أعلنت الحكومة في بريطانيا، الثلاثاء، تعرّض وزارة الدفاع لهجوم إلكتروني استهدف نظام الرواتب العسكري، الأمر الذي أثار اتهامات جديدة للصين التي نفتها بشدّة. كما أشارت تقارير إلى حدوث "فوضى" بالمطارات في أنحاء البلاد، بسبب وجود "مشكلة حدودية"، تتعلق بعطل في البوابات الإلكترونية للمسافرين.
وبعد ساعات، قالت وزارة الداخلية في المملكة المتحدة، إن خدمات EGATES عادت في المطارات البريطانية، لافتةً إلى أنه "لم يتم المساس بأمن الحدود في أي وقت، وليس هناك ما يشير إلى نشاط إلكتروني ضار".
ولم توجّه لندن الاتهام رسمياً إلى بكين، مكتفية بالإشارة إلى احتمال تورّط دولة في الهجوم. غير أنّ الشكوك التي تدور حول بكين وجدت طريقها إلى وسائل إعلام، الأمر الذي أثار توترات دبلوماسية جديدة بعدما كانت العلاقات بين البلدين تدهورت على خلفية قضايا عدّة من بينها اتهامات سابقة بالتجسّس.
وقال وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس أمام البرلمان، إنّ الهجوم يتعلّق بمزوّد خدمة بيانات تمّ تحديد "عيوب محتملة" فيه.
وأضاف شابس أنّ نظام مزوّد الخدمة يحتوي على "أسماء وتفاصيل مصرفية"، و"في عدد قليل من الحالات" على عناوين أفراد في القوات المسلّحة ما زالوا في الخدمة، وبعض من أحيلوا حديثاً إلى التقاعد.
وأفادت عدد من وسائل الإعلام بأنّ الحكومة تشتبه بأنّ الصين تقف وراء الهجوم الإلكتروني، غير أنّ شابس ذكر فقط "جهة فاعلة مؤذية". وفيما أشار إلى أنّه لا يمكن استبعاد "تورّط دولة"، أعلن فتح تحقيق في الموضوع.
كذلك، قدم وزير الدفاع اعتذاره للعسكريين المتضرّرين، موضحاً أن الحكومة "لا تعتقد بالضرورة أنه قد تمت سرقة البيانات"، ولكنها تتصرف على هذا الأساس لدعم الضحايا المحتملين لهذا الاختراق.
وبعدما أثار سياسيون بريطانيون شكوكاً بشأن تورّط بكين، ردّت الحكومة الصينية بسرعة وبشدّة على الأمر. وقال المتحدث باسم الخارجية لين جيان، إن "التعليقات الصادرة عن سياسيين بريطانيين مسؤولين هي سخافة تامّة".
وأضاف أن "الصين لطالما عارضت بشدة كل أنواع الهجمات الإلكترونية، ولطالما أحبطتها كلّها".
من جهته، سلّط رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الضوء على "سياسته الصلبة" تجاه الصين، من دون تأكيد تورّط محتمل لها في الهجوم الإلكتروني.
"فوضى" في المطارات
في غضون ذلك، شهدت مطارات في جميع أنحاء بريطانيا حالة من "الفوضى"، إذ أكدت العديد من المطارات وجود "مشكلة حدودية" على مستوى البلاد.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية لوكالة "رويترز": "نحن على علم بمشكلة تقنية تؤثر على البوابات الإلكترونية في جميع أنحاء البلاد".
وأضاف: "نعمل بشكل وثيق مع قوة الحدود والمطارات المتأثرة، لحل المشكلة في أقرب وقت ممكن، ونعتذر لجميع الركاب عن أي إزعاج تسببه".
وذكر مطارا ستانستيد وجاتويك، أن المشكلة تتعلق ببوابات التحكم في جوازات السفر الإلكترونية، حسب شبكة Sky News البريطانية.
وقال متحدث باسم مطار هيثرو: "تواجه قوة الحدود حالياً مشكلة على مستوى البلاد تؤثر على الركاب الذين يجري التعامل معهم عبر الحدود".
وأضاف: "تدعم فرقنا قوة الحدود في خطط الطوارئ الخاصة بها للمساعدة في حل المشكلة بأسرع وقت ممكن وهي على استعداد لتوفير رفاهية الركاب. نعتذر عن أي تأثير لهذا على رحلات الركاب".
على نحو مماثل، أكد مطار مانشستر أن نظام الحدود في بريطانيا، توقف كجزء من عطل على مستوى البلاد.
وقال متحدث باسم مطار لندن جاتويك: "قد يواجه بعض الركاب تأخيرات في إجراءات الهجرة بسبب مشكلة على مستوى البلاد مع البوابات الإلكترونية لقوة الحدود البريطانية".
وتابع: "يعمل موظفونا مع قوة الحدود البريطانية، التي تدير مراقبة الجوازات بما في ذلك البوابات الإلكترونية، لتقديم المساعدة للمسافرين عند الضرورة".
ونشر أحد الركاب في مطار جاتويك مقطع فيديو للطوابير، قائلاً على منصة التواصل "إكس"، إن هناك "الكثير من الأطفال ولا توجد مياه".
بدوره، قال أحد الركاب في مطار هيثرو، إن الركاب انتظروا بالفعل لمدة ساعة وإن "الأمر يتفاقم".
"تحدٍّ تاريخي"
واكتشفت السلطات البريطانية الهجوم الإلكتروني على وزارة الدفاع في الأيام الأخيرة، حسبما أفادت عدد من وسائل الإعلام البريطانية.
وبحسب النائب توبياس إلوود، وهو جندي سابق ورئيس سابق للجنة دفاع برلمانية، فإن الهجوم يحمل كل خصائص "هجوم إلكتروني صيني".
وقال لهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "استهداف الأسماء والتفاصيل المصرفية لموظفين يشير إلى الصين"، معتبراً أن ذلك "قد يكون جزءاً من خطة أو استراتيجية".
من جهته، ندّد نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن أمام البرلمان "بعملين إلكترونيين خبيثين" عامَي 2020 و2021 استهدفا البرلمانيين الذين ينتقدون بكين، واللجنة الانتخابية في بريطانيا.
وقال إن "هذه الحلقة الأحدث في سلسلة الأنشطة العدائية التي تقوم بها الصين والتي تشمل استهداف مؤسسات ديمقراطية وبرلمانية في المملكة المتحدة ودول أخرى".
وأتاح الهجوم على مفوضية الانتخابات الوصول إلى خوادم تحتوي على نسخ من السجلات الانتخابية التي تضم بيانات 40 مليون ناخب، بحسب وسائل إعلام محلية.
ورفضت بكين الاتهامات معتبرة أن "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".
وفي نهاية مارس، اتهمت لندن وواشنطن بكين بالوقوف وراء هجمات إلكترونية عدة على مؤسسات عامة.
وفي نهاية أبريل، اتُهم رجلان أحدهما باحث سابق تابع للبرلمان البريطاني، بالتجسّس لصالح الصين.