التنقيب الإسرائيلي يثير مخاوف ضياع آخر آثار حي المغاربة في القدس

مصلون يهود عند حائط البراق في البلدة القديمة بالقدس- 12 أكتوبر 2022.  - REUTERS
مصلون يهود عند حائط البراق في البلدة القديمة بالقدس- 12 أكتوبر 2022. - REUTERS
القدس- أ ف ب

تثير أعمال التنقيب عن الآثار في ساحة الحائط الغربي أو "حائط البراق" في القدس الشرقية المحتلة، قلقاً لدى بعض خبراء التراث الذين يخشون اختفاء آثار حي عربي يعود لقرون دمرته إسرائيل في عام 1967. 

ويمثل الحائط الغربي أقدس الأماكن الدينية عند اليهود، بينما يشير إليه المسلمون بـ"حائط البراق". وبعد احتلال القدس الشرقية في حرب 1967، هدمت إسرائيل حي المغاربة ولم يبق ما يذكر بتاريخه العربي في الساحة الواسعة التي تعج بالسياح والمصلين اليهود. 

وفي يناير الماضي، كشفت حفريات تهدف، بحسب سلطة الآثار الإسرائيلية إلى "تعزيز البنية التحتية وتثبيتها وتحسينها"، في الموقع عن بقايا منازل وأزقة تمثل "أجزاءً" من حي المغاربة، لكن بعد أيام، اكتشف أن الحجارة جمعت وسويت مرة أخرى.

المؤرخ الفرنسي فينسينت لومير، قال إن الاكتشافات تضمنت "جدراناً يبلغ ارتفاعها متراً تقريباً وآثار طلاء وفناء مرصوفاً بالحصى ونظاماً لتصريف مياه الأمطار". 

وقال لومير، الذي صدر له كتاب عن هدم الحي تحت عنوان: "عند أقدام السور: حياة وموت حي المغاربة في القدس"، إنه "لم يتوقع أحد اكتشاف هذا العدد الكبير من بقايا حي المغاربة المحفوظة إلى هذا الحد". 

وأضاف: "كان بإمكاننا السير لبضع ساعات في وسط حي المغاربة القديم في شوارعه وساحاته ومنازله". 

(FILES) This file photo taken on January 15, 2023 shows a view of construction works conducted by the Western Wall Heritage Foundation to build an underground floor at the Plaza of the Western Wall, the holiest site where Jews are allowed to pray, in the Old City of Jerusalem. - At Jerusalem's Western Wall plaza, a recent excavation has alarmed some heritage specialists who fear the traces of the centuries-old al-Mughrabi Arab neighbourhood, or Moroccan quarter, razed by Israel may disappear. (Photo by MENAHEM KAHANA / AFP) - AFP
أعمال إنشاء نفق تحت ساحة حائط البراق، القدس الشرقية. 15 يناير 2023  - AFP

"تهويد البلدة القديمة"

من جانبه، يرى ألون أراد، مدير منظمة "عيميك شافيه" الإسرائيلية، الذي تحارب منظمته تسييس علم الآثار، أن نوايا سلطة الآثار "غامضة".

وأضاف: "الأنشطة الأثرية السابقة في البلدة القديمة ومحيطها تجعلنا نشعر بقلق عميق"، موضحاً أن أولوية سلطة الآثار تتمثل في "إنشاء موقع أثري واسع يحتفي بالتراث اليهودي فقط في القدس". 

ويتهم عالم الآثار السلطات الإسرائيلية بـ"إخفاء أي تراث أو انتماء ثقافي آخر واستخدام الحفريات من أجل تهويد البلدة القديمة". 

وتشارك سلطة الآثار الإسرائيلية في العديد من الحفريات المثيرة للجدل في القدس الشرقية، خصوصاً في حي سلوان الفلسطيني إلى الشمال من البلدة القديمة، والأنفاق أسفل الحائط الغربي. 

وتم تحويل الأنفاق إلى متحف واسع يعرض أطلالاً تعود للهيكل الثاني الذي دمره الرومان في العام 70 بعد الميلاد، وأدى فتحها للعامة في العام 1996 إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين قتل خلالها أكثر من 80 شخصاً. 

الفلسطينيون يرون أن تلك الحفريات "تهدد" أساسات المسجد الأقصى ومصلياته وباحاته. 

(FILES) This file photo taken on January 15, 2023 shows a view of construction works conducted by the Western Wall Heritage Foundation to build an underground floor at the Plaza of the Western Wall (C), the holiest site where Jews are allowed to pray, in the Old City of Jerusalem, with the al-Aqsa Mosque complex seen in the background. - At Jerusalem's Western Wall plaza, a recent excavation has alarmed some heritage specialists who fear the traces of the centuries-old al-Mughrabi Arab neighbourhood, or Moroccan quarter, razed by Israel may disappear. (Photo by MENAHEM KAHANA / AFP) - AFP
أعمال إنشاء نفق في ساحة حائط البراق، القدس الشرقية. 15 يناير 2023  - AFP

 "ليست آثاراً"

من جانبها، قالت سلطة الآثار الإسرائيلية إنها تعمل على كل آثار القدس التي تعود للثقافات والأديان كافة التي عاشت في المدينة المقدسة. 

وعن بقايا حي المغاربة التي اكتشفت الشهر الماضي، قالت سلطة الآثار إنها "حديثة جداً، ولا يمكن اعتبارها آثاراً"، مضيفة أنها وثقتها لـ"نشر المعلومات المتعلقة بها في مجلة علمية".

وشيّد حيّ المغاربة، الذي كان محاذياً للحائط الغربي، غرب باحات المسجد الأقصى، في عهد صلاح الدين الأيوبي في القرن الـ 12 الميلادي للحجاج المسلمين من شمال إفريقيا. 

ويقع المسجد الأقصى، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في الجزء الشرقي من مدينة القدس التي ضمتها إسرائيل. ويشير إليه اليهود بـ "جبل الهيكل" أقدس المواقع في ديانتهم. 

وعند احتلال القدس الشرقية في يونيو عام 1967، تم إجلاء السكان قسراً من منازلهم قبل هدم الحي في ساعات الليل.

شاهدة على التاريخ

بدوره، قال المدير التنفيذي لمركز "عبد الرحمن بو عبيد" البحثي المغربي علي بوعبيد، إن المغرب، الذي طبع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020، يروج لتراثه المتعدد الثقافات. 

وأضاف: "إنه تباين غريب، أن يحتفي أحد الطرفين بالتنوع بصوت عالٍ، بينما يدبر الطرف الآخر بسرية اختفاءه". 

ولا تأتي المعلومات المعروضة في الساحة على ذكر السكان الذين عاشوا في الحي لقرون عدة، إذ وحده العلم المغربي المرفوع في حديقة قريبة، يشير إلى تراث السكان الأصليين المتحدرين من شمال إفريقيا. وكشفت الحفريات الأخيرة أيضاً عن ألعاب وأدوات طبخ وغيرها.

وقال لومير في هذا الصدد، إن عرض مثل هذه القطع الأثرية يمكن أن يكون بمثابة شهادة على "التاريخ العادي لهذا الحي الاستثنائي" وسكانه الـ 800 الذين طردوا"، بينما تساءل: ما هي المباني في حي المغاربة القديم التي سيتم الحفاظ عليها وعرضها وتسليط الضوء عليها في مسار السياحة؟

اقرأ أيضاً:

تصنيفات