اكتشف باحثون أبعد مجرة شبيهة بـ"درب التبانة" تمت ملاحظتها حتى الآن، وتُعرف باسم REBELS-25، وهي مجرة قرصية تبدو منظمة مثل المجرات الحديثة التي نراها اليوم، على الرغم من أن الضوء الذي يصل منها يكشف لنا كيف كانت المجرة قبل 13 مليار سنة تقريباً، عندما كان عمر الكون حوالي 700 مليون سنة فقط، وفق دراسة حديثة نشرتها دورية Royal Astronomical Society.
وفي ذلك الوقت المبكر، من المفترض وفقاً لفهمنا الحالي لتكوين المجرات؛ فإن مجرة REBELS-25 في تلك الحقبة تكون في حالة أكثر اضطراباً وفوضوية، لكنها على عكس ذلك ظهرت لنا منظمة بشكل غير متوقع.
واستخدم الباحثون تلسكوبات أتاكاما الكبيرة التابعة للمرصد الجنوبي الأوروبي، إذ اكتشفوا تمتع المجرة بهيكل قرصي وخصائص دوران مشابهة للمجرات الحديثة، وتعتبر هذه النتائج مفاجئة لعلماء الفلك، لأن النماذج الحالية تشير إلى أن المجرات الأولى كانت على الأرجح أكثر فوضوية؛ بسبب معدلات التراكم العالية للمادة والجاذبية المتفاعلة.
ويمنح هذا الاكتشاف العلماء نافذة جديدة لفهم كيفية تشكّل المجرات الأولى في الكون، وعادةً يُعتقد أن المجرات التي ظهرت بعد الانفجار العظيم بوقت قصير تكون في حالة مستمرة من النمو السريع والاندماجات الفوضوية، مما يؤدي إلى تكوينها بشكل غير منتظم، لكن الاكتشاف الجديد يتحدى هذا المفهوم، ويفتح المجال أمام تساؤلات جديدة بشأن كيفية تشكّل المجرات وتطورها في المراحل الأولى من عمر الكون.
وتشير البيانات أيضاً إلى وجود سمات أكثر تطوراً مماثلة لتلك الموجودة في درب التبانة، مثل القضبان المركزية الممدودة والأذرع الحلزونية.
مجرة درب التبانة
وتشير النظريات الحالية إلى أن المجرة لكي تصبح منظمة مثل "درب التبانة" التي تدور بشكل منتظم، وتحتوي على أذرع حلزونية، تحتاج إلى مليارات السنين من التطور، ومع ذلك فإن اكتشاف المجرة الحالية يضع هذه الفرضية على المحك.
ففي الدراسة التي قُبلت للنشر في دورية Royal Astronomical Society اكتشف علماء الفلك أن REBELS-25 هي أبعد مجرة قرصية تدور بقوة تم اكتشافها على الإطلاق، ويصلنا الضوء من هذه المجرة الصادر عندما كان عمر الكون 700 مليون سنة فقط، أي حوالي 5% من عمره الحالي (13.8 مليار سنة)، مما يجعل دورانها المنظم أمراً غير متوقع.
وتُظهر الصور الملتقطة للمجرة أنها ذات دوران قوي، وتشكلت بعد 700 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم ما يجعلها أبعد وأقدم مجرة شبيهة بمجرة درب التبانة تم اكتشافها حتى الآن، كما تكشف عن تفاصيل مهمة حول هذه المجرة البعيدة تتعلق بتوزيع الغاز البارد داخل المجرة، وتُظهر ملامح لوجود بنية شبيهة بـ"شريط ممتد" في مركزها كما توضح حركة الغاز البارد في المجرة.
ويوفر هذا الاكتشاف رؤى جديدة حول سرعة تشكل المجرات وتطورها، ويثير تساؤلات حول الظروف الفيزيائية في الكون المبكر التي قد تكون سمحت بتشكيل مجرات منتظمة في وقت أبكر مما كان يُعتقد، وبالإضافة إلى ذلك يفتح الاكتشاف الباب أمام دراسات مستقبلية لفهم كيفية تشكل الهياكل المعقدة مثل الأذرع الحلزونية ومراكز المجرات في المراحل المبكرة من عمر الكون، مما قد يساعد في إعادة صياغة نماذجنا عن تطور الكون.