الصراع يفتح باب المجاعة.. مزارعو السودان يدقون ناقوس الخطر

مجموعة من الرجال تحصد محاصيلاً زراعية في جزيرة توتي بالعاصمة الخرطوم، السودان. 14 فبراير 2020. - REUTERS
مجموعة من الرجال تحصد محاصيلاً زراعية في جزيرة توتي بالعاصمة الخرطوم، السودان. 14 فبراير 2020. - REUTERS
القاهرة-رويترز

اشتكى مزارعون في السودان من أن صراع الجيش وقوات الدعم السريع الدائر منذ 3 أشهر، يعرض إنتاج المحاصيل الأساسية هذا العام للخطر، ما يهدد بتفاقم الجوع والفقر في البلاد.

وأفاد أكثر من 10 أشخاص، بينهم مزارعون وخبراء وعمال إغاثة من عدة ولايات، بحدوث تأخيرات في زراعة محاصيل مثل الذرة الرفيعة والدخن، لأسباب منها نقص الإقراض المصرفي وارتفاع أسعار مدخلات رئيسية مثل الأسمدة والبذور والوقود.

وقال 4 من المزارعين إنهم "ربما لا يستطيعون الزراعة على الإطلاق قبل هطول أمطار غزيرة متوقعة هذا الشهر، وهي فرصة تقليدية للري".

ويشير تدهور أوضاع المزارعين بأن "أزمة جوع" تلوح في الأفق قد تكون أشد وطأة مما تتوقعه الأمم المتحدة وعمال الإغاثة.

وفي مايو الماضي، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تشير إلى أن عدد الجياع في السودان سيرتفع إلى 19.1 مليون بحلول أغسطس من 16.2 مليون قبل الصراع.

والنقص في المواد الغذائية الأساسية، الذي يفاقمه نهب المستودعات في مدن مثل العاصمة الخرطوم، من شأنه زيادة حدة أزمة الجوع الآخذة في التفاقم منذ سنوات.

ومن شأن ذلك أيضاً الحد من وسائل الكسب وتجريد السودان من النقد الأجنبي اللازم لاستيراد سلع أساسية، إذ تشير أرقام البنك المركزي إلى أن محاصيل ذات قيمة تجارية مرتفعة مثل السمسم والفول السوداني أسهمت بواقع 1.6 مليار دولار في عائدات التصدير عام 2022.

تحذير من مجاعة

وقال عبد الرؤوف عمر، القيادي في تحالف للمزارعين بولاية الجزيرة وهي منطقة زراعية رئيسية في وسط السودان لم تشهد قتالاً: "كان يجب زرع الفول السوداني. كان يجب أن يبدأ الناس في زراعة الذرة الرفيعة. حتى الآن، استعدادنا صفر نعتقد أننا مهددون بالمجاعة".

وأوضح عمر أنه يخشى أن يكون أوان الزراعة "فات بالفعل"، وهي وجهة النظر التي يتبناها 3 مزارعين آخرين.

وأضاف أنه "رغم أن القتال لم يؤثر بشكل مباشر على مزارعهم، فإن هناك مشكلة رئيسية تتمثل في نقص التمويل وعدم الوفاء بوعود الإقراض أو الدعم العيني من البنوك".

بدورها لفتت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" إلى أن ما يقرب من 65 % من سكان السودان البالغ عددهم 49 مليون نسمة يتصل عملهم بالقطاع الزراعي.

وذكرت "الفاو" الأسبوع الماضي، أنها بدأت في توزيع طارئ لبذور الذرة الرفيعة والدخن والفول السوداني والسمسم، وتأمل في قدرتها على مواجهة "تحديات أمنية ولوجستية معقدة"، لتوفير ما يكفي لتغطية احتياجات ما بين 13 و19 مليون شخص.

وبينما يقول خبراء من الأمم المتحدة إنه من السابق لأوانه الإعلان رسمياً عن مجاعة، إلا أن 4 مزارعين عبروا عن اعتقادهم بأن الوضع يسير بالفعل في هذا الاتجاه.

بدوره، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بأنه سيواصل تحليل الوضع خلال الأشهر الستة المقبلة وبعد موسم الزراعة والحصاد.

ورغم أن معظم المناطق الزراعية في السودان هادئة نسبياً، فإن سلاسل التوريد المتمركزة في العاصمة تعطلت إلى حد كبير، إذ أفاد شهود بتعرض بعض مستودعات مدخلات مثل الأسمدة والبذور والمبيدات للنهب.

وفي مايو الماضي، أصدر مجلس الوزراء السوداني توجيهاً باستمرار الإعداد للموسم الزراعي الصيفي وتذليل العقبات التي قد تعيق العملية، ويشمل ذلك تحديد المساحات المستهدفة بالموسم الصيفي ووضع خطة لتوفير المدخلات الزراعية المطلوبة.

لكن مزارعون من القادرين على الحصول على تمويل أشاروا إلى ارتفاع حاد في أسعار المدخلات التي تشمل البذور والأسمدة والمبيدات والوقود.

التمويل والإمدادات 

وفي الإطار، تأثرت واردات الأغذية والسلع الأولية سلباً بسبب تداعيات الصراع والانهيار المالي، كما حد القتال وعمليات النهب والقيود البيروقراطية من وصول المساعدات الإنسانية. 

وقال محمد عجب صديق، وهو مزارع في ولايات سنار والنيل الأزرق والنيل الأبيض، إنه "يواجه صعوبات في الحصول على تمويل من أجل المدخلات لزراعة نحو 10 آلاف فدان بالذرة الرفيعة والسمسم وعباد (دوار) الشمس".

وصديق مثل مزارعين آخرين تلقوا وعوداً بالحصول على بذور ووقود من البنك الزراعي المرتبط بالدولة، لكن بحلول أوائل الشهر الجاري كان لا يزال في الانتظار.

وقال إن هناك احتمالاً كبيراً ألا يحصل على هذا الدعم، مضيفاً: "أنا شخصياً سأجمد نشاط الزراعة بنسبة 60 إلى 70 %. الموضوع فيه مخاطرة كبيرة وليست بسيطة".

واتهمت وكالات إغاثة الجانبين بعرقلة إيصال المساعدات بما في ذلك المواد الغذائية، فيما قال الطرفان علانية إنهما سهلا عمليات الإغاثة وتبادلا الاتهامات بعرقلتها.

وفي ولاية الجزيرة التي استقبلت أكثر من 169 ألفاً من النازحين الفارين من القتال في الخرطوم، تم الإبلاغ عن نقص بعض المواد الغذائية، ويقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم هناك لأول مرة.

وقالت المسؤولة الإعلامية لدي برنامج الأغذية العالمي في السودان ليني كينزلي: "هذا يزيد من الضغوط على الموارد الأساسية في تلك المنطقة".

كما تشير "منظمة الإغاثة الإسلامية" إلى أن بعض المزارعين لجأوا لاستهلاك بعض مخزونات بذور الذرة الرفيعة والدخن، ما قلل الكميات المتاحة للغرس مع تدهور الأوضاع خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأبيض وسنار.

ويواجه من بقوا في ولاية الخرطوم نقصاً في الإمدادات وارتفاعاً في الأسعار مع نضوب السيولة، بينما تؤثر عمليات النهب وإغلاق المتاجر ومشكلات سلاسل الإمداد سلباً على المتاح.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات