عالم فيزياء يقود مكتباً لدراسة الظواهر الشاذة و"الأجسام الطائرة المجهولة"

الكائنات الفضائية على طاولة أبحاث البنتاجون

نموذج لدمية فيلم "E.T" (إنتاج 1982) قبل افتتاح المتحف الأكاديمي للصور المتحركة في لوس أنجلوس بكاليفورنيا، الولايات المتحدة. 21 سبتمبر 2021 - REUTERS
نموذج لدمية فيلم "E.T" (إنتاج 1982) قبل افتتاح المتحف الأكاديمي للصور المتحركة في لوس أنجلوس بكاليفورنيا، الولايات المتحدة. 21 سبتمبر 2021 - REUTERS
القاهرة/ دبي-الشرق

إذا كنت تعتقد أن "الكائنات الفضائية" من ضروب الخيال، فقد تحتاج إلى مراجعة هذا الاعتقاد بعد الجهود التي تبذلها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، لتقصي حقيقة "الظواهر الشاذة المجهولة"، ومنها تلك الكائنات.

في مقابلة مع مسؤول أميركي رفيع المستوى، الأحد، سلّطت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، الضوء على التساؤل بشأن ما إذا كانت الكائنات الفضائية "حقيقة يمكن إثبات وجودها"، وذلك ضمن مهام مكتب "حل الحالات الشاذة في المجالات كافة".

ويقود هذا المكتب، الذي أنشأه البنتاجون في يوليو 2022، العالم الفيزيائي شون كيركباتريك (55 عاماً)، وهو أول مدير له.

وتشير المجلة إلى أن كيركباتريك معني بدراسة "الأجسام الطائرة المجهولة" التي أبلغ طيّارون عسكريون عن رؤيتها في السماء، منذ ما يقرب من 18 شهراً. 

أجسام طائرة مجهولة

ووضع العالم الأميركي نظاماً كاملاً لجمع المعلومات، وأمضى وقتاً طويلاً في الاطلاع على حالات مشاهدة الأجسام الطائرة المجهولة المبلَّغ عنها، ودحض ادعاءات المبلغين عن ارتكاب مخالفات بأن الحكومة تستّرت على برنامج لفحص المركبات الفضائية. 

وتحدث كيركباتريك، في المقابلة، عن تركه لمنصبه في ديسمبر المقبل، وسعيه إلى "إضفاء الطابع المؤسسي على الحل اللازم لفهم هذه الحالات الشاذة". 

وقالت "بوليتيكو" إن البنتاجون لديه مصلحة حقيقية في حل لغز الارتفاع الحاد في عدد المركبات المجهولة التي رصدها طيّارون عسكريون؛ لأنها إن لم تكن كائنات فضائية، فقد تكون تابعة لخصوم أجانب يشكلون تهديدات جديدة. 

ويعتقد كيركباتريك، الذي يعمل في مجال الاستخبارات الدفاعية منذ عقود، أننا لا نعيش بمفردنا في هذا الكون. وشارك في كتابة ورقة بحثية مثيرة للجدل بشأن السفن الفضائية الأم. وتمثل استنتاجه في التركيز على تحليل الأمر من الناحية العلمية. 

وقال: "إذا كنت تتحدث مع وكالة (الفضاء الأميركية) ناسا، أو وكالة الفضاء الأوروبية، عن البحث عن حياة في الكون، فهذا نقاش وحوار موضوعي وصحيح من الناحية العلمية. ومع اقتراب هذا النقاش من النظام الشمسي، في مكان ما حول المريخ، يتحوّل الأمر إلى خيال علمي. وعندما تقترب أكثر من الأرض، وتعبر غلافها الجوي، يصبح الأمر نظرية مؤامرة". 

وأضاف أن جزءاً من عمله في المستقبل سيتمثل في "رفع مستوى النقاش" بشأن هذه الأجسام المجهولة. 

وعند سؤاله عن أسباب تركه لمنصبه، قال كيركباتريك: "عندما توليت الوظيفة، قطعت وعداً بالقيام بهذه المهمة لمدة عام، وبعد ذلك سنعيد التقييم. وقررت البقاء حتى نهاية هذا العام؛ لأن هناك المزيد من الأمور التي يجب أن أنتهي منها". 

وأوضح أن "أحد هذه الأمور هو الانتهاء من الجزء الأول من المراجعة التاريخية (المطلوبة بموجب القانون)، والتي تشمل الأشخاص جميعهم الذين قُوبِلُوا، والذين جاءوا للتحدث إلينا. ثم تقديم ذلك على النحو التالي: هذا ما تمكننا من إثبات صحته، وهذا ما تمكنا من إثبات عدم صحته، وذلك في شكل بحث شامل وموضوعي للغاية". 

وأضاف أن المتطلبات القانونية التي يجب أن يمتثل لها التقرير التاريخي ليست ملزمة حتى يونيو المقبل. وتابع: "لذلك قررت، بسبب رغبتي في تحقيق المزيد من الشفافية بشكل أسرع، أن أنتهي من الجزء الأول، وأن يُنْجَز الجزء الثاني في العام المقبل". 

ويغطي الجزء الأول كل الأجسام المجهولة التي ظهرت حتى الشهر الماضي تقريباً، بينما سيغطي الجزء الثاني أي شيء يظهر منذ بدء تلقي البلاغات على الموقع الإلكتروني للمكتب، بحسب كيركباتريك.

"عمل رائع"

وقال كيركباتريك: "لقد أجّلتُ تقاعدي لأنه طُلب مني ذلك. وضعت هذه الأهداف، ومرَّ 18 شهراً تقريباً، وأنا على استعداد للمغادرة، لقد حققت كل ما قلت إنني سأفعله". 

وتوقع المسؤول الأميركي ألا يطرأ تغيير كبير على مكتب "حل الحالات الشاذة في المجالات كافة" بعد مغادرته، وقال: "الفريق قدّمَ عملاً رائعاً للغاية في وضع حجر الأساس للرؤية التي وضعتها وكيفية بتنفيذها. أيَاً كان من سيخلفني، فسيأتي لتنفيذ ما تبقى من ذلك". 

وعما إذا كانت الشهادة التي أدلى بها مبلغون عن ارتكاب مخالفات، أو واقعة منطاد التجسس الصيني، أو تأخير إطلاق الموقع الإلكتروني قد أسهم في قرار الاستقالة، قال كيركباتريك: "لا، هذه كلها تحديات متوقعة. المنطاد واقعة مثيرة للاهتمام للغاية لمحاولة الوكالات الحكومية الأميركية فهم الفارق بين الشيء الشاذ المُعرَّف، إن صح التعبير، والشيء الشاذ غير المعروف". 

وأضاف: "وظيفتنا أصعب من مجرد القول: مهلاً، يوجد منطاد تجسس صيني، هل تعرف ما هو؟ ماذا يفعل؟ هذه ليست وظيفتنا. وظيفتنا تتمثل في فهم الأشياء المجهولة، وما يمكن أن يكون هناك. ما هي الاحتمالات التي تهددنا؟ وكيف نصل إليها؟". 

شكوى من البيروقراطية

ويرى كيركباتريك أن الجدل الدائر بشأن الموقع الإلكتروني للمكتب يكمن في "البيروقراطية".

وقال: "لا توجد طريقة أسهل من هذه لقول ذلك. لقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً لإطلاق الموقع؛ لمجرد أنه من الصعب الحصول على شيء ما في مؤسسة يجب على كل شخص فيها أن ينظر في الأمر، والتأكد من أنه يلبي جميع متطلباتهم المحددة". 

وأضاف: "وبالمناسبة، نحن نتحدث عن موقع إلكتروني تابع للحكومة الأميركية، حيث توجد مخاوف تتعلق بالخصوصية، ومخاوف تتعلق الشفافية، ومخاوف تتعلق بكيفية استخدام البيانات. يجب أن نتأكد من أننا نمتثل إلى جميع هذه اللوائح وكل هذه القوانين، وهذا يستغرق وقتاً". 

وفيما يتعلق بالمبلِّغين عن ارتكاب مخالفات، قال كيركباتريك إن أكثر من 30 شخصاً حضرواً إلى مكتب "حل الحالات الشاذة في المجالات كافة" وتحدثوا إليهم. وأكد أن المكتب حقق في كل الروايات التي قدموها. 

وأضاف: "ديفيد جروش يُعد مثالاً فريداً، لأنه رفض الحضور ومشاركة أي معلومات"، في إشارة إلى الضابط في القوات الجوية الأميركية والمسؤول الاستخباراتي السابق. وتابع: "وما زلنا غير قادرين على إقناعه (جروش) بالحضور. لقد أرسلت خمسة أشخاص مختلفين لإقناعه". 

وعن أكبر الإنجازات التي حققها خلال رئاسته للمكتب، قال كيركباتريك إنه وضع خطة، قبل 18 شهراً تقريباً، لما يجب القيام به لإنجاح المهمة وإضفاء الطابع المؤسسي على الحل لفهم الحالات الشاذة. وأوضح أن الخطة تغطي عدة مجالات، من بينها التحليلي، والتنفيذي، والعلوم والتكنولوجيا، والاتصالات الاستراتيجية لتبادل المعلومات. 

وأضاف كيركباتريك أن المكتب "وحَّد الإطار التحليلي لكيفية التعامل مع الملاحظات بأسلوب فائق الدقة، وأنه نجح الآن في تطبيق هذا الإطار، ويعمل على زيادة عدد الحالات التي يتم كشف غموضها".

ومن الناحية التنفيذية، أضفى المكتب طابعاً مؤسسياً على طريقة الاستجابة لحالات رؤية الأجسام المجهولة، بحسب كيركباتريك. 

وقال: "لقد عملنا مع هيئة الأركان المشتركة، والقيادات، ووكالات الدعم القتالي، وأجهزة الاستخبارات على مسائل مثل: عند ملاحظة أحد هذه الأشياء، كيفية الحصول على مزيد من البيانات؟ كيف نحفظ تلك البيانات التي جُمِعَت؟ تاريخياً، كان ذلك يمثل مشكلة كبيرة للغاية، هذه البيانات لم يُحْتَفَظ بها. والآن، يجب الاحتفاظ بهذه البيانات حتى يكون لدينا شيء يُمكن تحليله". 

وفي مجال العلوم والتكنولوجيا، يعمل المكتب على التأكد من أن الأجسام التي ترصدها طائرات F-35، أو F-16، أو أجهزة الرادار الأرضية مجهولة بالفعل وليست عادية. كما يجري المكتب تدريبات محاكاة لتقرير الإنذارات الكاذبة، وفقاً لكيركباتريك.

وفيما يتعلق بتبادل المعلومات، قال إن المكتب لديه موقع إلكتروني الآن، ويعمل على نشر المواد عليه بشكل دوري. 

وأشار إلى إمكانية تعرُّض الناس للخداع البصري، وتعرُّض أجهزة الاستشعار للخداع، أو تقديم معلومات خاطئة. وقال إن "فهم كل ما يحدث في العالم الحقيقي يعد مهمة صعبة للغاية. من الصعب تطبيق العلم والتكنولوجيا على العالم الحقيقي، ولكن من السهل القيام بذلك في المختبر".

هل الكائنات الفضائية حقيقة؟

وعما إذا كانت الكائنات الفضائية حقيقة أم لا، قال كيركباتريك: "هذا سؤال رائع، أنا أحب هذا السؤال. الأمر الأول هو أن أفضل شيء يُمكن أن ينتج عن هذه الوظيفة هو إثبات وجود الكائنات الفضائية، أليس كذلك؟ لأننا إذا لم نثبت وجود كائنات فضائية، فإن ما نعثر عليه هو دليل على قيام أشخاص آخرين بأشياء في ساحتنا الخلفية، وهذا ليس جيداً". 

وأضاف: "الأمر الثاني: من الناحية العلمية، المجتمع العلمي سيتفق على أنه من غير الصحيح، على نحو إحصائي، الاعتقاد أنه لا توجد مخلوقات خارج الكوكب في الكون، مهما كان حجم الكون، وعدد المجرات، والأنظمة الشمسية، والكواكب"، موضحاً أن جزءاً من مهمة "ناسا" تتمثل في "البحث عن هذه المخلوقات". 

ويرى كيركباتريك أن احتمالية أن تكون هذه المخلوقات ذكية، أو أن تكون قد عثرت على الأرض، أو وصلت إليها، أو أنها سقطت مراراً في الولايات المتحدة أمراً غير مرجح بدرجة كبيرة. وقال إن جزءاً من الجهود التي يحاول بذلها يتمثل في "رفع مستوى النقاش" بشأن هذا الأمر. 

وأضاف: "نحن بحاجة إلى تغيير مستوى الحوار (العام)، وهذا أحد أسباب إشراكنا الأوساط الأكاديمية في العمل على عدد من الأبحاث العلمية التي تركز على احتمالية وجود هذه الأشياء". 

وعن خطواته التالية، قال كيركباتريك إنه يدرس عدة أمور في الوقت الحالي، من بينها الاتجاه إلى مجال الاستشارات، أو العمل الإداري، أو العمل مع عدد من الأصدقاء في مجتمعات الفضاء، والعلوم، والتكنولوجيا، والاستخبارات. 

تصنيفات

قصص قد تهمك