أعلنت شركة كهرباء فرنسا "إي دي إف"، الجمعة، أنها قدمت عرضاً تقنياً لبناء 6 مفاعلات نووية في الهند، في مشروع لإنشاء أكبر محطة للطاقة الذرية في العالم، بقدرة إجمالية تقارب 10 غيغاوات لتزويد 70 مليون منزل بالكهرباء.
ومن المتوقع أن يتطلب بناء المحطة نحو 15 عاماً، لكن سيبدأ استغلالها قبل اكتمال جميع أجزائها. و"إي دي إف" ليست مكلّفة ببناء كامل المحطة، لكن بتوفيرها المفاعلات ستلعب الشركة الفرنسية أهم دور في المشروع الذي ستشرف على استغلاله الهند.
ويمهّد الإعلان إلى اتفاق نهائي فرنسي هندي بشأن المشروع، حيث إن "إي دي إف" هي الشركة الوحيدة المشاركة في العطاء.
وهذه الخطوة نقطة تحول لمشروع كبير من عدة جوانب، أولها الصناعي نظراً لحجمه غير المسبوق، والاقتصادي مع عقد تراوحت قيمته بين عشرات المليارات من اليورو، وإن لم يُذكر أي قيمة للعقد رسمياً، والاجتماعي لأن شركة "إي دي إف" تعد بتوظيف عشرات الآلاف من العمالة المحلية لبناء المفاعلات.
ويوجد أخيراً الجانب السياسي، إذ تراقب السلطات الفرنسية والهندية المشروع عن كثب منذ أكثر من عقد، رغم الانتكاسات الكثيرة التي شهدها.
وقاد المشروع عملاق الأنشطة النووية "أريفا"، قبل أن يتخلى عنه لشركة كهرباء فرنسا بعد أن استحوذت على جزء من أنشطته.
وأدى وقوع الحادث النووي في محطة فوكوشيما النووية اليابانية عام 2011، إلى إثارة المخاوف وقاد إلى تعليق عدد من المشاريع المماثلة. وأحيت باريس ونيودلهي المشروع عام 2018، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للهند.
انتقادات ومعارضة
في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال مسؤول النشاط النووي في "إي دي إف" كزافييه أورسات إنه "لا شك أن البناء سيبدأ بعد بضعة أشهر".
وأضاف: "بالنظر إلى حجم المشروع، فقد استغرق الأمر 3 سنوات"، وأوضح أن شركته أرسلت للتو مستنداً يتراوح بين 7 آلاف و8 آلاف صفحة.
وأعلنت حينها وسائل الإعلام أن البناء سيبدأ قبل نهاية عام 2018، لكن إبرام الاتفاق تأخر رغم دعم حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي للمشروع.
ويتطلّب المشروع هذه الاحتياطات لأنه كان موضع معارضة محلية قوية منذ سنوات، بدءاً من أحد الأحزاب الحاكمة الرئيسية في ولاية ماهاراشترا حيث يقع المشروع.
وقاد حزب شيف سينا (أقصى اليمين) الذي ينتمي إليه حاكم الولاية، حملة ضد المحطة النووية قبل أن يخفّف معارضته لها أخيراً.
مخاوف من الزلازل
ويتركز نقد المشروع على خطر الزلازل وتداعياته على الصيد البحري المحلي وموضوع التخلص من النفايات النووية.
وتخشى بعض المنظمات المناهضة للأنشطة النووية أن المفاوضات بين "إي دي إف" ونظيرتها الهندية ستعفي المجموعة الفرنسية من الكثير من مسؤوليتها.
وفي عام 2019، قدّر الناشطان المناهضان للأنشطة النووية سوفرات راجو، وم.ف رامانا، أن "إي دي إف يمكن أن تتحمل عواقب قليلة أو لا عواقب على الإطلاق في حال وقوع حادث خطير".
وأضافا: "هناك القليل لتشجيعها على الحفاظ على معايير أمان عالية"، وشكّكا أيضاً في المردود الاقتصادي للمشروع. من جهته، يجادل عملاق الكهرباء الفرنسي بأنه ليس لديه مصلحة في الانخراط في مشروع غير آمن تماماً.
أما على مستوى خطر الزلازل، فيؤكد كزافييه أورسات أنه "وفق الدراسات المتاحة، تشير التقديرات إلى أن الظروف الجيولوجية للموقع ممتازة ومتشابهة تماماً مع تلك الموجودة في بلد مثل فرنسا".