عاشت ليبيا في العاشر من سبتمبر الجاري، لحظات عصيبة عندما اجتاح إعصار "دانيال" القادم من البحر المتوسط المناطق الساحلية شمال شرقي البلاد، مقتلعاً كل ما في طريقه مخلفاً أضراراً جسيمة.
وبعد مرور 3 أيام على الإعصار، لا تزال ليبيا تلملم جراحها وتحاول استيعاب ما حدث، فالإعصار كان مباغتاً وعنيفاً أودى بحياة الآلاف، واختفت على إثره بلدات وأجزاء من مدن، ما استدعى إعلان مناطق منكوبة، مع استنفار الجهود المحلية والدولية لمواجهة آثار الكارثة.
الصور القادمة من ليبيا تروي الكثير، وأول ما تطرحه من تساؤلات هو أي اللحظات أصعب عند وقوع الكوارث الطبيعية، الدقائق الأولى عندما يجد الناس أنفسهم تحت هول الصدمة، بينما تقودهم غريزة البقاء للهرب والنجاة أم لحظات ما بعد الكارثة حيث اختبار فقدان الأحبة، وتعلق الناجين بأي أمل؟
وتروي صورة أخرى مشاعر أم ليبية تبحث بين جثث الضحايا عن وجه أحد أفراد أسرتها، ترفع حافة كفن تلو الآخر لتلقي نظرة عن كثب، تُعاين الموتى متضرعة ألا يكون زوج، ابن، ابنة، أخ أو أخت.
كما وثق مقطع فيديو نشرته جمعية الهلال الأحمر الليبي، حالة أب شهد لحظة استخراج جثمان طفله من بين الأنقاض، قبل أن يصرخ في فرق الإنقاذ طالباً أن يدفن بنفسه جثمان صغيره.
الزلازل والأعاصير لها فلسفتها، تُدمر وتجرف منازل تُمثّل لأصحابها ثمار شقاء العمر، لكن هذه الكوارث تُخلف أحياناً ما هو أقسى حين تعصف بالذكريات ورائحة الراحلين.
من صاحب لعبة الأطفال العالقة على أشرطة متدلية في شوارع مدينة درنة المدمرة، طفل أم طفلة؟ رحل أم نجا؟ فقط من داعبت يداه أو يداها هذه اللعبة حين شرائها يمكن أن يجيب. لكن ربما عصف به الإعصار هو الآخر.
الكثير من الليبيين الذين كُتبت لهم الحياة وجدوا أنفسهم على حين غرة أمام واقع أقرب إلى الأفلام السينمائية، كأنّ السيناريو الذي تخيّله فيلم "2012" حول نهاية العالم تجسّد أمامهم، فالدمار في كل مكان.
دمار أظهرته صورتان من الأقمار الصناعية لمدينة درنة، أحدها في 2 سبتمبر قبل الفيضان، والأخرى يوم 12 من الشهر ذاته، بعد الإعصار.
مدينة درنة الساحلية، شمال شرقي ليبيا، كان لها النصيب الأكبر من حجم الأضرار التي خلفها الإعصار "دانيال"، إذ كانت من بين أولى المحطات التي باغتتها مياه البحر الهائجة.
المشاهد المتدفقة من ليبيا تعكس هول الكارثة، حيث سيارات محطمة جرفتها الفيضانات تجمّعت أكواماً فوق بعضها البعض.
آخرون أيضاً تداولوا فيديو لشخص عالق وسط الفيضانات القوية التي خلّفها الإعصار في إحدى مناطق شرقي ليبيا.
الآثار المدمرة للإعصار في البلد ليست في حاجة إلى التخيل، إذ رصدتها عشرات مقاطع الفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي.
البنية التحتية لم تصمد أمام إعصار "دانيال" المدمّر، فقد جرفت السيول التربة، وانهارت العديد من الطرق، ما زاد من صعوبة أعمال الإنقاذ والوصول إلى المناطق المنكوبة.
أعداد الضحايا التي فاقت التوقعات، ستجعل زيارات المقابر جماعية، إذ أظهرت صوراً عمليات دفن عشرات الجثامين بشكل جماعي.
مشهد آخر خارج حدود الدولة بأكملها يكشف حجم الكارثة الإنسانية التي شهدتها ليبيا، إذ رصد مقطع فيديو لحظة وصول سيارات إسعاف إلى إحدى قرى جنوب مصر في محافظة بني سويف، تحمل جثامين 74 ضحية من أبناء القرية الذين تواجدوا في ليبيا أثناء الفيضان.
مع هذا، ورغم كل ما رصدته الصور ومقاطع الفيديو، سيظل من المبكر معرفة حجم الأضرار في ليبيا، التي يستمر العمل فيها على تأمين مأوى لآلاف النازحين، ومعاينة حجم الأضرار لوضع خطط إعادة إعمار المناطق المنكوبة، بينما تسابق فرق البحث المحلية والدولية الزمن للبحث عن ناجين.
اقرأ أيضاً: