يشكل تغير المناخ تهديداً لتعليم الملايين من الأطفال، على غرار ما ظهر خلال شهر أبريل في موجة الحر التي ضربت آسيا، وأجبرت السلطات على إغلاق المدارس.
وفيما ساهم هطول الأمطار الموسمية في التخفيف من حدة المشكلة بمناطق معينة، يخشى خبراء من أن هذا النوع من المشكلات سيتفاقم مع عواقب وخيمة على التعليم في نهاية المطاف.
وتشهد درجات الحرارة في آسيا ارتفاعاً بسرعة أكبر من المتوسط العالمي، مع موجات حارة أطول زمنياً، وأكثر تواتراً وشدة، لكنّ ارتفاع درجات الحرارة ليس التحدي الوحيد، فمع الجو الأكثر دفئاً، تزداد الرطوبة، ما قد يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات يمكن أن تلحق الضرر بالمدارس، أو تغلقها لاستخدامها كملاجئ.
ويمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى حرائق غابات وارتفاع في مستويات التلوث، ما يجبر المدارس أيضاً على إغلاق أبوابها، كما حدث بالفعل في الهند أو أستراليا.
أزمة المناخ في آسيا
وحذَّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في العام 2023، من أن "أزمة المناخ أصبحت بالفعل حقيقة واقعة بالنسبة للأطفال في شرق آسيا والمحيط الهادئ".
وفي هذا الإطار، تشكّل موهوا أكتر نور، ابنة الـ13 عاماً، دليلاً حياً على ذلك، فمنذ أن أُغلقت مدرستها وهي تختنق في الغرفة الوحيدة بمنزلها في دكا عاصمة بنجلاديش.
ومع تكرار انقطاع التيار الكهربائي، لا تستطيع الفتاة الاعتماد على مروحة لتبريد منزلها الضيق. وقالت: "الحرارة لا تطاق. مدرستنا مغلقة، لكني لا أستطيع الدراسة في المنزل".
وكان أبريل الشهر الحادي عشر على التوالي الذي يشهد درجات حرارة قياسية على مستوى العالم.
وفي بنجلاديش، تبدو هذه الظاهرة واضحة، كما أشار المدير الوطني لمنظمة "سايف ذي تشيلدرن" غير الحكومية شومون سينجوبتا، مضيفاً: "ليست درجات الحرارة أعلى فحسب، لكنّها تدوم لفترة أطول بكثير".
وأكد سينجوبتا: "في السابق، كانت مناطق قليلة تتأثر بهذه الموجات الحارة، أما اليوم فإن هذا يمثل جزءاً أكبر من البلاد".
تحديث البنى التحتية
وفي آسيا، أغلب المدارس غير مجهزة للتعامل مع العواقب المتزايدة لتغير المناخ. وقال سينجوبتا إن المدارس في المناطق الحضرية في بنجلاديش غالباً ما تكون مكتظة وسيئة التهوية.
وفي المناطق الريفية، يمكن للأسقف الحديدية المموجة أن تحوّل قاعات التدريس إلى فرن حقيقي، وأحياناً تنقطع الكهرباء اللازمة لتشغيل المراوح.
وفي بنجلاديش وأماكن أخرى، غالباً ما يمشي الطلاب مسافات طويلة من المدرسة وإليها، ما يعرّضهم لخطر الإصابة بضربة شمس.
من جهتها، قالت أخصائية الصحة في "اليونيسف" لبلدان شرق آسيا والمحيط الهادئ سلوى الإرياني، إن إغلاق المدارس يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة "خصوصاً على الأطفال في المجتمعات الفقيرة والضعيفة الذين لا يستطيعون الوصول إلى الموارد مثل أجهزة الكمبيوتر والإنترنت والكتب"، أو إلى منزل محمي من الحرارة بشكل كافٍ.
وتابع سينجوبتا بالقول إن ترْك الأطفال في بعض الأحيان من دون إشراف والديهم، الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف الإقامة معهم، يجعلهم أكثر عُرضة لأن يصبحوا ضحايا للاتجار، أو لأن يُجبروا على العمل أو الزواج. كما يهدد تغير المناخ التعليم بشكل غير مباشر.
مدارس مكيّفة
وأظهرت أبحاث، أجْرتها "اليونيسف" في بورما، أن نقص المحاصيل الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة، وعدم القدرة على التنبؤ بهطول الأمطار، يدفع الأسر إلى إخراج أطفالها من المدارس لكي يساعدوهم، أو بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لدفع تكاليف التعليم.
واتخذت بعض الدول الغنية في المنطقة خطوات لضمان عدم تأثر التعليم بتغير المناخ.
وفي اليابان، كان أقل من نصف المدارس العامة مكيّفة الهواء في عام 2018، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من 95% بحلول عام 2022.
وأكد سينجوبتا أن البلدان النامية بحاجة إلى المساعدة للاستثمار في تحديث البنية التحتية، ولكن الحل الحقيقي الوحيد للأزمة يتلخص في معالجة السبب الجذري لها، وهو تغير المناخ.