المغرب.. استنكار حقوقي لحكم "مخفف" بجريمة اغتصاب جماعي لطفلة

مشهد عام لأحد أحياء مدينة تيفلت في المغرب. - Facebook/TIFLET.3ASIMAT.ZMOR
مشهد عام لأحد أحياء مدينة تيفلت في المغرب. - Facebook/TIFLET.3ASIMAT.ZMOR
الرباط-عمر أجراري

يسود غضب عارم في أوساط الجمعيات الحقوقية في المغرب، بخاصة تلك المدافعة عن حقوق الأطفال، بسبب حكم وصف بـ"المخفف"، أصدرته محكمة الاستئناف بالرباط على 3 متهمين اغتصبوا بشكل متكرر طفلة تبلغ من العمر 11 عاماً.

وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها في حق متهَمَيْن بالسجن لمدة عامين، وأداء غرامة قدرها 20 ألف درهم (حوالي ألفي دولار)، فيما حكمت على المتهم الثالث بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 30 ألف درهم (حوالي 3000 دولار).

اغتصاب وتهديد

وفي مطلع أبريل 2022، تفجرت قضية كسرت هدوء قرية الغزاونة بضواحي مدينة تيفلت جنوب شرق الرباط، إذ اقتحم ثلاثة أشخاص، أعمارهم 25 و32 و37 عاماً، منزل الضحية مستغلين عدم تواجد والدها، وقاموا باغتصابها وفض بكارتها وتهديدها من أجل عدم إخبار أسرتها، ليتكرر الفعل مراراً حتى نتج عنه حمل الطفلة القاصر، حسب تقارير إعلامية.

اصطحب الأب طفلته إلى الطبيب الذي أكد الحمل وانتشر الخبر في القرية، فاعترفت الفتاة لوالدها بتفاصيل الجريمة التي تعرضت لها، ليقوم بالتوجه لمركز الدرك الملكي وشكا المتهمين الذين تم إيقافهم وتقديمهم للعدالة.

"حكم مخفف"

ويرى رئيس جمعية منتدى الطفولة عبد العالي الرامي أن تخفيف أحكام جرائم الاغتصاب "هو اغتصاب من جديد". وأضاف الرامي لـ"الشرق": "ننتظر من القضاء المغربي أن يكون صارماً وحازماً في مثل هذه القضايا من أجل القضاء عليها، ويكون المعتدي عبرة للمجتمع لحماية الطفولة من الاغتصاب والاعتداء والعنف". 

وشدد على أن "القضاء هو المعهود له حماية حقوق الطفل والمصالح الفضلى للطفولة وصونها مما يستوجب الضرب بيد من حديد على المجرمين العابثين بجسد الطفولة". 

وتابع: "نناشد القضاء المغربي لتشديد العقوبات على المغتصبين في الجانب القانوني، مع توفير علاج نفسي للمتضررين، ويجب كذلك توعية الأطفال وأوليائهم بطرق حماية الأطفال".

وفي رسالة وجهتها إلى وزير العدل، استنكرت الكاتبة وعالمة الاجتماع سمية نعمان جسوس "الحكم المخفف" في هذه القضية، داعية إلى تشديد العقوبات على المتورطين في الواقعة.

وجاء في رسالة جسوس التي نشرها موقع" Le360": "على حد علمي، فإن الاغتصاب يعاقب بشدة في المغرب. وتنص المادة 486 من قانون العقوبات على أن الاغتصاب هو فعل يقيم به الرجل علاقة جنسية مع امرأة ضد إرادتها".

وتابعت: "هل اعتبر القضاة أن عملية الاغتصاب المتكررة هذه، في عصابة منظمة، من قبل 3 رجال بالغين، على قاصر تبلغ من العمر 11 عاماً، تمت الموافقة عليها؟ وطبقاً لقانون العقوبات، إذا تم الاغتصاب ضد قاصر دون سن 18، تكون العقوبة السجن لمدة 10 إلى 20 سنة (المادة 486). في حالة حدوث فض البكارة، تكون العقوبة السجن 20 إلى 30 سنة (المادة 488). نحن بعيدون جداً عن السنتين اللتين أعلنتهما المحكمة".

كذلك، أعربت نجاة أنور رئيسة جمعية "متقيش ولدي" للدفاع عن حقوق الطفل عن استنكار الحكم القضائي الذي وصفته بـ"المتساهل"، واعتبرته "ذو وقع كبير ومنافي لمكتسبات مهمة حققتها بلادنا في مجال حماية الطفل وصون كرامته".

وتابعت "يؤسفنا ما صدر من حكم في هذه القضية الذي جعلنا نعيد نفس التساؤل الذي طرحتموه علينا، و نناضل من اجل معالجته، فالقوانين ليست واضحة، ولم تتلائم بعد مع ما صادق عليه المغرب من مواثيق دولية، والسلطة التقديرية المخولة أيضاً سبب في صدور مثل هذه الأحكام المجحفة. قد حان الوقت لوضع حد لهذا المشكل".

تشديد العقوبات

بحسب أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، "حماية الأطفال من جميع أشكال العنف، وعلى رأسها الاعتداءات الجنسية والعنف الجنسي، ليس هدفاً سامياً وجديراً بمجتمعنا فحسب، بل هو أيضاً واجب تجاه أطفالنا تمليه حقوقهم الأساسية والتزام صريح بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يعد المغرب طرفاً في منظومته".

وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد دعا إلى "إعادة تعريف الاغتصاب ليشمل جميع أشكال الاعتداء الجنسي، بغض النظر عن جنس الضحية أو المغتصب أو العلاقة بينهما أو وضعهما، كما أوصى بتشديد العقوبات، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال قاصرين أو غير قادرين على التعبير عن الرضا، حتى يتأتى وضع حد لالتباس والإفلات من العقاب اللذين يقترنان عادة بهذه الحالات".

ويرى المجلس أن "حماية الضحايا على النحو الأمثل تقتضي من وجهة نظر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الإسراع في تحقيق نقلة حقيقة في تأويل القانون وتطبيقه، بشكل يسمح على وجه التحديد باعتبار الاعتداء الجنسي بمثابة اعتداء على السلامة الجسدية وتشديد العقوبات في حالة الاعتداء على الأطفال، وردع مثل هذه الجرائم بشكل لا مجال فيه لأي تراجع أو تنازل أو تواطؤ أو هروب من قبضة العدالة، من أجل أطفالنا ومن أجل مغرب جدير بأطفاله".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات