تشهد ولاية كاليفورنيا الأميركية خلال الأسبوعين المقبلين موجة من الأنهار الجوية القوية، ما يهدد بأمطار غزيرة وثلوج مع احتمال حدوث فيضانات مفاجئة خطيرة وانهيارات أرضية.
والنهر الجوي هو تيار هائل من الرطوبة الكثيفة محمول جواً، يحلق عالياً لمئات الأميال من المحيط الهادئ، ويتدفق فوق الأرض ليهطل على شكل نوبات من الأمطار الغزيرة والثلوج، وفقاً لوكالة "رويترز".
وقد يظهر النهر الجوي على شكل مجموعة من السحب العشوائية التي تمتد على مسافة مئات الأميال، فيما قد تمثل بعض الأنهار الجوية "أنظمة طقس ضعيفة" تجلب أمطاراً أو ثلوجاً، تغذي إمدادات المياه، وتشكل عنصراً حاسماً في دورة الماء العالمية.
ما مدى شيوع الأنهار الجوية؟
تعتبر الأنهار الجوية شائعة نسبياً، إذ يوجد 11 منها على الأرض في أي وقت، وفقاً لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا".
وتتسم معظم الأنهار الجوية بالضعف، ولا تسبب أضراراً، ويمكنها أن توفر المطر أو الثلوج اللذين تشتد الحاجة إليهما.
هل يمكن أن تكون خطيرة؟
يمكن أن يصل حجم الأنهار الجوية إلى 15 ضعف حجم نهر المسيسيبي، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
ومن المتوقع أن يهطل النهر الجوي على كاليفورنيا يومي الأربعاء والخميس، مسبباً أمطاراً غزيرة يصل منسوبها إلى 6 بوصات (15 سنتيمتراً)، ما قد يسبب فيضانات مفاجئة ويجرف الطرق.
وقد يطيح هبوب الرياح بالأشجار وخطوط الكهرباء، ما سيؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، وفقاً لتحذيرات خدمة الأرصاد الجوية الوطنية.
وأضافت الخدمة أن بعض المناطق المرتفعة يمكن أن تشهد تراكماً كثيفاً للثلوج، بحيث يصل ارتفاعها إلى 3 أقدام (91 سنتيمتراً)، ما قد يؤدي إلى ظروف ثلجية خطيرة على الطرق السريعة.
والشتاء الماضي، غمرت سلسة من عشرات الأنهار المناخية الولاية، ما تسبب في فيضانات بالمناطق الحضرية وانهيارات أرضية وإغلاق الطرق، كما أودت العواصف بحياة 21 شخصاً، وتسببت في خسائر مادية تزيد عن 3 مليارات دولار، وفق باحثين بجامعة ستانفورد.
وأدت الأمطار الغزيرة إلى نمو الأعشاب والشجيرات على نحو كثيف، ما ساهم في تقليل حدة موسم حرائق الغابات في 2023 مقارنة بالسنوات السابقة الأخيرة، لكن مع ذلك يمكن أن تتسبب الأمطار الغزيرة في مخاطر حول مناطق الندوب الناجمة عن حرائق الغابات السابقة، كما يمكن أن تصبح الأرض الجرداء عرضة للانهيارات الطينية.
وفي عام 2019، ضرب نهر جوي أُطلق عليه اسم Pineapple Express كاليفورنيا، وتسبب بخار الماء القادم من هاواي المجاورة في هطول الأمطار على الولاية الأميركية، ما نجم عنه انهيارات طينية أجبرت سائقي السيارات على السباحة للنجاة بحياتهم، وانزلقت المنازل على المنحدرات.
ما تأثير تغير المناخ على الأنهار الجوية؟
قال العلماء إن الأنهار الجوية التي غمرت كاليفورنيا، وأغرقت كولومبيا البريطانية في السنوات الأخيرة ستصبح أكبر، وربما أكثر تدميراً بسبب تغير المناخ.
كما ستصبح أكثر تكراراً، وستزداد احتمالات وصولها كجزء من سلسلة، ما سيتسبب في أضرار اقتصادية أكثر بـ4 أضعاف مقارنة بالوضع عندما كانت تصل فرادى، وفقاً لدراسة أجرتها مجلة Science Advances.
هل كاليفورنيا خالية من الجفاف؟
أظهرت وكالة مراقبة الجفاف الأميركية، وهي مبادرة من جامعة نبراسكا لينكولن، أن أجزاءً صغيرة من شمال وجنوب شرقي كاليفورنيا تعاني حالياً من الجفاف "غير الطبيعي".
فمنذ بداية العام 2020، وحتى العام 2023، عانت الولاية من فترات جفاف "شديدة واستثنائية"، وفقاً للوكالة.
ويحذر الخبراء من أن كاليفورنيا والغرب لم يفلتوا بعد من الأحوال المناخية طويلة المدى التي ألقت بالمنطقة في أتون الـ22 عاماً الأكثر جفافاً على مدى 12 قرناً في الفترة من 2000 إلى 2021، وفقاً لدراسة أجرتها دورية Nature Climate Change.
وعادة ما تكون الأمطار الغزيرة والثلوج موضع ترحيب في كاليفورنيا التي شهدت هطول أمطار أقل من المتوسط منذ بداية أكتوبر الماضي، إذ استقبلت الولاية 9.81 بوصة من الأمطار في غضون تلك الفترة، أي نحو 82% من متوسطها التاريخي.
ووفقاً لمرصد مياه كاليفورنيا، فإن مستويات الخزانات الرئيسية في الولاية تزيد بنسبة 116% عن متوسط مستوياتها، ولكن مستوى كتل الثلوج في جميع أنحاء الولاية يبلغ 32% فقط من متوسطة.
