كيف يؤثر تغير المناخ على درجات الحرارة في الخليج؟

منظر عام لوسط مدينة دبي في الإمارات. 31 ديسمبر 2022 - REUTERS
منظر عام لوسط مدينة دبي في الإمارات. 31 ديسمبر 2022 - REUTERS
لندن-رويترز

يجتاح مزيج خطير من الحرارة والرطوبة منطقة الخليج، هذا الأسبوع، مؤثراً على مدن عديدة، بينها دبي في الإمارات والدوحة في قطر.

وتشير توقعات الطقس على سبيل المثال في دبي إلى أن متوسط درجات الحرارة 43 درجة مئوية لكن خبراء المناخ يقولون إن حرارة الجو وحدها قد تكون مضللة.

ويعرب خبراء الأرصاد الجوية عن قلقهم بشأن قراءات "ميزان الحرارة المبلل" وهو مقياس أشمل لا يعتمد فقط على درجة حرارة الهواء لكن أيضاً على الرطوبة التي يحملها.

ويمكن أن يسبب الارتفاع الكبير في قراءات ميزان الحرارة المبلل أضراراً صحية خطيرة إذا لم يسرع الناس إلى تلطيف شعورهم بالحرارة.

ومن المتوقع أن تتراوح نسبة الرطوبة في دبي هذا الأسبوع بين 35% إلى 45%، وقد تلامس دبي لفترة وجيزة، هذا الأسبوع، درجات حرارة تقترب من 30 درجة على الميزان المبلل وهي تقريباً النقطة التي يمكن أن تحدث فيها آثار صحية خطيرة.

كيف يقيس الميزان المبلل درجات الحرارة؟

تُحدد درجة الحرارة عن طريق تغطية مقياس الحرارة (الترمومتر) بقطعة قماش مبللة، وعلى الرغم من أن تبخر الماء من القماش يخفض درجة الحرارة إلا أنه يعكس كيفية تلطيف الجسم للحرارة بواسطة إفراز العرق.

وعند بلوغ نسبة الرطوبة 100% تكون درجة حرارة الميزان المبلل مماثلة لدرجة حرارة الهواء الجاف، لكن مع انخفاض الرطوبة تكون أقل.

 كيف يتأثر جسم الإنسان بارتفاع حرارة الميزان المبلل؟

تمثل درجات الحرارة المرتفعة للميزان المبلل خطراً لأن البشر يفقدون نحو 80% من سخونة أجسادهم عبر إفراز العرق، لذلك عندما ترتفع الرطوبة ودرجة حرارة الهواء معاً يصبح من الصعب التخلص من الحرارة الزائدة.

وفي الأيام التي ترتفع فيها الرطوبة يتبخر العرق من الجلد ببطء شديد إذا تبخر أصلاً.

وتبلغ درجة حرارة الجسم الداخلية 37 درجة مئوية لكن المزيد من الحرارة يتولد مع الحركة والنشاط.

وقال الخبير العالمي في الإجهاد الحراري بجامعة بوردو في الولايات المتحدة ماثيو هوبر: "عليك أن تفقد هذا.. إذا لم تتخلص من الحرارة سترتفع حرارتك ببطء ولن يكون هذا جيداً".

وإذا لم يتمكن الجسم من تبريد نفسه سترتفع درجة حرارته عن المعدل الطبيعي في نهاية الأمر ما يتسبب في مشكلات بالجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية وربما الوفاة.

 ما هو الحد الأقصى؟

هذا المجال موضوع بحث مستمر بين العلماء، وانتهت دراسة رائدة شارك فيها هوبر عام 2010 إلى أن استمرار درجة حرارة الميزان المبلل عند 35 درجة لأكثر من 6 ساعات يمكن أن يرفع درجة حرارة الجسم ويسبب عواقب صحية وخيمة قد تصل للوفاة.

وفي حين بنت دراسة هوبر النتائج على احتمال مثالي وهو أن يجلس الشخص في الظل ويشرب الماء، فقد يكون الحال على أرض الواقع أنه يمارس الرياضة في ضوء الشمس المباشر.

وأفاد بحث منشور في دورية (جورنال أوف أبلايد فسيولوجي) عام 2022 بأن الحد الأقصى الذي يمكن تحمله قد يكون أقل.

وفي هذا البحث، وضع العلماء شباناً بالغين يتمتعون بصحة جيدة في غرف تحاكي قراءات مرتفعة لميزان الحرارة المبلل وطلبوا منهم ممارسة مهام من الحياة اليومية، ووجدوا أن الحد الأقصى يمكن أن يكون أقل بكثير، بين 30 و31 درجة مئوية.

وعلق هوبر: "إذا كان هذا صحيحاً فسيغير قواعد اللعبة".

 كيف يؤثر تغير المناخ على درجات حرارة الميزان المبلل؟

من المتوقع أن يؤثر تغير المناخ ليس فقط على كيفية ارتفاع درجات حرارة الميزان المبلل لكن أيضاً على مدة استمرارها، ويتناسب النطاق الأعلى لدرجات حرارة ميزان المبلل تناسباً مباشراً مع متوسط درجة الحرارة العالمية المتزايدة.

‭‭و ‬‬قال هوبر: "إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بنحو درجة مئوية واحدة، فإن درجة حرارة الميزان المبلل في معظم أنحاء العالم تزيد بالمقدار نفسه تقريباً".

وتقول الأمم المتحدة إن العالم ماض على طريق ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 2.7 درجة مئوية فوق مستويات الثورة الصناعية بحلول عام 2100 في ظل السياسات الحكومية الحالية.

وأضاف هوبر: "وجدنا فجأة أن أجزاء كبيرة من العالم من حيث عدد السكان وصلت إلى هذه العتبة، حتى مع ارتفاع درجات حرارة بوتيرة معتدلة".

‬‬وقد يتسبب تغير المناخ أيضاً في استمرار القراءات الخطيرة لحرارة الميزان المبلل لفترة أطول، إذ أفادت دراسة أجريت عام 2020 ونشرت في دورية "جورنال أوف ساينتيفيك أدفانسيز" بأنه بدلاً من أن تدوم هذه القراءات الخطيرة لساعة واحدة فقط، يمكن أن تستمر 6 ساعات أو أكثر بحلول عام 2060، ما قد يودي بحياة أي إنسان لا يستطيع الاحتماء من هذه المستويات من الحرارة.

وبشكل عام وجدت الدراسة أن تكرار الارتفاع الشديد في درجات حرارة الميزان المبلل في مختلف أنحاء العالم تضاعف للمثلين منذ 1979.

ما هي المناطق المعرضة لأشد المخاطر؟

المناطق المدارية التي ترتفع فيها الرطوبة، لا سيما الموجودة في نطاق حزام الأمطار الموسمية، هي بشكل عام أكثر عرضة لخطر التعرض لمستويات مميتة من درجات حرارة الميزان المبلل.

وتعتبر الصين والهند وبنجلادش وباكستان والساحل الإفريقي مناطق أخطار رئيسية.

هل شهدنا بالفعل مستويات مميتة من درجات حرارة الميزان المبلل؟

شهدت مناطق صغيرة من العالم مستويات مميتة من درجات حرارة الميزان المبلل، لكن هذه الظروف القاسية تستمر من ساعة لساعتين فقط في كل مرة ما جنب البشر العواقب المميتة.

وتجاوزت درجات حرارة الميزان المبلل في مدينة يعقوب أباد في باكستان، التي يطلق عليها اسم المدينة الأكثر سخونة على وجه اليابسة، 35 درجة مئوية في 4 مرات على الأقل.

وقالت دراسة "جورنال أوف ساينتيفيك أدفانسيز"، التي حللت بيانات مستقاة من محطات الرصد الجوي في العالم، إن العديد من المدن الأخرى شهدت لفترة وجيزة درجات حرارة قصوى للميزان المبلل تتجاوز 32 درجة مئوية وتشمل هذه المناطق لا باز في المكسيك وبورت هيدلاند في أستراليا وأبوظبي في دولة الإمارات.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك