اليونيسف: 9 من كل 10 أطفال تقل أعمارهم عن عامين يعيشون في فقر غذائي حاد

على شفا المجاعة.. ماذا يفعل الجوع بأطفال غزة؟

الطفل الفلسطيني مجد سالم يعاني من سوء التغذية واكتسب 300 جرام فقط في 6 أشهر ويرقد على سرير بمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة بفلسطين. 9 مايو 2024 - REUTERS
الطفل الفلسطيني مجد سالم يعاني من سوء التغذية واكتسب 300 جرام فقط في 6 أشهر ويرقد على سرير بمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة بفلسطين. 9 مايو 2024 - REUTERS
دبي-رويترز

تشير تقديرات مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن أكثر من مليون من سكان غزة يواجهون الشكل الأكثر تطرفاً من سوء التغذية الذي تصنفه المبادرة "كارثة أو مجاعة".

ومن بين من يعانون في غزة الرضيع مجد سالم (7 أشهر)، الذي وُلد في الأول من نوفمبر، أي بعد 3 أسابيع من بدء الهجوم الإسرائيلي، ويتلقى العلاج من عدوى صدرية في وحدة عناية مركزة لحديثي الولادة في مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة منذ 9 مايو.

وقالت الممرضة التي تعتني به إنه يعاني من سوء تغذية حاد. بينما قالت والدته نسرين الخطيب إن مجد ولد بوزن طبيعي يبلغ 3.5 كيلوجرام.

وبحلول مايو، عندما كان عمره 6 أشهر، ظل وزنه بلا زيادة تذكر عند 3.8 كيلوجرام، أي أقل نحو 3 كيلوجرامات من المتوقع لطفل في مثل عمره.

وقالت والدته إن مجد، الذي كانت عيونه تتابع الصحافيين الزائرين للمستشفى، كان يحتاج إلى مضادات حيوية للعلاج من العدوى وحليباً معززاً بالفيتامينات لزيادة وزنه. 

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، نقلا عن شركاء يعملون على الأرض، إن واحداً من كل 3 أطفال في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال.

وقال مدير المكتب الإعلامي لحكومة غزة إسماعيل الثوابتة إن السجلات تظهر أن 33 لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في القطاع، من بينهم 29 طفلاً، لكنه أضاف أن العدد قد يكون أعلى.

ما أضرار الجوع على أطفال غزة؟

يشكل نقص الغذاء في غزة، على الرغم من انتشاره على نطاق واسع، جزءاً من حالة جوع شديد أوسع نطاقاً تتفاقم مع احتدام صراعات أخرى في أنحاء العالم.

ويقول خبراء التغذية إنه حتى إذا أفلت الأطفال من الموت فإن الحرمان من الطعام في السنوات الأولى يمكن أن يؤدي إلى أضرار صحية دائمة.

ويتطور دماغ الطفل بأسرع معدل في أول عامين من العمر. وقالت أشيما جارج، خبيرة التغذية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اليونيسف، إنه حتى لو لم يمت الأطفال من الجوع أو المرض بسبب ضعف جهاز المناعة فمن المحتمل أن يتعرضوا لتأخر النمو والتطور.

وتابعت: "على الرغم من بقائهم على قيد الحياة، فقد يتعرضون لمشاكل في النمو في مرحلة الطفولة وما بعدها".

وأطلعت 3 عائلات في غزة "رويترز" على تفاصيل ما تحصل عليه من غذاء يومياً، كما أوضح 4 خبراء عالميين في مجال الصحة كيف يؤثر هذا الحرمان على الأجسام التي لا تزال في مرحلة النمو. وقالوا إن الضرر الذي حدث خلال أسابيع يظهر على مدى سنوات.

ما طبيعة الجوع في الشمال؟

وفقاً لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، يوجد في غزة أكبر عدد من الأسر على مستوى العالم التي تعاني من أشد مراحل الفقر الغذائي. وتصنف المبادرة مستويات الجوع في 5 فئات، أسوأها المجاعة.

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، في 5 مايو، إن الأسر في شمال غزة، حيث يعيش مجد، تعاني بالفعل من مجاعة مكتملة الأركان.

وقد يستغرق الأمر شهوراً حتى يعلن نظام القياس الدولي عن وقوع مجاعة. لكن الضرر الأولي الذي يلحق بجسم الطفل يحسب بالأيام.

وبحسب دراسة أجرتها اليونيسف في أواخر مايو، يعيش 9 من كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين في غزة في فقر غذائي حاد. وهذا يعني أنهم يأكلون من مجموعتين غذائيتين أو أقل يومياً، وهو ما قالت جارج إنه يعني الحبوب أو أحد أنواع الحليب.

وأضافت أن هذا هو الحال منذ ديسمبر 2023، مع تحسن طفيف فقط في أبريل 2024. ولم يتناول ما يصل إلى 85% بالمئة من الأطفال من جميع الأعمار الطعام لمدة يوم كامل مرة واحدة على الأقل خلال الأيام الثلاثة التي سبقت إجراء الدراسة.

ما سبب سوء التغذية في غزة؟

وذكر تقرير لمجموعة التغذية العالمية، وهي مجموعة من الوكالات الإنسانية بقيادة اليونيسف، أن السبب الرئيسي لسوء التغذية الحاد في شمال غزة هو عدم التنوع في النظام الغذائي للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.

وهذا النقص الغذائي، قبل وأثناء الحمل والرضاعة الطبيعية، يضر الأمهات والرضع على حد سواء.

وكان عابد أبو مصطفى (49 عاماً)، وهو أب لستة أطفال، لا يزال يعيش في مدينة غزة في أوائل أبريل. وقال إن الناس هناك أكلوا بالفعل "كل النباتات الخضراء التي يمكن أن نجدها تقريباً" ولم يتناول لحماً أو دجاجاً لمدة 5 أشهر على الأقل.

قبل الحرب، قالت والدة مجد إن وجبة العائلة المتوسطة تتكون من الأرز مع الدجاج أو اللحم، إلى جانب الخضار مثل البامية أو القرنبيط أو البازلاء. خلال الحرب، أجبرت ندرة الدقيق الأسر على صنع الخبز من علف الحيوانات. وفي الآونة الأخيرة، بدأ الخبز والسلع المعلبة مثل التونة والفول في الظهور مرة أخرى، لكنها ليست متاحة على نطاق واسع.

وقالت والدة مجد، التي لم تتمكن من العثور على طعام لإطعام نفسها واضطرت إلى النزوح بسبب القصف الإسرائيلي في وقت مبكر من الحرب، إنها وجدت صعوبة كبيرة في إرضاع الصغير.

وأوضحت أنها لم تتمكن من العثور على حليب أطفال ذي نوعية جيدة ولا مياه نظيفة لإعداده لذلك أطعمته أنواعا مختلفة من الحليب الممزوج بمياه الأمطار أو المياه قليلة الملوحة من آبار غزة الملوثة، ما أصابه بالإسهال.

وقالت جارج خبيرة التغذية باليونيسف إن هناك مشكلة كبيرة في تغذية الأمهات المرضعات في غزة وبالتالي قدرتهن على إرضاع صغارهن.

وأضافت: "إنهن لا يأكلن الفواكه والخضراوات. ولا يأكلن اللحوم. ولا يتناولن الكثير من الحليب". ويعني هذا النقص في العناصر الغذائية حليب ثدي رديء الجودة. والتركيبة المخففة أكثر من اللازم من الألبان الصناعية ليست آمنة وتؤدي إلى الإصابة بالإسهال، الذي قد يكون في حد ذاته مميتا.

ولا يزال بوسع الأمهات اللاتي يعانين من مستوى معتدل من سوء التغذية إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، لكن النساء اللاتي يعانين من سوء التغذية الحاد يواجهن صعوبات.

وقال أحمد الكحلوت، الممرض الذي يرأس وحدة حديثي الولادة، إن مرض مجد كان بسبب سوء التغذية. وأوضح: "بسبب سوء التغذية اللي عند الطفل لا توجد مناعة وأي عدوى تحصل للطفل من مراكز الإيواء.. تصيب الطفل بهذه الالتهابات الرئوية الحادة في الصدر".

وتزداد القابلية للإصابة بالأمراض عادة بعد أسبوعين من عدم تناول ما يكفي من الطعام.

تصنيفات

قصص قد تهمك