انطلقت دورة الألعاب الأولمبية في العاصمة الفرنسية باريس، الجمعة، بحفل وُصف بـ"الضخم"، شهد حضور العديد من الشخصيات السياسية والرياضية، ووسط إجراءات أمنية مشددة.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون افتتاح أولمبياد باريس رسمياً، في أعقاب حفل افتتاح غمرته الأمطار.
وبعد ساعات من الهجوم التخريبي على شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة، والذي تسبب في فوضى في السفر في جميع أنحاء فرنسا، تجمعت الجماهير على طول ضفاف نهر السين لحضور عرض يستمر نحو أربع ساعات.
وقبل انطلاق الحفل، تم عرض فيديو تقديمي للممثل الفرنسي الكوميدي جمال دبوز، ونجم كرة القدم زين الدين زيدان، وهما يحملان الشعلة الأولمبية.
وارتفعت سحابة دخان ضخمة بالألوان الأزرق والأبيض والأحمر، تمثل ألوان العلم الفرنسي، أعلى جسر فوق نهر السين، وعزف رجل مجنح الأكورديون ضمن عرض تضمن العديد من الصور التي شملت رقصة "كانكان" الشهيرة على ضفاف النهر.
وحظي الرياضيون بتشجيع الجماهير المحتشدة على طوال نهر السين، تحت الأمطار الغزيرة، وصعد الراقصون أسطح مباني باريس في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية.
وعكس الدورات السابقة، دخلت الوفود المشاركة في أولمبياد باريس عبر القوارب ملوحين بالأعلام، وهم يعبرون على نهر السين. ونُقل رياضيون من 205 دول فوق 85 قارباً على مسافة 6 كيلومترات من النهر بجوار بعض أكثر معالم العاصمة الفرنسية شهرة، حيث أعاد الفنانون إبراز بعض الألعاب التي ستشارك في الأولمبياد على منصات عائمة.
وظهر حامل الشعلة الأولمبية، الذي لم يتم الكشف عن هويته، طوال فترة العرض. ففي البداية ظهر يقفز فوق أسطح مباني باريس، وشوهد وهو يسير في ممرات متحف اللوفر الخاوية حيث اختفت لوحة الموناليزا فجأة، إلى غاية تسليمه الشعلة في نهاية الحفل.
وظهرت المغنية الكندية سيلين ديون في حفل الافتتاح، وأعادت أداء أغنية Hymne à l’amour للفنانة الفرنسية الراحلة إديث بياف. وهذا أول ظهور للمغنية في حفل منذ أربع سنوات، وأيضاً بعد نحو عامين من إعلان إصابتها بـ"متلازمة الشخص المتصلب".
وكانت ديون غائبة عن المسرح منذ عام 2020، عندما أجبرتها جائحة كورونا على تأجيل جولتها إلى عام 2022. وتم تعليق تلك الجولة في نهاية المطاف في أعقاب تشخيص حالتها الصحية.
كما أدت المغنية الأميركية ليدي جاجا أغنية حفل الافتتاح Mon Truc en Plumes للمغنية الفرنسية الراحلة زيزي جونمير، والتي تعتبر من الكلاسيكيات التي يعود تاريخها إلى ستينيات القرن العشرين. كما شارك أيضاً مغني الراب الجزائري عبد الكريم براهمي المدعو "ريمكا" في تقديم أحد أغاني الحفل.
وغنّت نجمة البوب آية ناكامورا، المطربة الفرنسية الأكثر استماعاً في العالم، بعضاً من أشهر أغانيها بصحبة فرقة موسيقية من الجيش الفرنسي.
وتم تقديم عرض في كنيسة Notre-Dame التي اشتعلت فيها النيران في أبريل 2019، وذلك تكريماً للحرفيين الذين يعملون على ترميم الكاتدرائية. وعرضت لوحات من الثورة الفرنسية، وأخرى من قصر فيرساي، في عرض لأهم فترات التاريخ الفرنسي الحديث بعد سنة 1799.
صيحات استهجان على الوفد الإسرائيلي
وتم التركيز خلال الحفل على الوفد الفلسطيني الذي ضم 8 رياضيين، والذي يشارك للمرة السادسة في الألعاب الأولمبية. واعتبرت المشاركة الفلسطينية في هذا الحدث بمثابة "معجزة" بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 9 أشهر.
وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي عدداً من الحاضرين وهم يطلقون صيحات الاستهجان عند مرور الوفد الإسرائيلي عبر نهر السين.
كما ذكرت "رويترز" أن الوفد الإسرائيلي تعرض لصيحات استهجان، وارتفعت هتافات "فلسطين! فلسطين! فلسطين!" بين الجماهير أثناء مرور القارب الذي كان يقله.
وكانت السلطات الفرنسية قد أعلنت تشديد الإجراءات الأمنية حول الوفد الإسرائيلي. كما رفضت باريس واللجنة الأولمبية، كل محاولات إبعاد إسرائيل عن هذه الألعاب، رغم عدم احترام الجيش الإسرائيلي للهدنة الأولمبية، خلال الحرب على غزة.
وقام الوفد الجزائري خلال مرور قاربهم برمي الورود في نهر السين، وذلك تكريماً للجزائريين الذين تم رميهم في النهر خلال احتجاجات 1961 المطالبة بالاستقلال.
وأقرت فرنسا رسمياً مسؤوليتها في أحداث 17 أكتوبر 1961، عندما أقدمت قوات الأمن الفرنسية على قتل أكثر من 200 جزائري برميهم في النهر.
أمطار غزيرة في باريس
في حين جذب الحفل نحو 300 ألف متفرج اصطفوا على ضفاف النهر للاحتفال بالثقافة والأزياء والتاريخ الفرنسي، شوهد مئات الأشخاص يغادرون مبكراً مع هطول الأمطار.
وذكر صحيفة "لوموند" أن العديد من العروض تم تقليص فترة عرضها، بسبب الأمطار الغزيرة التي تشهدها باريس.
الآلاف من رجال الشرطة والجيش
وتم نشر نحو 45 ألف شرطي وآلاف الجنود في عملية أمنية ضخمة في باريس، استعدادا لحفل الافتتاح. وفرضت الشرطة منطقة أمنية على طول النهر، وأقامت حواجز معدنية لعزل الأحياء المجاورة مع طلب الحصول على تصريح مروري ورموز الاستجابة السريعة لدخول منطقة الحفل.
واستهدف مخربون شبكة القطارات فائقة السرعة في فرنسا بسلسلة من الممارسات المنسقة التي تسببت في أعطال كبيرة ببعض خطوط السكك الحديدية الأكثر ازدحاماً في البلاد.
وألغت اللجنة الأولمبية الدولية المؤتمر الصحافي، الذي كان مقرراً صباح الجمعة، ولم يذكر المنظمون سبباً للإلغاء، لكن من الواضح أن برنامج هذه التظاهرة الرياضية الكبرى لا يمر وفقاً لما خطط له.
وقالت شركة السكك الحديدية إن رحلات نحو 800 ألف مسافر تأثرت، بما وصفته السلطات الفرنسية بـ "الأعمال التخريبية المنسقة" على خطوط القطارات الفرنسية.
ووصفت شركة السكك الحديدية الفرنسية الحكومية (SNCF)، استهداف شبكة القطارات فائقة السرعة في سلسلة من العمليات المنسقة، بأنه "هجوم على فرنسا".