"الصمغ العربي".. سلعة استراتيجية عالمية يهددها صراع السودان

مزارع يحمل صمغاً عربياً يجمعه من شجرة أكاسيا في بلدة النهود غرب السودان. 18 ديسمبر 2012 - REUTERS
مزارع يحمل صمغاً عربياً يجمعه من شجرة أكاسيا في بلدة النهود غرب السودان. 18 ديسمبر 2012 - REUTERS
لندن/ نيويورك -رويترز

دفع الصراع في السودان الشركات الدولية المصنعة للسلع الاستهلاكية إلى الدخول في سباق لتعزيز إمدادات مادة الصمغ العربي، أحد أكثر المنتجات المرغوبة في البلاد، ويعد مكوناً رئيسياً لكل شيء بدءاً من المشروبات الغازية، إلى الحلوى، ومستحضرات التجميل.

ويأتي حوالي 70 % من إمدادات العالم من الصمغ العربي، الذي لا توجد له بدائل كثيرة، من أشجار الأكاسيا في منطقة الساحل التي تضم السودان، الذي يمزقه القتال الدائر بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال ريتشارد فينيجان، مدير المشتريات في مجموعة "كيري"، التي تورد الصمغ العربي لمعظم شركات الأغذية والمشروبات الكبرى: "بناءً على الفترة التي سيستغرقها الصراع، قد تكون هناك تداعيات على السلع المُصنعة المعروضة على الأرفف والتي تحمل علامات تجارية شهيرة".

وقدر فينيجان أن المخزونات الحالية ستنفد في غضون 5 إلى 6 أشهر، فيما اتفق معه مارتين بيركامب، الشريك في شركة التوريد الهولندية فوجا جام، والذي قال إن المخزونات تكفي لفترة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر.

من جانبهم، أفاد مصدرون ومصادر من الصناعة، بأن الشركات التي تخشى من استمرار انعدام الأمن في السودان وتعتمد على المنتج، مثل "كوكاكولا" و"بيبسيكو"، عملت على تخزين إمدادات، وبعضها لديه مخزون يغطي ما بين 3 إلى 6 أشهر كي لا تعاني من نقصه.

"مخزون وافر"

وقال ناطق باسم شركة "كلويتا إيه بي" السويدية المتخصصة في صناعة الحلوى، ومن بينها مستحلبات "لاكيرول"، التي تستخدم الصمغ العربي، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الشركة لديها "مخزون وافر" من الصمغ العربي.

ووفقاً لتقديرات نقلتها مجموعة "كيري"، يبلغ الإنتاج العالمي من الصمغ العربي حوالي 120 ألف طن سنوياً، بقيمة 1.1 مليار دولار. 

ويأتي معظم هذا المكون من منطقة "حزام الصمغ" التي تمتد 500 ميل من شرق إلى غرب إفريقيا، حيث تلتقي الأراضي الصالحة للزراعة بالصحراء وتضم أيضاً إثيوبيا وتشاد والصومال وإريتريا.

عمال يجهزون الصمغ العربي للتصدير في إحدى الشركات بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان-17 ديسمبر 2012 - REUTERS
عمال يجهزون الصمغ العربي للتصدير في إحدى الشركات بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان. 17 ديسمبر 2012 - REUTERS

وقال 12 من المصدرين والموردين والموزعين، إن التجارة في الصمغ، الذي يساعد في تماسك مكونات الطعام والشراب "توقفت".

من جانبه، قال محمد النور مدير شركة الصمغ العربي في الولايات المتحدة، التي تبيع المنتج للمستهلكين كمكمل غذائي، إنه "من المستحيل الآن الحصول على كميات إضافية من الصمغ العربي من المناطق الريفية في السودان بسبب الاضطرابات وغلق الطرق".

وأضاف: "هناك صمغاً أرخص وأقل جودة خارج السودان، لكن المكون المفضل موجود فقط في أشجار الأكاسيا في السودان وجنوب السودان وتشاد".

لا عقوبات  

مجموعة "كيري" وموردون آخرون، بينهم شركة "جام سودان" السويدية، قالت إن التواصل مع الأشخاص على الأرض في السودان "أمر صعب"، وأضافوا أن ميناء بورتسودان الذي يستخدم لشحن المنتج يعطي الأولوية حالياً لعمليات إجلاء المدنيين.

وقال جينش دوشي، العضو المنتدب لشركة "فيجاي بروس" للاستيراد، ومقرها مومباي: "يكافح موردونا لتأمين الضروريات بسبب الصراع. لا يعرف أي من المشترين أو البائعين متى ستعود الأمور إلى طبيعتها".

وذكر الوليد علي، الذي يملك شركة "إيه جي بي إنوفيشنز" المحدودة، المختصة بتصدير الصمغ العربي، أن عملاءه "يبحثون عن دول بديلة يحصلون منها على الصمغ العربي"، مشيراً إلى أنه يبيع الصمغ لشركات تصنيع في فرنسا والولايات المتحدة.

وفي إشارة إلى أهمية الصمغ العربي بالنسبة لصناعة السلع الاستهلاكية، استثنته الولايات المتحدة من العقوبات التي تفرضها على السودان منذ التسعينيات، لأنه سلعة مهمة وخوفاً من خلق سوق سوداء.

ووفقاً لشركة "جام سودان"، يستخرج البدو السودانيون الصمغ من أشجار الأكاسيا، ثم تتم تنقيته وتعبئته في جميع أنحاء البلاد. ويمثل الصمغ مصدر رزق للآلاف ويمكن أن يبلغ سعر الطن من أغلى أنواعه نحو 3000 دولار.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات