تثير سيارات الأجرة ذاتية القيادة الجدل في كل من الصين، والولايات المتحدة، وهما أكثر الدول تسارعاً في استخدام تلك التكنولوجيا التي لا تزال في المراحل التجريبية، إذ ظهرت شكاوى من خلل تقني في بعض السيارات الآلية بأميركا، فيما ظهرت مخاوف من فقدان ملايين السائقين وظائفهم في بكين.
"ليو يي" هو من بين 7 ملايين سائق في الصين، أصبحوا الآن يتنافسون ضد سيارات الأجرة الآلية، وبعدما بدأ عمله كسائق بدوام جزئي هذا العام بسبب تباطؤ مجال البناء، يجد الآن أزمة أخرى، وهو يقف بجوار سيارته، ويشاهد جيرانه يطلبون سيارات أجرة بدون سائق.
وقال عن سائقي ووهان الذين يتنافسون ضد سيارات الأجرة الآلية من شركة "أبولو جو"، التابعة لشركة "بايدو" العملاقة للتكنولوجيا: "الجميع سيجوعون".
ورفضت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية التعليق، حسب وكالة "رويترز".
قال اقتصاديون وخبراء في الصناعة، إن سائقي سيارات الأجرة من بين أوائل العمال في العالم الذين يواجهون خطر فقدان الوظائف، بسبب الذكاء الاصطناعي، إذ دخلت الآلاف من سيارات الأجرة الآلية إلى الشوارع الصينية.
ولا تزال تكنولوجيا القيادة الذاتية تجريبية، لكن الصين تحركت بقوة نحو إعطاء الضوء الأخضر مقارنة بالولايات المتحدة، التي تسارع إلى إطلاق التحقيقات، وتعليق الموافقات بعد وقوع الحوادث.
وهناك ما لا يقل عن 19 مدينة صينية تجري اختبارات سيارات الأجرة، والروبوتات، وقد وافقت سبعة منها على اختبارات بدون مراقبة السائق البشري، قامت بها 5 شركات من رواد الصناعة، وهي Apollo Go، وPony.ai، وWeRide، وAutoX، وSAIC Motor.
تسارع السيارات الآلية في الصين
وقالت شركة "أبولو جو" في مايو الماضي إنها تخطط لنشر 1000 سيارة أجرة آلية في ووهان بحلول نهاية العام، وفي عام 2022، توقعت أنها ستعمل في 100 مدينة بحلول عام 2030.
وتقوم شركة Pony.ai، المدعومة من شركة تويوتا موتورز اليابانية، بتشغيل 300 سيارة أجرة آلية، وتخطط لإنتاج 1000 سيارة أخرى بحلول عام 2026، وقال نائب رئيسها إن سيارات الأجرة الآلية قد تستغرق خمس سنوات لتصبح مربحة بشكل مستدام، وعند هذه النقطة سوف تتوسع "بشكل كبير".
تشتهر شركة WeRide بسيارات الأجرة، والشاحنات الصغيرة، والحافلات، وسيارات كنس الشوارع ذاتية القيادة، وتعمل شركة AutoX، المدعومة من مجموعة علي بابا الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية، في مدن من بينها بكين، وشانغهاي، تعمل SAIC على تشغيل سيارات الأجرة الآلية منذ نهاية عام 2021.
وقال أوجستين فيجشايدر، المدير الإداري لمجموعة بوسطن الاستشارية: "لقد شهدنا تسارعاً في الصين.. من المؤكد أن هناك الآن وتيرة سريعة لإصدار التصاريح"، مضيفاً: "لقد كانت الولايات المتحدة أكثر تدرجاً (في الموافقة) بكثير".
تعد شركة Alphabet’s Waymo هي الشركة الأميركية الوحيدة التي تقوم بتشغيل سيارات أجرة آلية ذاتية القيادة، وقال متحدث باسمها إن لديها إجمالي يقترب من 700 سيارة تعمل في سان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، وفينيكس، وأوستن، ولكن ليست جميعها في الخدمة في جميع الأوقات.
واستأنفت شركة "كروز"، المدعومة من "جنرال موتورز"، اختباراتها في أبريل بعد أن اصطدمت إحدى مركباتها بأحد المشاة العام الماضي. وقالت إنها تعمل في ثلاث مدن.
وقال جون كرافسيك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Waymo: "هناك تناقض واضح بين الولايات المتحدة، والصين"، إذ يواجه مطورو سيارات الأجرة الآلية قدراً أكبر من التدقيق، وعقبات أكبر في الولايات المتحدة.
مخاوف تتعلق بالسلامة
وتثير سيارات الأجرة الآلية مخاوف تتعلق بالسلامة في الصين أيضاً، لكن الأساطيل تتكاثر مع موافقة السلطات على إجراء اختبارات لدعم الأهداف الاقتصادية، وفي العام الماضي، دعا الرئيس الصيني شي جين بينج إلى إنشاء "قوى إنتاجية جديدة"، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق المنافسة الإقليمية.
وأعلنت بكين عن إجراء اختبارات في مناطق محدودة في يونيو، فيما سعت بعض الشركات الصينية إلى اختبار السيارات ذاتية القيادة في الولايات المتحدة، لكن البيت الأبيض من المقرر أن يحظر المركبات ذات الأنظمة التي طورتها الصين، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
وقارن المسؤول في مجموعة "بوسطن" الاستشارية سعي الصين لتطوير مركبات ذاتية القيادة بدعمها للسيارات الكهربائية، وقال: "بمجرد أن يلتزموا، فإنهم يتحركون بسرعة كبيرة".
فقدان الوظائف في الصين
أظهرت بيانات رسمية أن لدى الصين 7 ملايين سائق مسجل لخدمات نقل الركاب مقابل 4.4 مليون قبل عامين، وقال اقتصاديون إنه مع توفير خدمات نقل الركاب كملاذ أخير لوظائف خلال التباطؤ الاقتصادي، فإن الآثار الجانبية لسيارات الأجرة الآلية قد تدفع الحكومة إلى تهدئة وتيرتها.
في يوليو، صعدت المناقشات حول فقدان الوظائف بسبب سيارات الأجرة الآلية إلى أعلى عمليات البحث على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام وسوم تتضمن: "هل تسرق السيارات ذاتية القيادة سبل عيش سائقي سيارات الأجرة؟".. في ووهان، يطلق "ليو"، وغيره من سائقي سيارات الأجرة على مركبات "أبولو جو" اسم "الفجل الغبي"، وهو تورية على اسم العلامة التجارية باللهجة المحلية، قائلين إنها تسبب اختناقات مرورية.
يشعر "ليو" بالقلق أيضاً بشأن التقديم الوشيك لنظام "القيادة الذاتية الكاملة" من شركة تسلا، والذي لا يزال يتطلب سائقين بشريين، وطموحات سيارات الأجرة الآلية لشركة صناعة السيارات.
ويرى وانج جووكيانج، سائق في ووهان (63 عاماً)، تهديداً للعمال الذين لا يستطيعون تحمل كلفة تعطلهم، إذ قال بينما كان يراقب مركبة "أبولو جو" وهي تقف أمام سيارة الأجرة التي يستقلها: "إن خدمة نقل الركاب هي عمل يناسب الطبقة الدنيا، إذا قمتم بقتل هذه الصناعة، فماذا بقي لهم ليفعلوه؟".
ورفضت شركة "بايدو" التعليق على مخاوف السائقين، ورداً على سؤال بشأن ربحية الخدمة، أحالت "بايدو" وكالة "رويترز" إلى التعليقات التي أدلى بها تشين تشو، المدير العام لشركة "أبولو جو"، في مايو. وقال إن الشركة ستصبح "أول منصة للقيادة الذاتية مربحة تجاريا في العالم".
وتخسر شركة "أبولو جو" ما يقرب من 11 ألف دولار سنوياً لكل سيارة في ووهان، وفقاً لتقديرات Haitong International Securities، وقالت شركة الأوراق المالية إن النموذج منخفض التكلفة يمكن أن يحقق ربحاً سنوياً لكل مركبة يبلغ حوالي 16 ألف دولار، وعلى النقيض من ذلك، تكسب سيارة نقل الركاب نحو 15 ألف دولار إجمالياً للسائق، والمنصة، أو التطبيق المنظم للسيارة.
مشاكل أخرى في أميركا
تثير السيارات ذاتية القيادة مشاكل من نوع آخر في الولايات المتحدة، حيث ذكر موقع "بيزنس إنسايدر" إن سيارات شركة "وايمو" تصدر أصوات أبواقها بشكل مفاجئ في أوقات مثل الفجر، أو خلال وقت الذروة المسائي، بينما تكون منتظرة ركاباً جدداً.
وشكا العديد من مواطني سان فرانسيسكو من إيقاظهم في الرابعة فجراً على وقع أبواق سيارات "وايمو"، وأفاد الموقع أنه تم توثيق 12 حادثة لسيارات تطلق أبواقها في جميع ساعات النهار، والليل.
كما تم رصد تحرك السيارات بدون أسباب في المواقف التابعة للشركة، وصرح متحدث باسم "وايمو" للموقع بأن الشركة "تدرك أنه في بعض السيناريوهات، قد تنطلق سياراتنا لفترة وجيزة أثناء التنقل في مواقف السيارات لدينا".