قالت مصادر مطّلعة، بهيئة قناة السويس، لـ"الشرق"، إن تحقيقات حادث جنوح السفينة "إيفر غيفن"، الذي عطل حركة الملاحة في القناة الأسبوع الماضي طوال 6 أيام، ربما تنتهي إلى وجود أسباب فنيّة أخرى بجانب سرعة الرياح التي وصلت إلى 40 عقدة.
فيما قالت شركة "إيفرغرين" المشغلة للسفينة "إيفر غيفن"، إنها غير مسؤولة عن تأخر أي شحنة كانت تنقلها سفينة الحاويات العملاقة، حسبما نقلت وكالة "بلومبرغ" الأميركية.
وأوضحت المصادر أن "المؤشرات الأوليّة أثناء الفحص الفني تقود إلى احتمالات حدوث فقد في القدرة الكهربية للناقلة، أدّى في النهاية إلى فشل في منظومة الدفع والتوجيه، بسبب عدم وجود كهرباء لتشغيل طلمبات الزيت والتبريد للماكينات الرئيسية".
نتائج أوليّة
وأضافت المصادر المطّلعة على سير عمليات الفحص الفني والتحقيقات الجارية، أن "تلك الاحتمالات ربما أدّت لتعطل طلمبات تشغيل الدفة، خاصة أن مقدمة السفينة ومؤخرتها شحطا، وهما بالأساس يمثلان حركة السفينة".
وأشارت إلى أن عملية تفريغ التسجيلات وأوامر التشغيل المسجلة في الصندوق الأسود، ربما تكشف مزيداً من كواليس هذا اليوم، وكيف كان التعامل داخل قمرة القيادة، وخاصة بين مرشدي هيئة قناة السويس وقبطان السفينة الجانحة.
وحول الجهة التي ستتحمل المسؤولية، قالت المصادر إن "المؤشرات الأولية للتحقيقات ستعفي هيئة قناة السويس من تحمل أي مسؤولية عن الحادث، بل ستصبح في هذه الحالة طرفاً أصيلاً من الأطراف التي ستطالب بتعويضات من الشركة المالكة للسفينة".
نفي مسؤولية
ونقلت وكالة "بلومبرغ" الأميركية عن رئيس مجلس إدارة "إيفرغرين"، إريك هسيه، قوله، في أول مؤتمر صحافي للشركة منذ وقوع الحادث، إن اتفاقات شركته مع العملاء "لا تضمن وقت وصول الشحنات".
وأضاف أن عشرات السفن التي تشغلها "إيفرغرين"، بما في ذلك سفينة "إيفر غيفن"، تأثرت بالحادث، و"تم تحويل مسار 3 سفن إلى رأس الرجاء الصالح".
وأوضح هسيه في المؤتمر الصحافي الذي عقد في العاصمة التايوانية تايبيه، الخميس أن "نسبة المخاطر التي نواجهها على خلفية حادث "إيفر غيفن" منخفضة للغاية".
وأكد أنه "حتى لو كانت هناك أضرار، فسيتم تغطيتها بالتأمين"، مشيراً إلى أن "إيفرغرين" لا تقع على عاتقها أي مسؤولية في تأخير الشحنات".
دعاوى قانونية
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن هذه التصريحات تأتي وسط توقعات بتحريك دعاوى قانونية من جميع الأطراف، إذ يمكن أن تطالب الشركات المالكة للبضائع التي تحملها "إيفر غيفن" والسفن الأخرى بتعويضات عن التأخير من شركات التأمين.
وفي هذه الحالة، من المرجح أن تحرك هذه الشركات دعاوى قانونية ضد مالكي "إيفر غيفن"، الذين سيتطلعون بعد ذلك إلى شركات التأمين الخاصة بهم لحمايتهم"، كما أفادت "بلومبرغ".
وتحركت سفينة الحاويات العملاقة التي تم انتشالها من ضفة القناة، الاثنين، شمالاً إلى خارج الممر الرئيسي للقناة ليتم فحصها، والكشف عن أي أضرار فيها.
وأدّى إغلاق حركة الملاحة في القناة إلى تأخير مئات السفن الأخرى على طول الممر المائي الذي تنقل عبره حوالي 12% من تجارة العالم.
رأي قانوني
من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، إن قبطان السفينة بمثابة شخصية قانونية تتحمل المسؤولية عن كل ما يحيط من ظروف وقرارات تتعلق بعملية القيادة والإبحار بالسفينة، وسلطة اتخاذ قرار إيقاف الإبحار، مشدداً على أن القبطان يتمتع بصلاحيات واسعة.
وأوضح في حديث لـ"الشرق"، أن "وجود مرشدي هيئة قناة السويس على السفينة لا يعني تحملهم مسؤولية جنوحها، لأن القول الفصل في النهاية يعود لربان السفينة وحده، فهم مجرد معاونين له يرشدونه إلى تضاريس المجرى الملاحي في حالة الممرات المائية الضيقة، ومستشارين فنيين حال دخول أو خروج الباخرة من الميناء".
فيما أوضح رئيس الاتحاد المصري للتأمين، علاء الزهيري، أنه "حال ثبوت أن الحادث كان بسبب خطأ أو عيب فني أو شخصي، يتعلق بقبطان السفينة أو قمرة قيادتها أو محركها، فستصبح الشركة المالكة مسؤولة عن التعويضات".
وقال الزهيري: "المعلومات المتداولة في أسواق التأمين العالمية، تفيد بأن السفينة لديها تأمين على المسؤوليات في حدود 3 مليارات دولار، وهو مبلغ يبدو كافياً لدفع التعويضات المتوقعة"، على حد تعبيره.
تحقيق مستمر
وتحملت الشركة المالكة لـ "إيفر غيفن"، وهي شركة "شوي كيسن كايشا" اليابانية، بعض المسؤولية عن الحادث، لكنها قالت إن مشغلي السفينة هم من يجب أن يتعاملوا مع مالكي الشحنات.
وقال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، الاثنين، إن مسؤولية جنوح السفينة العملاقة سيتم تحديدها بعد التحقيق. وأضاف أن هيئة القناة ليست على خطأ، لافتاً إلى أن القبطان هو المسؤول عن السفينة، وليس المرشد الملاحي.
وكانت إيرادات "قناة السويس" ارتفعت بنسبة 95% على مدى يناير وفبراير مقارنة بالعام السابق، وفقاً للمدير التنفيذي للشركة، الذي قدر أن حركة المرور في القناة ستعود على الأرجح إلى حجمها الطبيعي الاثنين أو الثلاثاء.