضي لمزيد من المنح الفيدرالية للمفاعلات المتعثرة، إذ قدم ائتماناً ضريبياً على الإنتاج يصل إلى 15 دولاراً لكل ميجاواط/ساعة لدعم المصانع.

وقال كريج بيرسي، وهو رئيس الجمعية النووية الأميركية، إن التشريعين مجتمعين يمكنهما توفير ما يصل إلى 40 مليار دولار من الدعم، وأضاف: "ما شهدناه في الأشهر الـ 12 إلى 18 الماضية هو استثمار للأجيال القادمة".

وتابع بيرسي: "أعتقد أن هذا العام سيُذكر كنقطة تحول إيجابية للطاقة النووية".

تقنية الاندماج النووي

هذه المساعدات هي الأكبر منذ بداية الصناعة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عندما استثمرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بكثافة في المفاعلات البحرية التي تم تحويلها لاحقاً إلى تكنولوجيا لتوليد الطاقة التجارية.

كما تتدفق أموال القطاع الخاص في الولايات المتحدة بسرعة إلى هذه الصناعة، حيث تتطلع الشركات إلى تطوير أنواع جديدة من المفاعلات أصغر حجماً وأقل تكلفة وأكثر أماناً من الطاقة النووية التقليدية، ويُقدر معهد الطاقة النووية أن أكثر من 5 مليارات دولار من الاستثمارات الخاصة قد تم ضخها في الشركات النووية المتقدمة على مستوى العالم خلال الأشهر الـ 12 الماضية وحدها.

وفي نهاية العام الماضي، حقق علماء الحكومة الأميركية اختراقاً في تطوير تقنية الاندماج النووي من خلال تحقيق مكاسب صافية من الطاقة لأول مرة، فعلى عكس عملية الانشطار المستخدمة في المفاعلات الحديثة، والتي تُقسم الذرات لتوليد الطاقة، فإنه يمكن لتقنية الاندماج توفير طاقة غير محدودة دون خلق نفايات مشعة طويلة العمر.

وعلى الرغم من الاختراق، فإن اعتماد تقنية الاندماج وإنشاء البنية التحتية لدعمها لا يزال أمراً بعيد المنال، لكن يبدو أن دعم هذه التكنولوجيا قد انطلق في العامين الماضيين، وفقاً لكريس كيلسال، الرئيس التنفيذي لشركة "توكاماك إنرجي" التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها.

وأضاف كيلسال: "يبدو أنه سيكون هناك مستقبلاً مشرقاً للتكنولوجيا النووية، سواء من خلال تقنية الانشطار أو الاندماج".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات