سيول ليبيا.. ناجون في درنة بين نقص المياه العذبة وخطر الألغام

فرق الإنقاذ خلال أعمال الإغاثة في مدينة درنة شرق ليبيا والتي اجتاحها الفيضان. 17 سبتمبر 2023  - AFP
فرق الإنقاذ خلال أعمال الإغاثة في مدينة درنة شرق ليبيا والتي اجتاحها الفيضان. 17 سبتمبر 2023 - AFP
درنة (ليبيا)- رويترز

وجد الليبيون الذين جرفت الفيضانات منازلهم في مدينة درنة بشرق ليبيا قبل أسبوع أنفسهم، الأحد، محاصرين بين مطرقة البقاء في المدينة مع نقص المياه العذبة، وسندان الفرار منها عبر مناطق جرفت الفيضانات ألغاماً أرضية إليها.

وهناك مخاوف من أن يكون آلاف الأشخاص لقوا حتفهم بعد انهيار سدين بمدينة درنة في 10 سبتمبر الجاري، ما أدى إلى انهيار مبان سكنية كانت تصطف على جانبي مجرى نهر عادة ما يكون جافاً، بينما كان الناس نياماً.

وجرفت المياه جثثاً كثيرة في اتجاه البحر، وقالت الأمم المتحدة، إن "أكثر من ألف شخص دفنوا في مقابر جماعية".

وفي وقت مبكر الأحد، خفت حدة مشاهد الدمار مع إزالة أكوام الركام ووضعها على جوانب طرق خالية، ورفع كميات من المعادن المتشابكة بعضها أجزاء من حطام سيارات.

وقال حمد عوض، الذي افترض شارعاً خالياً وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير: "أنا باق في منطقتنا في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين".

وجرفت المياه مناطق بأكملها في درنة التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل.

وأشارت وسائل إعلام رسمية، إلى أن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة، فيما قال رئيس البلدية إن 20 ألفاً ربما يكونوا قد لقوا حتفهم جراء هذه الكارثة.

وذكر ساكن آخر أن "الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك"، في حين قال وصفي، وهو أحد السكان الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط، "ما زلنا لا نعرف أي شيء، نسمع شائعات، البعض يحاول طمأنتنا والبعض الآخر يقول إما تغادروا المدينة أو تبقوا هنا. ليس لدينا مياه ولا موارد".

تضارب الأرقام

وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إن السلطات الليبية اكتشفت إصابة 55 طفلاً على الأقل بالتسمم بسبب شرب مياه ملوثة في درنة، حيث يعيش المشردون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقاربهم أو أصدقائهم.

وأضاف التقرير، أن مياه الفيضانات نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلفها الصراع على مدار السنوات الماضية، ما يشكل خطراً إضافياً على آلاف النازحين المتنقلين.

وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 11 ألفاً و300 شخص لقوا حتفهم، فيما لا يزال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين في درنة بعد أن اجتاحت العاصفة "دانيال"، التي جاءت عبر البحر المتوسط، المدينة ومناطق سكنية ساحلية أخرى.

ونسب التقرير حصيلة هذه الأرقام إلى الهلال الأحمر الليبي، لكن متحدثاً باسم الهلال الأحمر، قال إنهم "لم ينشروا مثل هذا العدد من الضحايا"، وأحال وكالة "رويترز" إلى متحدثين باسم الحكومة صرحوا بأن "الأرقام تتغير والهلال الأحمر ليس مسؤولاً عن ذلك".

وذكر مدير مكتب وزير الصحة في الحكومة المُكلفة من البرلمان، أسامة الفاخري، أن "عدد الضحايا حتى الآن 3 ألاف و252 شخصاً، وجميعهم دفنوا"، مضيفاً أن "86 جثة انتُشلت من تحت الأنقاض وأن عمليات الإغاثة مستمرة".

ولفت إلى أنه "لا يوجد رقم محدد بخصوص المفقودين لأن هناك عائلات بأكملها لقيت حتفها، ولم يأت أحد للإبلاغ عنها إضافة إلى أن هناك ازدواجية في التسجيل في المستشفيات المختلفة".

وسبق أن تحدث مسؤولون ليبيون آخرون عن سقوط أكثر من 5 آلاف شخص.

"40 ألفاً شُردوا"

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إن "أكثر من 40 ألفاً شُردوا"، محذّراً من أن هذا الرقم من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير بسبب صعوبة الوصول للمناطق الأكثر تضرراً مثل درنة.

وأرسلت منظمات إغاثة دولية مساعدات طارئة جواً كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن هناك حاجة إلى المزيد.

وتجمع عمال حماية مدنية أرسلتهم الجزائر لتمشيط أنقاض المباني التي كانت ذات يوم متعددة الطوابق بمساعدة الكلاب في محاولة للعثور على أي ناجين.

ووزع متطوعون ملابس وأطعمة في مدينة البادية الساحلية التي تقع غربي درنة.

وقال محمد شاهين، أحد المشرفين على المبادرة، "ترك الناس منازلهم بدون أي شيء، لم يكن لديهم وقت حتى لأخذ ملابسهم الداخلية".

وأشار متطوع آخر، يدعى عبد النبي، إلى أن الفريق جاء من مدينة العجيلات على بعد نحو 1200 كيلومتر في غرب ليبيا، الذي دخل في صراع متقطع مع الشرق منذ أكثر من عقد، وأضاف "يأتي الناس لمساعدة المتضررين".

وتعاني ليبيا التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة من عدم وجود حكومة مركزية قوية منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي "الناتو" وأطاحت بمعمر القذافي في عام 2011.

ووصف رئيس الحكومة الليبية المُقالة من البرلمان، عبد الحميد الدبيبة الفيضانات بـ"الكارثة غير المسبوقة"، فيما دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى "ضرورة الوحدة الوطنية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات