ستحاول الدول في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28"، الذي تستضيفه دولة الإمارات بين 30 نوفمبر و12 ديسمبر، التوصل إلى تفاصيل بشأن كيفية تأسيس تجارة دولية لأرصدة تعويضات الكربون.
ويتطلب الأمر الإحاطة بمجموعة من المسميات ودلالاتها للوقوف على أهمية الأمر وتفاصيله.
ما هي تعويضات الكربون؟
قد تُعاني بعض الحكومات والشركات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لتحقيق أهدافها المناخية. ويَعتبر مؤيدو تعويضات الكربون هذه التعويضات وسيلة رئيسية للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف.
وتسمح هذه التعويضات لدولة أو شركة ما بتعويض بعض انبعاثاتها من خلال دفع تكاليف الإجراءات الرامية إلى خفض الانبعاثات في أماكن أخرى. وقد تشمل هذه الإجراءات تركيب الألواح الشمسية في المناطق الريفية أو تحويل أسطول من الحافلات التي تعمل بالبنزين إلى الحافلات الكهربائية.
لكن المنتقدين يقولون إن التعويضات تُثبط الدول والشركات عن اتخاذ إجراءات أقوى بنفسها بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال السماح لها بدفع أموال للالتفاف على الأهداف المناخية.
ويتم جمع التعويضات وتداولها كأرصدة، حيث يعادل الرصيد الواحد طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون.
ما الذي تم تحديده في مؤتمرات المناخ السابقة؟
في قمة المناخ "COP 26" التي عُقدت في جلاسكو باسكوتلندا، توصل المفاوضون إلى اتفاق تاريخي لتنظيم تداول أرصدة الكربون في المخططات التي تم وضع تصور بشأنها لأول مرة في المادة السادسة من اتفاق باريس لعام 2015.
وتنص المادة السادسة على نوعين من التجارة: الصفقات الثنائية التي تتمتع فيها الدول بقدر أكبر من الحرية في تحديد شروطها، والتجارة ضمن نظام مركزي تُشرف عليه هيئة جديدة تابعة للأمم المتحدة.
وتضمنت "اتفاقية جلاسكو" ما يكفي من قواعد للسماح بالمقايضات الثنائية للتعويضات، والتي تُسمى "نتائج التخفيف المنقولة دولياً".
وفي حين أن هذه التبادلات الثنائية لم تتم بعد، إلا أن هناك العديد من الدول تتنافس على إتمام الصفقة الأولى في أقرب وقت هذا العام.
كما قالت مجموعة "كليك فاونديشن" السويسرية إنه بينما سيكون من المفيد أن يضع مؤتمر الأطراف الـ28 القواعد الثنائية بشكل أكثر وضوحاً، فإنها ستواصل خططها لشراء نتائج التخفيف المنقولة دولياً على كل حال.
وقال ماركو بيرج المدير الإداري لمجموعة كليك: "لو انتظرنا قرارات مؤتمر الأطراف، لن نصل إلى أي مكان".
ويُعد إنشاء نظام تجاري متعدد الأطراف في إطار الأمم المتحدة أكثر صعوبة، إذ يُناقش المفاوضون وهيئة إشرافية تم تشكيلها حديثاً قواعد إصدار الأرصدة وكيفية حسابها في التجارة.
وإذا تم حل النقاط الرئيسية هذا العام، فمن الممكن إطلاق النظام في العام 2024، لكن الخبراء يقولون إن هذا يبدو غير مرجح، مما يؤجل الإطلاق إلى 2025.
ما الذي سيتم تحديده في "COP 28"؟
ستُركز مناقشات هذا العام بشكل أكبر على وضع المخطط متعدد الأطراف الذي تديره الأمم المتحدة، بما في ذلك اعتماد منهجيات موحدة لتحديد كيفية إصدار الأرصدة.
وعلى سبيل المثال، سيتعين على البلدان أن تُقرر ما إذا كان ينبغي إصدار الأرصدة فقط لتخفيضات الانبعاثات المثبتة، أو أن المشروعات التي تهدف إلى تجنب إطلاق الانبعاثات مؤهلة أيضاً.
ومن المحتمل أن تشمل جهود تجنب الانبعاثات هذه اختيار أي بلد لعدم استخراج احتياطياته النفطية أو جهود أي منظمة غير ربحية لحماية غابة من الإزالة المحتملة.
ويتطلب الأمر الاتفاق على بروتوكولات لإصدار البلدان تراخيص بيع التعويضات الخاصة بها في الخارج، وكذلك ما يُحدد متى يمكن لبلد ما إلغاء هذا الترخيص أو مراجعته، على سبيل المثال إذا تبين أن المشروع ينتهك حقوق الإنسان.
وسيبحث المفاوضون أيضاً ما إذا كان ينبغي السماح بجهود إعادة التشجير ضمن المخطط متعدد الأطراف، وكيفية التعامل مع قضايا مثل حرق الغابات بعد بيع الأرصدة.
ويعتقد جيل دوفراسن من "كاربون ماركت ووتش" أن "من المحتمل ألا تكون المادة السادسة على رأس جدول الأعمال السياسي هذا العام، حتى لو كانت أسواق الكربون ستظل موضوعاً مهماً بالنسبة للقطاع الخاص على وجه الخصوص".
لكن هذا قد يُساعد مفاوضات المادة السادسة على "تجنب التسييس الشديد" والسماح للمندوبين الفنيين بإنجاز المهمة الرئيسية، بحسب ما ذكرت الرابطة الدولية لتجارة الانبعاثات في تحليل مكتوب بتاريخ 16 نوفمبر.
كيف يرتبط هذا بأسواق الكربون الحالية؟
بصرف النظر عن تجارة التعويضات، التي تم وضع تصورها في "اتفاق باريس"، هناك نوعان موجودان من أسواق الكربون، وهما سوق الامتثال والسوق الطوعية.
وتنطبق "سوق الامتثال" على الشركات والقطاعات التي يكون فيها خفض الانبعاثات إلزامياً بموجب القانون. وتوجد بشكل خاص في الاتحاد الأوروبي، وفي ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى. وتتباين القواعد، لكنها تُلزم الشركات عادة بشراء ترخيص لكل طن من الكربون تُطلقه، وهو ما يلزم الشركات فعلياً بالدفع عندما تتسبب في تلوث.
وبلغ حجم أسواق الامتثال على مستوى العالم 865 مليار دولار بحلول عام 2022، وفقاً لمجموعة "بورصات لندن". وتُشكل سوق الاتحاد الأوروبي الغالبية العظمى من هذا المبلغ، إلا أنها لا تسمح بأي أرصدة تعويض دولية، مثل تلك المنصوص عليها في المادة السادسة.
وحددت بعض الشركات التي لا تخضع لأي التزام قانوني بخفض انبعاثاتها أهدافاً طوعية، والتي يمكنها تحقيقها جزئياً من خلال شراء أرصدة في سوق الكربون الطوعية. وفي عام 2021، بلغت قيمة السوق الطوعية نحو ملياري دولار على مستوى العالم.
ولم يتضح بعد كيف يُمكن لأسواق الكربون المختلفة الحالية أن تلعب دوراً في خطة التجارة التي تُديرها الأمم المتحدة، والتي ستعتمد أيضاً على القوانين الوطنية.
ويخشى بعض الخبراء من أن الأرصدة الطوعية المباعة دولياً خارج نظام "اتفاق باريس" يُمكن أن تؤدي إلى حساب دولتين لنفس تخفيضات الانبعاثات في أهدافهما.