أطلقت الصين، مبادرة لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا وغيرها من الشركات الصغيرة، بقروض تحفيزية، بمليارات الدولارات، وذلك بغرض تحفيز الاقتصاد المتعثر، وإحياء الطلب على القروض، وفق "فاينانشيال تايمز".
وارتفع إجمالي قروض التمويل الجديدة المرهونة بالملكية الفكرية بنسبة 57% في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي إلى 419.9 مليار يوان صيني (58.5 مليار دولار أميركي)، بعد زيادة بنسبة 75% إلى 854 مليار يوان صيني للعام بأكمله في عام 2023، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن الإدارة الوطنية للملكية الفكرية في الصين.
وتأتي استراتيجية تحفيز القروض، والتي غالباً ما تستخدمها الشركات المتعثرة في الغرب دون أصول قيمة أخرى، في الوقت الذي يحاول فيه صناع السياسات إحياء نمو الائتمان البطيء في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأدى تباطؤ قطاع العقارات وضعف مالية الحكومات المحلية إلى تقويض الميزانيات العمومية للشركات وتقليل شهية البنوك للإقراض. في يوليو الماضي، تحولت القروض الجديدة بالرنمينبي إلى سلبية للمرة الأولى منذ 19 عاماً، وفق "فاينانشيال تايمز".
استراتيجية شاملة
وتؤكد بكين أن زيادة إصدار القروض مقابل حقوق الملكية الفكرية، مثل براءات الاختراع أو العلامات التجارية أو حتى المؤشرات الجغرافية التي تعترف بالوضع الخاص للمنتجات الإقليمية، تشكل جزءاً من استراتيجية شاملة لتعزيز الشركات الصغيرة المبتكرة.
وقال شين تشانجيو، رئيس مكتب إدارة الملكية الفكرية الوطنية الصينية: "تحتاج الشركات الصغيرة إلى الازدهار على نطاق واسع، وهي تتطلب بشكل خاص دعماً مالياً كبيراً خلال مراحل بدء التشغيل والنمو".
وقال هان شين لين، مدير الصين في شركة آسيا جروب الاستشارية، إنه مع تذبذب أسواق الأسهم في الصين وانخفاض نشاط رأس المال الاستثماري نسبياً، تدخلت البنوك الأصغر حجما، بمساعدة اعتراف الحكومة بالملكية الفكرية كرأس مال مشروع. وقال لين: "أرى هذا بمثابة مخطط لإخراج الأموال إلى شركات التكنولوجيا".
وأضاف: "إن الضرورة السياسية لتمويل التكنولوجيا في وقت مبكر سوف تفوق المخاوف بشأن القروض المتعثرة المحتملة في وقت لاحق". وأضاف لين أن البنوك في الغرب تقدم عموماً قروضاً متواضعة مقابل حقوق الملكية الفكرية المستقرة المدرة للعائدات التي تحتفظ بها الشركات الناضجة.
وقال إن تفكير الصين في زيادة مثل هذا التمويل لتسريع التكنولوجيا الجديدة سيكون أكثر إثارة للجدل، نظراً لصعوبة تقييم الملكية الفكرية الصينية، والتي معظمها جديدة ومرتبطة بتدفق نقدي محدود. وذكرت وكالة أنباء "شينخوا" الرسمية، أن الصين سمحت بـ 921 ألف براءة اختراع في عام 2023، بزيادة 15% عن العام السابق، وحوالي 4.4 مليون علامة تجارية.
وقال جاو هوا شنج، الأستاذ في كلية التمويل الدولي بجامعة فودان، إن دفع تمويل الملكية الفكرية يهدف إلى دعم الشركات التي تفتقر إلى أصول ملموسة كبيرة، مثل الأراضي أو الآلات. وأضاف أن إدارة الملكية الفكرية الصينية تقدم "إعانات أسعار الفائدة لتحفيز البنوك على إصدار مثل هذه القروض".
وقال جاو: "كان القصد الأولي هو دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة، ولكن في الممارسة العملية، يمكن تطبيق السياسة على نطاق أوسع"، مشيراً إلى أن الجهود جارية أيضاً لإنشاء سوق مزاد أكبر للأصول غير الملموسة في حالة التخلف عن السداد.
شركات مستفيدة
وتوفر اللوائح الحكومية أيضاً، مزيداً من الحرية للقروض المتعثرة في محافظ تمويل الملكية الفكرية، وتعفي موظفي البنوك الذين اتبعوا الإجراءات المناسبة من المسؤولية الشخصية إذا ساءت حالتهم.
وقالت إحدى الشركات، وهي شركة بكين جوكسيندا لتكنولوجيا البيانات، التي تستخدم البيانات الضخمة لتقييم مشاريع العقارات للبنوك والحكومة الإقليمية، إنها اقترضت 8 ملايين رنمينبي بموجب المخطط بسبب استرداد أسعار الفائدة الموعودة.
وقال ممثل الشركة، الذي طلب عدم كشف هويته، "كان القرض مثل الكريمة على الكعكة". وقالوا إنهم سيستخدمون الأموال للتوسع.
واقترضت إحدى هذه الشركات، وهي شركة ييتشون شيانجه لتكنولوجيا الزراعة، وهي مجموعة لتجهيز الأرز في مقاطعة هيلونججيانج شمال شرق البلاد، 10 ملايين رنمينبي بعد مواجهة مشاكل في التدفق النقدي بسبب جائحة فيروس كورونا والأعاصير.
وحصلت شركة ييتشون شينجشون وودز، وهي شركة معالجة الأخشاب في نفس المنطقة، على 4 ملايين يوان بعد أن أدت الزيادة في تكاليف المواد الخام إلى خفض رأس مالها العامل، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية وإخطارات حكومية.
