ما زالت شركة تسلا المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك تتربّع على عرش مصنعي السيارات الكهربائية، ولكنّ الشركات العريقة ليست ببعيدة عنها.
ورغم أن هربرت ديس، رئيس مجلس إدارة شركة "فولكسفاغن"، ليس على علاقة بنجمة غنائية، ولا يدخن الممنوعات في العلن، أو يمتلك وسيلة مواصلات مستقبلية للمريخ مثل "ماسك"، إلا أنه يمتلك خططاً طموحة لسوق السيارات الكهربائية.
ففي مؤتمرٍ صحافي عقده في 15 مارس تحت عنوان "يوم الطاقة"، متخذاً من "يوم البطارية" الذي عقدته "تسلا" نموذجاً، أعلن ديس أن التحوّل نحو السيارات الكهربائية هو الوسيلة الوحيدة للتخفيف بشكل سريع من الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل.
وبالطبع، ليس ظهور بعض الشكوك حول رسالة ديس هذه مستغرباً، بعد أن أقنعت شركة تصنيع السيارات عينها العالم بأسره بوهم "الديزل النظيف" لسنوات عديدة. ولكن الشركة بدأت تحصد بالفعل ثمرة جهودها على مدى خمس سنوات لإنشاء منصة موحدة تشكّل الركيزة الأساسية لعشرات السيارات الكهربائية.
مجال مزدحم
لم يعُد مجال صناعة السيارات الكهربائية يقتصر على جهة واحدة مهيمنة كما في السابق، بل تحوّل إلى مجالٍ مزدحم يزداد اكتظاظاً يوماً بعد يوم. ففي يناير الماضي، أعلنت رئيسة مجلس إدارة جنرال موتورز، ميري بارا، عزمها على وقف إصدار سيارات البنزين والديزل تدريجياً بحلول عام 2035.
بدورها، بدأت الشركات الصينية إصدار سيارات كهربائية غير باهظة، فيما تخطط شركة "هيونداي" لتصنيع نحو 20 طرازاً من السيارات الكهربائية. أما "رينو" فقد حققت نجاحاً غير متوقع في أوروب العام الماضي بسيارة الهاتشباك الكهربائية "زوي".
وفي الولايات المتحدة بدأت سيارات "موستانغ ماتش-إي" من "فورد" الوصول إلى صالات العرض تدريجياً، فيما تسعى شركتا "ريفيان" و"لوسيد موتورز" (المستنسخة عن تسلا والمتجهة نحو الحصول على تمويل بقيمة 4.4 مليار دولار)، بدعم من شركة "أمازون"، إلى استنساخ تجربة ماسك الناجحة.
تيسلا.. نتفليكس
يذكّرنا أثر "تسلا" في قطاع السيارات بأثر "نتفلكس" في قطاع التلفزيون، إذ سرّع الأول التحوّل في سلوكيات المستهلك بعيداً عن محركات الاحتراق الداخلي، تماماً كما دفع الثاني المشاهدين إلى التخلي عن خدمات الكابل لسهولة الوصول إلى البرامج عبر الإنترنت بعد ظهور "نتفلكس".
وكما أن "نتفلكس" تواجه اليوم تحديات متزايدة من بعض عمالقة الإنتاج التلفزيوني مثل "ديزني" و"إتش بي أو" (HBO)، كذلك تشهد "تسلا" مواجهة من عمالقة صناعة السيارات الذين يحاولون السير على خطاها.
تهور "فولكسفاغن"
وكانت "فولكسفاغن" أسست في عام 2017 شركة تابعة تدعى "إلكترفاي أميركا"، تملك اليوم أكبر شبكة لمحطات الشحن السريع في الولايات المتحدة. كما ينوي ديس إنشاء ستة مصانع للبطاريات في أوروبا، يقدَّر مركز "بلومبرغ إن إي إف" للأبحاث في مجال الطاقة أنها ستحتاج إلى استثمارات تقارب قيمتها 18 مليار دولار.
ويضيف المركز أن التحسينات في تصميم الخلايا وكيمياء البطاريات والتصنيع وضعت شركة "فولكسفاغن" على المسار الصحيح لخفض تكلفة البطاريات إلى النصف بحلول عام 2025، ما قد يجعل سياراتها الكهربائية أرخص من السيارات ذات محركات الاحتراق، المجهزة بشكلٍ مماثل.
*هذه المادة من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ