لم يعد يكفي أن نرثي صحفنا ومطبوعاتنا ونتفكّر في "الزمن أطلالاً"، بل وصلنا إلى مرحلة أصبح معها إحياء الإعلام المكتوب، مسألة وعي ونضج، وأصبح الارتقاء بالمطبوعات العربية التي انطفأت قبل عقدٍ من الزمن، ضرورة حيوية.
لم نكن يوماً مجتمعات غير قارئة، كما يحلو للبعض أن يصفنا. الوعي بقضايانا هو من سمات تفكيرنا وثقافتنا، لكن الزمن العربي كان يسير بعكس رغباتنا، وتيار التجديد التكنولوجي المتسارع، لم يترك لنا مجالاً لإعادة تموضعنا في المكان المناسب.
أمام هذا الواقع المتردّي للإعلام المقروء والمكتوب، كان لا بد من إعادة تلك المطبوعات إلى دائرة الضوء، لنعيد معها الأجيال الجديدة إلى مناطق الجذب والاهتمام بقضايانا. كان لا بد أن نتجدّد، بعيداً عن تكرار الصيغ القديمة، وخصوصاً أننا نشهد تغييراً هائلاً في صناعة المحتوى الإعلامي حول العالم.
أربعة عقود
من هذا المنطلق، أعادت مجلة "المجلة" ابتكار نفسها، انطلاقاً من أن التغيير هو قانون الوجود، لكن "المجلة".. هي المجلة"، كما عنونت الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام SRMG جمانا راشد الراشد، في افتتاحيتها.
لكن الثبات الذي قصدته الراشد، هو التجديد المشروط بحضور الأهداف الكبيرة، التي قامت عليها "المجلة" قبل أربعة عقود، وقد استندت في استراتيجيتها للتطوير التي امتدّت على مدى سنتين، على التراث الهائل، والمحتوى الثري الذي تميّزت به، لتصدر اليوم بحلة جديدة بنسختها الورقية، ومنصّات رقمية متعدّدة.
نموذج عصري
في كلمة أطلقت من خلالها الاستراتيجية الجديدة للمجلة، قالت جمانا الراشد: "إن ركائز العمل الصحافي العصري لا تقتصر فقط على تطوير المنصّات أو التطبيقات الحديثة، وإنما تشمل كذلك دراسة مفصّلة لتحديد القطاعات والمجالات المستهدفة، وتعريف متابعيها والمهتمّين بها، وتطوير أصول العمل التحريري بما يتماشى مع المتطلبات العصرية".
أضافت: "يضعنا إرث "المجلة" العريق أمام مسؤولية الحفاظ على مسيرتها واستدامة تأثيرها، إذ شكّلت على مدى العقود الأربعة الماضية، مصدراً إعلامياً ومعرفياً موثوقاً، وعاملاً مؤثّراً في الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إلى أن أصبحت مرجعية إعلامية للخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بفضل منهجها القائم على المصداقية والدقّة".
وختمت: اليوم نضع بين أيديكم النسخة الأولى لـ"المجلة" بحلتها الجديدة، آملين أن تحظى بمتابعة القرّاء حول العالم وأن تلبّي تطلعاتهم.
مرحلة جديدة
ودشّنت مجلة "المجلة"، وهي إحدى منصّات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، مرحلة جديدة من مسيرتها، الثلاثاء، بعد الانتهاء من تنفيذ استراتيجية تطوير متكاملة، شملت جميع جوانب أعمالها تحريرياً وفنّياً وتقنياً، بما يتضمن إعادة إطلاق نسختها العربية المطبوعة، ومنصّات رقمية تفاعلية مبتكرة باللغتين العربية والإنجليزية.
وبحسب بيان المجلة، فإن "خطّة التطوير ستستمرّ مع مزيد من التحديث المتواصل، تماشياً مع استراتيجيتها الجديدة". وكشف البيان عن "تطوير شامل" لموقع المجلة الإلكتروني "يجمع بين متعة القراءة وعمق المعرفة ودقة المعلومة".
وأشار إلى استحداث منتجات جديدة من شأنها تقديم المواد الصحافية بقوالب مبتكرة، مثل تطوير قسم خاص لـ "الأعمال المرئية"، وآخر مختصّ بـ "الأعمال المسموعة" سيتمّ إطلاقه قريباً".
وأكد البيان أن استراتيجية التطوير حافظت على إرث "المجلة" الذي امتدّ لأربعة عقود.
وأوضح أن "المجلة" تسعى للحفاظ على ريادتها من خلال استقطاب نخبة من الكُتّاب والمفكّرين والمختصّين من المنطقة والعالم، استمراراً لتاريخها الغني بالمحرّرين وبالشخصيات البارزة التي ترأسّت تحريرها، مثل الأستاذ عثمان العمير، والأستاذ عبد الرحمن الراشد، ومعالي الدكتور عادل الطريفي.
قصّة الغلاف
خصّصت "المجلة" عددها الجديد للملف الايراني، وسألت: "هل يسقط النظام الإيراني؟" كما تضمن العدد مقالات كتبها صحافيون وخبراء عرب وأجانب، ناقشوا هذا السؤال من مختلف جوانبه.
وقد وقع الخيار التحريري على هذا الموضوع، بحسب ما جاء في موقع المجلة، على اعتبار أن شهر فبراير، "يصادف الذكرى الـ 44 لـ"الثورة" التي قادها الخميني، إذ تمرّ إيران على الرغم من القبضة الأمنية ومسلسل الإعدامات، بموجة غير مسبوقة من الاحتجاجات، بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني".
وفي العدد، يخوض جون رين، الخبير البريطاني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، في أعماق التركيبة الأمنية والعسكرية، وكيفية تعاملها مع الاحتجاجات، التي يضعها سامي مبيّض في سياق تاريخي، يعود إلى عقود شهدت حركات احتجاج نسائية.
أما حسام عيتاني، فيرسم خريطة التدخّلات الإيرانية "الامبراطورية" في الإقليم، واحتمالات تأثّرها بأي تغييرٍ في طهران، فيما يرصد عادل السالمي، الأدوات الإعلامية لإيران و"قوّتها الناعمة" في الساحة العربية، وكيفية تعاطي الجمهور العربي معها.
الصحافية المستقلة شيلي كيتلسون، تذهب في جولَتين ميدانيّتين في العراق، واحدة إلى كربلاء للحديث مع أهلها ونظرتهم إلى النجف المجاورة ومدينة قم في إيران. والثانية إلى كردستان العراق، مسرح القصف الايراني الذي حصل "انتقاماً" للتظاهرات في الداخل.
وعن التمدّد الإيراني، يتناول إبراهيم حميدي حزب الله والنظام السوري، وتحوّل سوريا إلى ساحة "حرب الظلّ" الإيرانية –الإسرائيلية"، تحت مظلّتي أميركا شرق سوريا وروسيا في غربها ووسطها وجنوبها.
وفي الصفحات الأخيرة من الملف، تعود "المجلة" إلى الداخل الإيراني، إذ يقدّم خالد القصّار، قراءة بالأرقام في الآثار الاقتصادية للعقوبات الغربية، فيما يرصد شادي علاء الدين دور النساء في الثورة الثقافية في إيران.
وتختتم الملف الكاتبة الإيرانية شيرين عبادي بمقال، عن دور مقتل الكردية مهسا أميني في إشعال الاحتجاجات الأخيرة، فهي "الفتاة التي ولدت مرّتين".
تتماهى موضوعات المجلة في أقسامها المتعدّدة مع القضية الرئيسية، إلى جانب قضايا أخرى في الشأن الثقافي و الاقتصاد والأعمال والعلوم والتكنولوجيا، إلى جانب مقالات الرأي.
اقرأ أيضاً: